الشيخ طــرادْ الفايز...تَجْســيدٌ لـِفَـخـرٍ وأمْــجادْ


كَـتَبَ / أيمن بدر
الشيخَةُ والْمَشيخَةُ
لا تُدَرَسُ في الكليات والجامعات ، وهي ليست رسالةً أو ورقَة بَحْثٍ تُناقَـشُ
ثُمّ تُمنَحُ على إثرها درجة الْمَـشْيَخَة ، إنما هي جيناتٌ يتوارثها الشيخُ من
الآباءِ والأجداد ، وهي وإن كانت إرثاً فهي لا تصلُ للشيخ على طَبَقٍ من راحَةٍ
وذهبْ، بل يسبقُها ويلازِمُها وتَصقُـلُـها صفاتٌ وأخلاقٌ رفيعة ، جُهدٌ وبَذلٌ في
الْشـِـدَة والـرخاءْ ، عطاءٌ في السـراء والضـراء ، تواضَعاً في عِـزّةٍ
وقُوَةً في رَحْـمهْ تَصِلُ بمن يَتَصِفُ بها الى أن يُســمَعَ قـولـُه وَيُــنــفـَذَ
أمْـره ولا يُجــادَلُ فـي فِعْلـِه. لأَنـهُ بَـبَسـاطةٍ قّدْ استحوَذّ على ثِقةِ
وَمَحَبَةَ قومه ورَبعه.
تم دعوتي من قبل سعادة
/ ظاهر عمرو لمجلس الشيخ طراد مسلط الفايز قبل عدة أيام على الغذاء ، فهو
يدعو باسم الشيخ كما يدعو الشيخ بإسمه لعلاقتهم المتميزة ببعضهم البعض وهكذا تكون
العلاقة بين الشيوخ.
كان الموعد المضروب
الساعة الثانية ظُهراً إلا انني تأخرت ساعةً كاملة ووصلت وقد فَرَغَ
القومُ من غذائهم واجتمعوا في المجلس يرتشفون قهوتهم . والمألوفُ والطبيعي
وقد تأخرتُ كلّ هذا الوقت أن أقَدِم إعتذاري لتأخري وأن أختلِطَ بالقوم وأتناول
بمعيتِهِم قهوتي ثم أنصرِف لشأني ، لكّن هيهات ان يكونَ هذا الحالُ في مجالس
الشيوخ. فجميع الشيوخ الذين عرفتهم وعاشرتهم تجمعهم صفات مشتركة وفي طليعتها الجود
والتواضع وإقراء الضيف سواء أكان يعرفه أم لا.
ما أنّ وصلتْ وقَد
هيأتُ كلمات ألإعتذارِ عن تأخري في الحضور حتى إبتدرني ألشيخ بنفسه وأخَذَ بيدي
مُرَحِباً مُبتسِماً تلاشت بدفىء إستقباله ما هيأتُـهُ من مُفرداتُ الإعتِذار
وسارَ معي مُتأبِطاً ذراعي حتى أوصلني لردهةِ الطعام ، مع انّ حوله الكثيرُ
من الرجال ينتظرون إشارةً منه ليقوموا بهذا الدور إلا انه آثر بأخلاق الشيوخِ ان
يستفرِدّ بضيفه بنفسه تاركِاً كل من في المجلس من أصحاب السعادة والمعالي والعطوفة
والشيوخ والعشراتِ من الضيوف وبقي معي حتى تأكدّ من تمام ضيافتي وكأنني المدعو
الوحيد في هذا الجَمْعْ
(فَسَيـدُ الـقـومِ خادِمَهُـمْ ...و.. خــادِمُ
الــقْومِ سَــيدَهُم ) كل هذا مع أنني لم ألتق الرجل من قبل ولا سابق معرفة بيني
وبينه.
المسألة هُنـا ليست
مسألةَ ضيافَةٍ وطعام بِقَدَرِ ما هو إبرازٌ لِبَعْضٍ من أخلاقِ وصفاتِ شيوخٍ
حازوا المحبَةَ والإحترام طوعاً لِسـُمُوِّ أخلاقهم وحُسنِ معاشَرَتِهم
وتواضعهم مع علوِ شأنهم، فَانأ في هذا الجَمعِ مُجَرَدُ شخصٍ عادي ولسْتُ
بِصاحِبِ جاهٍ ولا سُلطان إلا أنني شعرتُ وكأن هذه الدعوة قد أُعدت خصيصاً لي
وأجزِمُ ان كلّ من حضرها قدّ راوده هذا الشُعور ، فالأبي أكرم من إسمه
نصيبٌ وأيُ نصيبْ.
