هل تستطيع اسرائيل التغلب على معضلات حربها على غزة


إسرائيل هيوم
اللواء احتياط عاموس ملكا
المعاضل التي يقف امامها كابينت الحرب مركبة مثلما لم يسبق لها ان كانت. كل واحدة منها حرجة في تأثيرها على تحقيق اهداف الحرب و/ أو على نشوب حرب متعددة الجبهات إقليمية واسعة. في هذا المقال سأركز على المعاضل المتعلقة بالخطوة في قطاع غزة فقط.
هل هدف الحرب المطلق – إبادة كل القدرات العسكرية والسلطوية لحماس – قابل للتحقق ويتطابق والاضطرارات القائمة؟
ان تحقيق هدف كهذا لا يمكنه أن يتم فقط بهجمات جوية وباحباطات مركزة. فهو يستوجب دخولا بريا الى القطاع، بكل اجزائه، على مدى زمن طويل لغرض تطهير وتنظيف كل ثقب، حفرة، نفق وتصفية كبار المسؤولين. لهذا الغرض جندت منظومة احتياط من مئات الاف المقاتلين، يمكن الإبقاء عليها ليس اكثر من بضعة أسابيع او اشهر معدودة.
يجب أن نتذكر انه حتى اذا ما نفذت خطوة برية عميقة وواسعة مع انجاز عملياتي مبهر للغاية، لا توجد أي ضمانة الا تعيد حماس و/او الجهاد الإسلامي نفسيهما، فتبنيان قدرات جديدة وتعودان لان تكونا جسما مسيطرا قادرا على ان يتحدى إسرائيل في المستقبل. ينبغي الافتراض ان في نهاية الخطوة ستكون صفقة تبادل اسرى. في هذه الصفقة سيتحرر الاف السجناء المتواجدين في سجوننا، وسيصبحون مع الزمن جزءا من القيادة الجديدة في القطاع. فقد جلسنا سنوات طويلة في داخل القطاع ولا نزال نجلس في يهودا والسامرة، ورغم ذلك لم نهزم الفلسطيني حتى اختفائه.
معضلة أخرى هي هل خطة عملياتية للجيش الإسرائيلي بمساعدة الشاباك تعرف كيف تستوفي هدفا حربيا مطلقا بهذا القدر؟ اذا كان نعم، يجب التأكد من دخول الخطوة حين يكون الحد الأقصى من الشروط الضرورية قائمة: معلومات دقيقة، اهداف، قدرات عملياتية، أهلية القوات، فهم السيناريوهات والتحديات التي ستظهر في اثناء التنفيذ، وغيرها. لكن اذا كانت توجد فجوة ما بين الهدف وبين قدرة تحقيقه، فواحد منهما يجب أن يتغير! تكييف الهدف مع قدرة التنفيذ او الآنتظار لسد الثغرات في القدرة. مسألة الغاية الاستراتيجية، وضع نهاية القتال ونقل السيطرة في القطاع هي مسائل ثقيلة الوزن تستوجب تعريفات واضحة منذ الآن.
ان الاضطرارات المضادة لخطوة برية سريعة هي أيضا ذات وزن. الضغط الجماهيري والدولي لحل مسألة المخطوفين والأسرى ثقيل جدا. مستوى التعلق بالولايات المتحدة اصبح في الأسبوعين والنصف الأخير اضطرارا مركزيا. أمام وقفة غير مسبوقة من الولايات المتحدة الى جانب إسرائيل، بما في ذلك نشر قوات، رزمة مساعدة امنية هائلة، ومشاركة كبار رجالات الإدارة والجيش الأميركي، لا يمكن للكابينت الا يراعي المصالح الامريكية و "الطلبات" المرتبطة بسياق الحرب. هذه "الطلبات" تتضمن عدة عناصر مركزية: المخطوفون أولا، مساعدة إنسانية، الحرص على القانون الدولي والامتناع عن الآنجرار غير المسؤول لفتح جبهة مع حزب الله من شأنها أن تشعل مواجهة متعددة الجبهات وإقليمية.
كما ان مجال المناورة الدولية سيلعب دورا جوهريا في المعركة. في الغالب في وضع بداية مثلما في 7 أكتوبر، كل عمل سريع
كان سيحصل على "نافذة زمنية" هامة من الساحة الدولية، لكن جزء من هذه النافذة تآكل منذ الآن عقب الآنتظار الطويل والضرر المحيطي في القطاع. نظرا للخطوة البرية التي تترافق ومساعدة جوية مكثفة، وبفرض انه لن تنتهي أي خطوة فقط في شمال القطاع بل ستتواصل جنوبا – فان الاضطرار الدولي سيصبح ثقيلا جدا، وفي النهاية مقيدا جدا.
في سيناريو يكون فيه الحسم على إعادة المخطوفين أولا، فان "صفقة" كهذه ستتضمن تحرير كل السجناء الفلسطينيين المتواجدين في السجون الإسرائيلية وضمانات دولية لعدم مهاجمة الجيش الإسرائيلي للقطاع اذا لم يكن استفزاز من الجانب الغزي. المعنى: الغاء الخطوة الهجومية! اذا كان هذا ما سيكون، يحتمل بالحدث الأمني الحالي ان يهدأ – لكن إسرائيل ستخرج مهزومة ومقيدة، وهدف الحرب لن يتحقق في المدى الزمني القريب.
ان آثار مثل هذا الواقع على مكانة إسرائيل الدولة وعلى ردعها خطيرة. هكذا أيضا بالنسبة لمكانتها بين دول حلف إبراهيم التي رأوا فيها "قوة عظمى أمنية". أثر خطير للغاية سيكون على الجيش الإسرائيلي، النظامي والاحتياط. فنهاية باحساس هزيمة وعدم استنفاد خطوة هجومية من شأنها أن تخلق عدم ثقة بالمنظومة وتخفض الدافعية بشكل متطرف. الأثر الخطير سيكون على سكان الغلاف وعلى سكان حدود لبنان الذين مع جمهور كبير جدا سيفقدون الثقة بالرد الأمني لإسرائيل.