شريط الأخبار
ولي العهد يعلن إطلاق رابط التسجيل في جائزة الحسين للعمل التطوعي تخفيض مجز على الضرائب العامة والخاصة للسيارات.. وتثبيت الخاصة على الكهرباء عند 27% البحث الجنائي يقبض على أربعة متورطين بسرقة سركة طلال ابو غزالة العيسوي: الأردن بقيادته الهاشمية وأبنائه الواعين يصوغ من التحديات فرصًا للتقدم كارثة تعاطي مخدرات بدائية وراء وفاة 3 بالزرقاء.. وهذه هي التفاصيل وفد اقتصادي سعودي كبير يزور الأردن في التاسع من الشهر المقبل لتعزيز الشراكات الاستثمارية مكتب BLK يباشر اجراءات قانونية في دبي بخصوص قضية الباخرة الصينية ISL Bohnia غزة.. هدنة مؤقتة ام نهاية للمحرقة صعوبة الامتحان بين الشكوى والتبرير مطبخ الحملة الأردنية يواصل تقديم الطعام في جنوب غزة - فيديو توجه حكومي لخفض الرسوم الجمركية على السيارات الامريكية غدا.. العيد الحادي والثلاثون لميلاد ولي العهد عطية : الكتلة ستتحرك نيابيا وسياسيا ويطالب لجنة التربية عقد اجتماع عاجل وفاة غامضة لثلاثة اشخاص بالزرقاء ما تزال تحير المتابعين الخصاونة: مغتربون اشتكوا تعذر حصولهم على تأشيرات المرور عبر الأراضي السعودية ايران: منفتحون على اتفاق نووي جديد ونوافق على نقل مخزون اليورانيوم المخصب للخارج لقاء مرتقب بين نتنياهو وترامب ينهي حرب غزة خلال اسبوعين ضمن اتفاقيات اقليمية اوسع تعديل ساعات الدوام على جسر الملك حسين الاسبوع المقبل رفض دفع "خاوة" فطعنه القاتل بصدره معهد وايزمن ليس هدفا عاديا

وليد عبد الحي يكتب: دليل التعامل مع ترامب

وليد عبد الحي يكتب: دليل التعامل مع ترامب


وليد عبد الحي

ليس في الامر مبالغة في افتراض ان ترامب "ظاهرة سياسية "، فهو شخصية قادمة من خارج المرجعيات السياسية التقليدية، وهو الاقل اكتراثا "بالمدرسية السياسية "، فبين نظرية توماس كارليل حول "البطل التاريخي" الذي يرى في نفسه ويراه مجتمعه كذلك بانه يشكل نقطة تحول ايجابية لمجتمعه، وبين منظور براغماتية جون ديوي بان وجود الله مرتبط بمدى النفع منه ،وبين مفهوم المؤسسة بتعريف الكاتب البريطاني هنري فيرلي يمكننا ان نتصور دليلا أوليا لكيفية فهم الرئيس الامريكي ترامب.

ان شعار "اعادة عظمة امريكا"  هو مؤشر على الدور التاريخي الذي اختطه ترامب لنفسه، واعتباره الربح المالي والاقتصادي بالمعنى الدقيق هو مؤشر على براغماتيته، ثم انه لا ينظر الى الولايات المتحدة إلا " كشركة" (مؤسسة)  يجب ان تتمحور قوانينها وقواعدها الناظمة حول انجع الاساليب لتحقيق الغاية المنشودة وهي الربح  والربح قبل اي معيار آخر..

ان شخصية "مدير الشركة الخاصة" التي قضى ترامب  عمره كله فيها هي بؤرة التحليل الانسب لفهم سلوكه السياسي ، فهو لا يقيس النتائج من باب القيم (القانون والديمقراطية وحقوق الانسان ...الخ من شعارات الرؤساء السابقين، بل هو الاقل بين جميع الرؤساء الامريكيين  اشاره لمثل هذه المفاهيم) ولا هو معني بالزهو المعنوي  او الاثراء الفكري ، أن معياره المركزي الذي تربى عليه هو " الربح بالمعنى الاقتصادي".

ويكفي النظر في مراجع ثلاثة لفهم هذه الشخصية، أولا تقرير علماء النفس الامريكيين(35 عالما)، ثم كتاباته حول نفسه ونشاطاته التجارية والعقارية  بخاصة "The Art of The Deal " الصادر عام 1987 والذي يحدد فيه القواعد الأحدى عشر التي وضعها للنجاح مع تركيزه على السيناريوهات الاسوأ، ولعل تكرار تعبير "Winning Again" التي تتكرر في كتابه (Crippled America:How to make America Great Again) دليل على جوهر منظومته القيمية، بل انه يقول في كتابه هذا  حرفيا (my business expertise can be Translated into Government Success"  )أي ان خبرته في عالم الشركات يمكن ترجمتها لنجاح حكومي ، وازعم ان كل ما قاله ترامب في خطاب القسم الاخير هو تكرار يكاد ان يكون حرفيا من هذا الكتاب بخاصة الصفحات من 33- 45( حول الصين والمكسيك والعراق ...الخ). إن ترامب مسكون بشخصية رئيس الشركة الخاصة، ومعروف ان صاحب الشركة الخاصة لا يهمه إلا الربح، ومن يخالفه من موظفيه سيطرده (فترامب كان  خلال ولايته الاولى  هو صاحب أكبر تغيير في تاريخ الرؤساء الامريكيين  في قيادات الهيئات الامريكية ) وهو في ذلك قريب من شخصية ريغان.