والمسألة كذلك إجابَةٌ على تَساؤلٍ قدّ يُراوِدُ
البَعض وهو كيف سادّ أمثال هذا الشيخ قومه بل وأقواماً غيرهم ، لماذا يَتِمُ
أستقباله في فلسطين إستقبال الفاتحين وتُذبَحُ تحت أقدامه أكثرُ من مآئَةِ ذبيحة ،
لماذا يَفِرُ الناسُ إليه حين تستعصي عليهم مُعضِلة يعجَزون عن حلها ، لماذا يلوذُ
به الصغار والكبارُ رجالاً ونسائاً ويوُدِعونَهُ أسرارهم ، لماذا يُستقبَلُ
إستقبال الزعماء حيثُما حَلّ ونَزَلْ ولماذا تَستنجِدُ به دول حينَ تعجَزُ
عن حَلِ إشكالٍ وقعت به ،،،،نعم دول ،،، الجواب أن المرء يسودُ قومه بالإحسان
إليهم، وبالحكمة والعدل في معاملتهم، وبالقدوة الحسنة في أفعاله وأقواله وتوقيرُ
كبيرهم والعطفِ على صغيرهم والأخذِ من مُحسِنِهم والتجاوزعن مُسيئِهِم.
مآثِرُ هذا الشيخ
ومواقِفُه المُشرفة تجاه وطنه الأردن ووطنه الثاني فلسطين وتجاه قضايا الأمة أكبرُ
من تُخـتَـزَل في كلمات أو كتابات ومقالات فأفعاله وشمآئله جاوزت
منطقتنا الجُغرافة لِتَطالَ الإقليمية و العالمية ، وإليك هذه المأثرةَ
والمَفْخَرة التي تُبْرِزُ بعضاً مما وصلت اليه مكانة هذا الشيخ عالميا وإقليميا
عدا عن مكانته المحليه.
عالميا ......ثلاثة
مواطنين من الجنسية البُلغارية ( مُحايدين ) تم أسرهم من على سفينة في الشواطئ
المُحاذية لليمن، وحين عجزت الدبلوماسية البلغارية عن تحريرهم كان
الشيخ طراد المسلط الفايز الوجهةَ والملاذ. فعن طريق رئيس الجالية الأردنية
في بلغاريا الأردني ( الدكتور محمود الدروايش ) ( والمهندس علي
الفايز ) الأردني الذي يحمل الجنسية البلغارية وصلت ل سعادة ( ظاهر عمرو )
رسالة أوصلها بدوره للشيخ طراد فحواها إستغاثةً لأن يتدخل لتحرير المواطنين
البلغاريين ، وهكذا كان ، فقد عاد المواطنين البلغاريين سالمين لوطنهم وحقق الشيخ
بمعونة من ذُكر من رجالات الأردن المخلصين والفاعلين ما عجزت عنه دولة بلغاريا
بدبلومسيتها وسياستها وإمكاناتها ومكانتها ، ولهذا كان السفير البلغاري في هذا
اليوم ضمن الحاضرين الشاكرين في دعوة الشيخ مُتشرِفاً بمُجالسة هذه القامة الوطنية
الأردنية
أما على الصعيد
الإقليمي العربي ، ورغم الثقل الكبير للعشائر في المملكة العربية السعودية الشقيقة
والكلمة المسموعة لشيوخها هناك إلا أن وساطتها لإنقاذ شخص من القصاص والقتل لم
تفلح في تخليصه ، فكان ثقل ووزن الشيخ وكلمته المسموعة والمجابه ومكانته العشائرية
الأقليمية كما المحلية سببا بعد مشيئة الله في إنقاذ نفس إنسانية من الموت المحتم
قبل ساعات من تنفيذ القصاص.
وما ذكر غيض من فيض
شمائل هذا الشيخ.
الشيخ طراد المسلط
الفايز جُزءٌ من منظومةٍ عشائريةٍ بدوية أردنية قَلّ وعَزّ نظيرها حُقّ لكلِ
أردنيٍ وعربيّ أنّ يُفاخِرَ ويفْخَرَ بها.
لا يجرؤ بعض الناس أن
يكونوا شيوخاً حتى في أحلامهم ، فالمشيخَةَ وإنّ كانت ميزَةً إلا أنها حِملٌ ثقيل
لا يُطيقُهُ إلآ اليسيرُ من الرجال.
عَلى قَدرِ أَهلِ
العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي عَلى قَدرِ
الكِرامِ المَكارِمُ