قبس من فتيل روح الشهيد غسان كنفاني


د. طارق سامي خوري
*"حين تخون الوطن، لن تجد تراباً يحن عليك يوم
موتك، ستشعر بالبرد حتى وأنت ميت"*
هذه المقولة ذات
المعاني العميقة كانت تكفي لإغتيال صاحبها الذي ازعج الكيان الصهيوني وازعج الآخرين
الذين بدأوا مبكراً في التخطيط لبيع فلسطين وشعبها فما بالكم بإنتاجها الثقافي
والابداعي الذي كان يسير بغزارة ويغزو عقول الثوار والشباب والأطفال ويحرضهم على
الفعل المقاوم ويتنبأ بالمستقبل ويكشف الطريق للثوار الحقيقين لئلا ينزلقوا في
أتون البيع والتفريط؛ لذلك قررت الدوائر الصهيونية المعنية بالتخطيط لإنهاء
مشروع غسان كنفاني المقاوم لاسكات صوت من أصوات الحق النوعية والاستثنائية.
هذه الخطوة شكلت مفتاح شهية لتوجيه
سهام العدو الصهيوني نحو نوعين من رجالنا, رجال المقاومة الفلسطينية دون سواهم...
الأول والأهم الكتاب
والصحفيين والمثقفين والمبدعين لما لهؤلاء من تأثير فعال في اوساط الشعب الفلسطيني
والعربي خاصة في عنصر الشباب مما أقلق ويقلق قادة العدو الصهيوني، ومن لديه طموح
سياسي عبر أشكال التفاوض المُذلة مع العدو والتي نعيش اليوم من جنى غلالها المدمرة..
أما النوع الآخر فهم
القادة العسكريين خاصة اولائك الذين استهدفوا العمق الصهيوني داخل فلسطين
والمجالات الحيوية لهم في أوروبا والتي اوجعتهم في الصميم.
إذ ليس من باب الصدفة
أن يتم تصفية الشاعر الفلسطيني الكبير "معين بسيسو" ثم يتبعه الرسام
والفنان الفلسطيني العالمي "ناجي العلي” بدم بارد لإخماد ريشته الملهمة حتى
اللحظة ولها تأثيرها الفعال لدى الشباب وأصبح حنظلة ايقونة الشهادة
وبعمق مأساة الشعب الفلسطيني في محاولة لأهمية ديمومة الثورة الفلسطينية حتى
النصر والتحرير الكامل لتراب فلسطين.
وما بين غسان وناجي
الكثير من الكتاب والمثقفين أمثال "حنا مقبل" و"نبيل عرنكي”, وأيضا
ليس من قبيل الصدفة أن يتم اغتيال القادة الثلاثة كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف
النجار وسط بيروت بعملية نوعية واخرى تستهدف الرمز الثاني في الثورة الفلسطينية
أبو جهاد بعيداً في تونس في محاولة للتخلص من مهندس انتفاضة الحجارة والقطاع
الغربي وقبل ذلك وديع حداد خاطف الطائرات ومرعب أوروبا وبعد ذلك مهندس
المفخخات يحيى عياش وما قبلهما وبعدهما الكثير من الشهداء الأبرار.
للأسف أن القاسم
المشترك في عمليات استشهاد هذه الثلة من خيرة ثوار فلسطين أن هناك إختراق داخلي
حقيقي على مستوى عالٍ لتحقيق مكاسب سياسية كان من الضروري لتحقيقها أن يتم
إزاحة هؤلاء من الطريق وإلى الأبد.
في ذكرى استشهاد غسان
كنفاني
8/7/1972
يجب أن يحضر الحق...
وأن لا ننسى شهداؤنا ملح الأرض وبخورها المقدس فحين ننساهم حتما تنسانا الكرامة.