اما الرئيس الامريكي الوحيد الذي يتوارى في العقل الباطن لترامب هو الرئيس الخامس والعشرين "وليم ماكينلي" ،ولكن ما الذي يعجبه في ماكينلي ؟، انه كما قال ترامب في خطابه " لانه اثرى امريكا بالتعرفات الجمركية"، فرغم ان هذا الرئيس "ماكينلي " قَلَ ان يُشار له في الدراسات السياسية الامريكية إلا ان ترامب هائم به لانه رآه  من زاوية "الجمارك" التي يشحذ هو الان سيفها على الصين وكندا وغيرهما،  كما ان ترامب لا يختلف كثيرا في نزعة التوسع عن الرئيس الامريكي الحادي عشر (جيمس بولاك)، الذي ضم تكساس وذهب للحرب مع المكسيك بل ورفع سقف تشنج سياسته مع بريطانيا الى الحد الاقصى ،كما يسعى ترامب لتوتر العلاقة مع حلفائه في الناتو او كندا..

ان الرئيس ترامب( مدير الشركة المعني فقط بالربح) لا يهمه في الشرق الاوسط كم قُتل من الفلسطينيين في غزة ؟ ، او الى اين تسير سوريا بحجاب او عارية ؟ ،  او أن تنسحب اسرائيل او لا تنسحب بخاصة انه لم يعد بحاجة الى مساندة من اللوبي اليهودي إلا بمقدار انغماسهم في مشاريع تعظيم أرباحه ، أو تبهت صورة محور المقاومة او تزهو..انه معني بالسوق الشرق الاوسطي من حيث حجم تجارته وفائض تجارته مع المنطقة ، ومعني باستثماراته واحتياطي  النقد فيه وتضييق السوق على السلع المنافسة للمنتجات الأمريكية ، وترامب لديه قناعة كررها مرات عدة ولكنه كان الاكثر وضوحا في سرديته عن اعلانه ضم القدس واعتبارها عاصمة ابدية لاسرائيل وكيف حذره المستشارون والزعماء من ردات فعل كبيرة، لكنه راجعهم بعد القرار قائلا لهم :ارأيتم لم يحدث أي شيء ..ان كل ما يملكونه هو "شجب وأدان واستنكر وابدى اسفه ..".

ذلك يعني ان ترامب لا يرى الشرق الاوسط إلا بقرة حلوبا ، ولن يبدي أي سخاء مع دول حزام  الفقر  فيه، ولا أتفاجأ إذا قلص المساعدات لفقراء الشرق الاوسط، او طلب من اغنيائه مساعدة فقراء المنطقة مقابل ان يحصل على مكاسب تخدم توسيع مشاريعه في دول حزام الفقر...لقد ورد في تقرير علماء النفس ان ترامب لا يتورع عن الابتزاز الى اقصى درجاته إذا شعر انه في وضع يمكنه من ذلك، ولكنه لا يرى ضيرا في أن يواري رعونته إذا رأى في ذلك مكسبا ، فهو يتمسكن ليتمكن".

ذلك يعني ان النهب للخليج قادم، وأنه قد يطلب منه رفع الجمارك بشكل كبير على السلع الصينية لتعديل الخلل التجاري مع الولايات المتحدة ، والذي طالب بان يكون له حصة في ريع الحج لماذا لا يطلب بعضا من ريع قناة السويس  بحجة ان امريكا ضربت انصار الله لوقف التضييق على التجارة البحرية..وقد يطلب مزيدا من الثمن لوجود قواعده في الخليج لحماية انظمته السياسية ، فهاهو يطلب من اوروبا مزيدا من تخفيف اعباء امريكا في نفقات الناتو..

ويبدو ان المؤسسة الحاكمة ستغض الطرف عن اي تصرف للرئيس طالما ان ريع تصرفاته يصب في جيب المؤسسة، فشركات انتاج السلاح ومجمعها(Military industrial complex ) ستسانده إذا زاد الطلب على السلاح الامريكي بخاصة من  دول الخليج ، وشركات البترول والمصانع المدنية ستسانده إذا تمكن من خفض العجز التجاري لامريكيا، وستسانده قوى الانتاج الصناعي إذا خفف شروط الانتاج بعد الانسحاب من اتفاقية باريس..وهكذا يتكامل المشهد بين  كارليل وجون ديوي والمؤسسة

لكن تبقى البجعة السوداء حاضرة ، فالربح غير المنضبط " او الراسمالية المتوحشة" قد تحمل في احشائها نقيضها، فالرصاصة التي لامست أذن ترامب في المرة السابقة ، قد تكون أكثر دقة في المرة القادمة    ...ربما.