غزة.. صباحٌ آخر من الدم


يسري الغول *
صباحٌ آخر من الوحشية
التي تجاوزت كل وصف. أربعون شهيدًا سقطوا على تراب رفح، ومئات الجرحى تناثروا على
الأرض وهم يصرخون جوعًا وألمًا ورعبًا، فقط لأنهم أرادوا أن يحيوا ليومٍ آخر.
ذهبوا ليجلبوا كيس دقيق؛ فعادوا في أكياس الموت.
أُطلقت النار بدمٍ بارد
من دباباتٍ لا ترى في الفلسطيني إنسانًا، بل هدفًا متحركًا. لم يكونوا مسلحين، لم
يصرخوا إلا بكلمة: "جوعى". كانت عيونهم نحو الأمل، وأقدامهم تجرّ
خيبتهم، وقلوبهم ترتجف خوفًا من الغدر. ومع ذلك، قُتلوا.
هكذا تتجلى معاني
"المساعدات" في قاموس الولايات المتحدة وإسرائيل: الطحين يُقدّم مقابل
الإذلال، وإذا رفعت عينيك قليلًا نحو الشاحنة يُطلق عليك الرصاص.
هل جربتم يومًا أن يموت
والدكم وهو يبحث عن لقمة لكم؟
هل تذوقتم طعم الحزن
حين يذهب ابنكم ليأتيكم بطعام فلا يعود أبدًا؟
نحن لسنا مشهدًا في
نشرة أخبار، ولسنا مجرد أرقام تتصاعد في تقرير يومي. نحن بشر، نحلم، نتألم، وننزف
مثل باقي البشر. لكننا وحدنا نُحاسب على جوعنا، ويُعاقب أطفالنا على رغبتهم
بالحياة.
نعم، نحن نطالب بتدخلٍ
عادل وقوي، نطالب بصرخة إنسانية توقف هذا الذبح العلني.
نطالب بأن يُنظر إلينا
كأمهات وآباء وأبناء وبنات، لا كأهداف على خريطة الحرب.
نحن لا نريد أكثر من
الحياة…
فهل هذا
كثير؟
·
كاتب وروائي
فلسطيني من غزة