شريط الأخبار
تعهدات أميركية لإسرائيل بتعطيل إعادة إعمار شمال غزة ومنع إدخال “الكرفانات” الشرع رئيسًا انتقاليا لسوريا وحل البرلمان و”حزب البعث” والجيش والفصائل وإلغاء الدستور الفدرالي الامريكي يثبت سعر الفائدة بعد ثلاثة انخفاضات متتالية نهاية العام الماضي الافراج غدا عن 110 اسرى بينهم 33 محكومون بالمؤبد خليل الحية يشيد بمواقف مصر والأردن الرافضة لمخططات التهجير الملك ومسؤولون اوروبيون يبحثون تمتين الشراكة بين الاردن والاتحاد الاوروبي الملك يلتقي العاهل البلجيكي قراءة في تلاقي المعارضة مع الحكومة الاسرائيلية في الحرب: صقور ضد الشعب الفلسطيني الجغبير: بتوجهات ملكية الأردن يرفع مستواه في القطاع الصناعي رئيس مجلس الاعيان يهنيء الملك بعيد ميلاده توقيع اتفاقية تعاون مشترك بين بنك صفوة الاسلامي و المصرف العراقي الإسلامي الملك يشهد توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والاتحاد الأوروبي وزير التعليم العالي: إعلان نتائج طلبات المنح والقروض الخميس حملة أمنيّة على مهربين وضبط متورطين وكميات كبيرة احتفالاً بعيد ميلاد الملك.. مسيرة دراجات ضخمة تنطلق من زين وتجوب شوارع عمّان الحاج توفيق : الجهود الملكية اسهمت ببناء اقتصاد أردني قوي ومنيع الاردنيون يحتفلون بالعيد الثالث والستين لميلاد الملك ولي امر طالب يطعن معلما بماركا الحاج توفيق... تجارة عمان تتطلع لمزيد من التعاون الاقتصادي مع باكستان غوشة النقيب المقبل لـ"المهندسين".. توافقات مرتقب اكتمالها بين "البيضاء" و"نمو" للانتخابات

وليد عبد الحي يكتب: دليل التعامل مع ترامب

وليد عبد الحي يكتب: دليل التعامل مع ترامب


وليد عبد الحي

ليس في الامر مبالغة في افتراض ان ترامب "ظاهرة سياسية "، فهو شخصية قادمة من خارج المرجعيات السياسية التقليدية، وهو الاقل اكتراثا "بالمدرسية السياسية "، فبين نظرية توماس كارليل حول "البطل التاريخي" الذي يرى في نفسه ويراه مجتمعه كذلك بانه يشكل نقطة تحول ايجابية لمجتمعه، وبين منظور براغماتية جون ديوي بان وجود الله مرتبط بمدى النفع منه ،وبين مفهوم المؤسسة بتعريف الكاتب البريطاني هنري فيرلي يمكننا ان نتصور دليلا أوليا لكيفية فهم الرئيس الامريكي ترامب.

ان شعار "اعادة عظمة امريكا"  هو مؤشر على الدور التاريخي الذي اختطه ترامب لنفسه، واعتباره الربح المالي والاقتصادي بالمعنى الدقيق هو مؤشر على براغماتيته، ثم انه لا ينظر الى الولايات المتحدة إلا " كشركة" (مؤسسة)  يجب ان تتمحور قوانينها وقواعدها الناظمة حول انجع الاساليب لتحقيق الغاية المنشودة وهي الربح  والربح قبل اي معيار آخر..

ان شخصية "مدير الشركة الخاصة" التي قضى ترامب  عمره كله فيها هي بؤرة التحليل الانسب لفهم سلوكه السياسي ، فهو لا يقيس النتائج من باب القيم (القانون والديمقراطية وحقوق الانسان ...الخ من شعارات الرؤساء السابقين، بل هو الاقل بين جميع الرؤساء الامريكيين  اشاره لمثل هذه المفاهيم) ولا هو معني بالزهو المعنوي  او الاثراء الفكري ، أن معياره المركزي الذي تربى عليه هو " الربح بالمعنى الاقتصادي".

ويكفي النظر في مراجع ثلاثة لفهم هذه الشخصية، أولا تقرير علماء النفس الامريكيين(35 عالما)، ثم كتاباته حول نفسه ونشاطاته التجارية والعقارية  بخاصة "The Art of The Deal " الصادر عام 1987 والذي يحدد فيه القواعد الأحدى عشر التي وضعها للنجاح مع تركيزه على السيناريوهات الاسوأ، ولعل تكرار تعبير "Winning Again" التي تتكرر في كتابه (Crippled America:How to make America Great Again) دليل على جوهر منظومته القيمية، بل انه يقول في كتابه هذا  حرفيا (my business expertise can be Translated into Government Success"  )أي ان خبرته في عالم الشركات يمكن ترجمتها لنجاح حكومي ، وازعم ان كل ما قاله ترامب في خطاب القسم الاخير هو تكرار يكاد ان يكون حرفيا من هذا الكتاب بخاصة الصفحات من 33- 45( حول الصين والمكسيك والعراق ...الخ). إن ترامب مسكون بشخصية رئيس الشركة الخاصة، ومعروف ان صاحب الشركة الخاصة لا يهمه إلا الربح، ومن يخالفه من موظفيه سيطرده (فترامب كان  خلال ولايته الاولى  هو صاحب أكبر تغيير في تاريخ الرؤساء الامريكيين  في قيادات الهيئات الامريكية ) وهو في ذلك قريب من شخصية ريغان.

