شريط الأخبار
تعهدات أميركية لإسرائيل بتعطيل إعادة إعمار شمال غزة ومنع إدخال “الكرفانات” الشرع رئيسًا انتقاليا لسوريا وحل البرلمان و”حزب البعث” والجيش والفصائل وإلغاء الدستور الفدرالي الامريكي يثبت سعر الفائدة بعد ثلاثة انخفاضات متتالية نهاية العام الماضي الافراج غدا عن 110 اسرى بينهم 33 محكومون بالمؤبد خليل الحية يشيد بمواقف مصر والأردن الرافضة لمخططات التهجير الملك ومسؤولون اوروبيون يبحثون تمتين الشراكة بين الاردن والاتحاد الاوروبي الملك يلتقي العاهل البلجيكي قراءة في تلاقي المعارضة مع الحكومة الاسرائيلية في الحرب: صقور ضد الشعب الفلسطيني الجغبير: بتوجهات ملكية الأردن يرفع مستواه في القطاع الصناعي رئيس مجلس الاعيان يهنيء الملك بعيد ميلاده توقيع اتفاقية تعاون مشترك بين بنك صفوة الاسلامي و المصرف العراقي الإسلامي الملك يشهد توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والاتحاد الأوروبي وزير التعليم العالي: إعلان نتائج طلبات المنح والقروض الخميس حملة أمنيّة على مهربين وضبط متورطين وكميات كبيرة احتفالاً بعيد ميلاد الملك.. مسيرة دراجات ضخمة تنطلق من زين وتجوب شوارع عمّان الحاج توفيق : الجهود الملكية اسهمت ببناء اقتصاد أردني قوي ومنيع الاردنيون يحتفلون بالعيد الثالث والستين لميلاد الملك ولي امر طالب يطعن معلما بماركا الحاج توفيق... تجارة عمان تتطلع لمزيد من التعاون الاقتصادي مع باكستان غوشة النقيب المقبل لـ"المهندسين".. توافقات مرتقب اكتمالها بين "البيضاء" و"نمو" للانتخابات

بذرة التوحش

بذرة التوحش

 د. عاصم منصور 

يقول الكاتب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي في كتابه "ذكريات من منزل الأموات”، والذي حاول أن يوظف فيه تجربته الشخصية كسجين سياسي، في فهم تشكل نفسية وشخصية الجلاد، والوصول إلى البذرة التي تؤدي إلى التوحش: "إن خير إنسان يمكن أن يقسو قلبه، وأن يتوحش طبعه إلى درجة لا يمكن معها تمييزه عن حيوان كاسر مفترس. فالدم والسلطة يسكران، ويساعدان على نمو القسوة والفحش والفجور. فإذا الروح والعقل يصابان بالشذوذ، بحيث يجدان في أغرب الأمور عن الطبيعة السليمة لذّات كبيرة”.

وقد أيد ما ذهب إليه دوستويفسكي الكثير من التجارب العلمية التي أتت لاحقا، وحاولت سبر غور تشكل شخصية الجلاد. من أهمها، تجربة جامعة ستانفورد الشهيرة، التي قام بالإشراف عليها البروفيسور في الجامعة فيليب ريمباردو. إذ قسم خلالها فريقا من المتطوعين، جلّهم طلاب جامعيون، إلى حراس وسجناء، ووضعهم في سجن وهمي، وراقب التغيّر السلوكي الذي قد تحدثه طبيعة المكان، والدور الذي نيط بهم.

لم تكد تمضي ساعات على بداية التجربة، حتى لاحظ أن المتطوعين قد بدأوا بتقمص الأدوار التي نيطت بهم؛ فبدأت مظاهر القسوة وامتهان النفس البشرية تظهر بوضوح على السجّانين، والتي كادت أن تتطور إلى عنف جسدي، ما دفعه إلى إنهاء الاختبار قبل أوانه، وبعد مرور ستة أيام عليه.

وقد عززت نتائج التجربة فكرة "التنسيب المكاني”، والتي تقول إن الواقع هو الذي يسبب سلوك الأفراد، أكثر من أي شيء موروث في شخصيتهم. فبذور غرائز التوحش تكاد توجد في كل فرد من أفراد المجتمع، لكن غرائز الإنسان الحيوانية لا تنمو وحدها، بل تحتاج إلى عوامل مكانية وظرفية لتطغى هذه الغرائز، وتطمس جميع الملكات الإنسانية الأخرى؛ فيتحول الإنسان إلى مخلوق متوحش ومشوه.

وليس غريباً أن يكون السجن الحاضنة الأنسب لهذه التجارب؛ حيث السلطة المطلقة، والغطاء المجتمعي، ما يسهم في انغماس السجان في ممارسة قسوته إلى أقصى مدى. وقد لاحظ معظم من عاش تجربة السجن أن السّجّان يذهب بعيدا في توحشه، أكثر مما يفرضه عليه واجبه الوظيفي.

لكن السجن ليس البيئة الوحيدة الحاضنة للتوحش. فنحن نجد طغيان التوحش كلما سادت الفوضى وشريعة الغاب؛ فنجدها إبان الحروب والثورات تحت مسميات كثيرة، قد تختلف في العنوان والشكل، لكنها تصب في نتيجة واحدة.

فعندما يعتقد الإنسان أن لديه تفويضا من السلطة، سواء أكانت سلطة أرضية أم سماوية متخيلة، فإنه يوغل في القسوة والتوحش، حيث لا رادع ولا وازع، ولينتهي به الأمر إلى الإيمان بسلطته اللامحدودة على أجساد البشر وأرواحهم، والتي كلما أوغل فيها ازداد تعطشه للمزيد منها.