تكتيك بتسكين الأزمات في أول احتكاك عربي بساكن البيت الأبيض


مصلحة الأردن فوق كل
اعتبار".. تأكيد ملكي من واشنطن
سعد حتر
لغة الجسد والنبرة في
قمة واشنطن تفيض بدلالات ورموز تشي بعمق الفجوة بين موقفي الملك عبدالله الثاني
والرئيس الأمريكي دونالد ترمب. ففي أول احتكاك عربي مع البركان الهائج في البيت
الأبيض، "تكتك" الملك موقف المملكة الاستراتيجي بلغة دبلوماسية رزينة
وكلمات مقتضبة.
"عليَ أن أعمل لما فيه مصلحة بلدي"، جاء
ردّه على سؤال حول الموقف من تهجير الفلسطينيين إلى المملكة.
وترك باب النقاش مواربا
بإعلانه قربَ صدور خطّة مصرية بإطار عربي لإعادة إعمار غزة دون ترحيل سكانّها
الخارجين من أفظع حرب إبادة في العصر الحديث. "من الصعب تنفيذ (الخطط
المطروحة) بما يخدم مصلحة الجميع"، أوضح الملك، ثم أردف: "يجب أن ننتظر
لنرى الخُطة المصرية".
ورفع مشعل البعد
الإنساني بإعلانه استقبال 2000 طفل غزّي من المرضى والمصابين، امتدادا لشريان
الإغاثة الأردني المتدفق صوب القطاع المنكوب منذ 15 شهرا.
أما "تاجر
البندقية"، فبدا مصمّما على حشر القضية الوطنية القومية - لشعب
"التغريبة" المتناسلة منذ ثلاثة أرباع القرن - في سياق عقاري مادي ربحي
ينذر بنسف الاستقرار الهش في شرق المتوسط.
تذكير وتصويب
بعد دقائق من القمّة
والمحادثات الأردنية-الأمريكية الموسّعة، أطلق الملك سلسلة تغريدات توضيحية - على
منصة إكس - لتأكيد موقفه من مقترحات ترمب وصليات "بلالين" اختباره
المتلاحقة منذ بدء ولايته الثانية.
أوضح في التغريدات أنه
"أكد (لترامب) أن مصلحة الأردن واستقراره، وحماية الأردن والأردنيين بالنسبة
لي فوق كل اعتبار". كما أعاد تأكيد "موقف الأردن الثابت ضد تهجير
الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية"، مذكّراً بأن ذلك يندرج ضمن "الموقف
العربي الموحد".
وشدّد على "أولوية
إعادة إعمار غزة دون تهجير أهلها، والتعامل مع الوضع الإنساني الصعب في
القطاع"، مذكّرا بأن "السلام العادل على أساس حل الدولتين هو السبيل الوحيد
لتحقيق الاستقرار في المنطقة".
عين على الضفّة
كما أكد لترمب
"ضرورة خفض التصعيد في الضفة الغربية لمنع تدهور الأوضاع هناك، بما سينعكس
بآثار سلبية على منطقة الشرق الأوسط بأكملها".
وهذا يتطلب تفعيل
"الدور القيادي للولايات المتحدة" في الاتجاه الصحيح.
وهكذا سعى إلى إعادة
تسليط الضوء على أسِ الأزمات في القدس المحتلة وسائر الضفة الغربية الملاصقة
للمملكة، بعد أن باتت مِرجلا يغلي بالموت والدمار تحت سطوة الآلة العسكرية
الإسرائيلية.
"جسّ النبض" الأردني لباروميتر واشنطن - قبل
القمّة العربية الطارئة المقررة في 27 شباط/ فبراير - ما هو إلا مستهل مفاوضات
شاقّة مع الإدارة الجمهورية لثنيها عن مجاراة بنيامين نتانياهو في جرّ المنطقة
المضطربة أصلاً إلى صراعات بلا نهاية.
وعلى وقع مخرجات لقاء
الملك-ترمب، يبدو أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أرجأ زيارته إلى "عاصمة
القرار" الأمريكية في انتظار وضع بصمة عربية على الخطة المصرية في قمة
القاهرة، لإعمار غزّة بلا تهجير ومآسٍ إنسانية.