اما الرئيس الامريكي الوحيد الذي يتوارى في العقل الباطن لترامب هو الرئيس الخامس والعشرين "وليم ماكينلي" ،ولكن ما الذي يعجبه في ماكينلي ؟، انه كما قال ترامب في خطابه " لانه اثرى امريكا بالتعرفات الجمركية"، فرغم ان هذا الرئيس "ماكينلي " قَلَ ان يُشار له في الدراسات السياسية الامريكية إلا ان ترامب هائم به لانه رآه  من زاوية "الجمارك" التي يشحذ هو الان سيفها على الصين وكندا وغيرهما،  كما ان ترامب لا يختلف كثيرا في نزعة التوسع عن الرئيس الامريكي الحادي عشر (جيمس بولاك)، الذي ضم تكساس وذهب للحرب مع المكسيك بل ورفع سقف تشنج سياسته مع بريطانيا الى الحد الاقصى ،كما يسعى ترامب لتوتر العلاقة مع حلفائه في الناتو او كندا..

ان الرئيس ترامب( مدير الشركة المعني فقط بالربح) لا يهمه في الشرق الاوسط كم قُتل من الفلسطينيين في غزة ؟ ، او الى اين تسير سوريا بحجاب او عارية ؟ ،  او أن تنسحب اسرائيل او لا تنسحب بخاصة انه لم يعد بحاجة الى مساندة من اللوبي اليهودي إلا بمقدار انغماسهم في مشاريع تعظيم أرباحه ، أو تبهت صورة محور المقاومة او تزهو..انه معني بالسوق الشرق الاوسطي من حيث حجم تجارته وفائض تجارته مع المنطقة ، ومعني باستثماراته واحتياطي  النقد فيه وتضييق السوق على السلع المنافسة للمنتجات الأمريكية ، وترامب لديه قناعة كررها مرات عدة ولكنه كان الاكثر وضوحا في سرديته عن اعلانه ضم القدس واعتبارها عاصمة ابدية لاسرائيل وكيف حذره المستشارون والزعماء من ردات فعل كبيرة، لكنه راجعهم بعد القرار قائلا لهم :ارأيتم لم يحدث أي شيء ..ان كل ما يملكونه هو "شجب وأدان واستنكر وابدى اسفه ..".

ذلك يعني ان ترامب لا يرى الشرق الاوسط إلا بقرة حلوبا ، ولن يبدي أي سخاء مع دول حزام  الفقر  فيه، ولا أتفاجأ إذا قلص المساعدات لفقراء الشرق الاوسط، او طلب من اغنيائه مساعدة فقراء المنطقة مقابل ان يحصل على مكاسب تخدم توسيع مشاريعه في دول حزام الفقر...لقد ورد في تقرير علماء النفس ان ترامب لا يتورع عن الابتزاز الى اقصى درجاته إذا شعر انه في وضع يمكنه من ذلك، ولكنه لا يرى ضيرا في أن يواري رعونته إذا رأى في ذلك مكسبا ، فهو يتمسكن ليتمكن".

ذلك يعني ان النهب للخليج قادم، وأنه قد يطلب منه رفع الجمارك بشكل كبير على السلع الصينية لتعديل الخلل التجاري مع الولايات المتحدة ، والذي طالب بان يكون له حصة في ريع الحج لماذا لا يطلب بعضا من ريع قناة السويس  بحجة ان امريكا ضربت انصار الله لوقف التضييق على التجارة البحرية..وقد يطلب مزيدا من الثمن لوجود قواعده في الخليج لحماية انظمته السياسية ، فهاهو يطلب من اوروبا مزيدا من تخفيف اعباء امريكا في نفقات الناتو..

ويبدو ان المؤسسة الحاكمة ستغض الطرف عن اي تصرف للرئيس طالما ان ريع تصرفاته يصب في جيب المؤسسة، فشركات انتاج السلاح ومجمعها(Military industrial complex ) ستسانده إذا زاد الطلب على السلاح الامريكي بخاصة من  دول الخليج ، وشركات البترول والمصانع المدنية ستسانده إذا تمكن من خفض العجز التجاري لامريكيا، وستسانده قوى الانتاج الصناعي إذا خفف شروط الانتاج بعد الانسحاب من اتفاقية باريس..وهكذا يتكامل المشهد بين  كارليل وجون ديوي والمؤسسة

لكن تبقى البجعة السوداء حاضرة ، فالربح غير المنضبط " او الراسمالية المتوحشة" قد تحمل في احشائها نقيضها، فالرصاصة التي لامست أذن ترامب في المرة السابقة ، قد تكون أكثر دقة في المرة القادمة    ...ربما.