طوفان العائدين لشمال غزة.. منزرعون بين الدمار


ماجد توبه
تتويجا اخر لانتصار الشعب الفلسطيني في
قطاع غزة رسم عشرات الاف الفلسطينيين اليوم لوحة ملحمية اسطورية جديدة عندما انطلق طوفان
العائدين الغزيين من جنوب القطاع الى شماله المدمر والمخرب بالة الحرب الصهيونية
على مدى 15 شهرا.
طوفان العائدين واغلبهم حفاة لم يتبق
لهم شيء من متاع او لباس اوأكَلهم الجوع وخسروا الكثير من الاحباء والعائلات شهداء
في سبيل الحرية، شكلوا لوحة اذهلت العالم وصدمت الصهاينة من شعب جبار يتمسك
بكرامته وارضه ومقاومته، ويعود لانقاض مناطقه وبيوته بديلا عن الهجرة الى حياة
جديدة تعدهم بها الولايات المتحدة والغرب والمتواطئون معهم.
يوم حج كبير.. لكنه هذه المرة الى
الكرامة والعزة والانزراع بالارض بعد كل سيل الشهداء والمصابين والثكالى والارامل
والايتام.. الاعلام الاسرئيلي الذي تابع المشاهد المباشرة للطوفان الفلسطيني
العائد لم يستطع ان يخفي انه دليل اخر على هزيمة الكيان بعد ان عجزوا عن اجتثاث
المقاومة ودفعها لرفع الراية البيضاء، وبعد ان اضطروا صاغرين لعقد صفقة تبادل
الرهائن.
طوفان فلسطيني يدشن فصلا جديدا من قضية
شعب ينزع للحرية بكل ثمن ويتمسك بارضه وارض اجداده ومصر على كسر ارادة المحتل الذي
لم تنفعه كل اسلحة الارض وجرائمها ودعم اكبر دولة طاغية في الارض. وهناك في الجانب
الاخر.. شعب مَنّوهُ بالنصر الساحق وجلب امن واستقرار ابدي واذا بهم يتداعون حائرين
في كيفية التعامل مع اصحاب الارض التاريخيين، وتبدا رحلة الانقسامات الداخلية في
الكيان الهش، وليستعدوا لطوفان من نوع اخر، طوفان من الهاربين من منطقة وارض
تلفظهم ولم تؤمن لهم الاستقرار والامن والازدهار، لن نصبر كثيرا حتى نرى التداعيات
الداخلية التي تكسر اخر ما تبقى من المجتمع الهش والكيان المصطنع، والهجرات
المعاكسة.
سيقاتل المجرم نتنياهو حتى الرمق الاخير
داخليا وخارجيا ليتجنب خسارتين، الاولى بمحو اسمه من سجل الخزي والعار الذي ضرب في طوفان الاقصى بسبعة اكتوبر والثانية انقاذ رقبته من السجن ومزبلة التاريخ..
لكنه كما كل الطغاة والمجرمين يتهاوون ويتحطمون بلحظات بعد ان تظنهم وصلوا اقوى
لحظاتهم واوضاعهم..
انتهى فلسطينيو غزة اليوم من الحرب
العسكرية على الاقل بصورتها الحادة والابادية، لكن حربا جديدا بدات امامهم، حرب
الاعمار واعادة الحياة لغزة .. حرب يكملون فيها الصبر والثبات والانزراع في
ارضهم.. لن تكون حربا سهلة ولا مفروشة بالورود.. لكنها لن تكون اقسى من حرب
الابادة التي تحملوها كما لم يتحملها شعب اخر.. حرب كبيرة لا خيار فيها الا
الانتصار.. الانتصار فقط!