صرخة في واد!!


د. محمد علي النجار
(ورشة عمل وطنية عقدت أمس السبت الهدف
منها مناقشة سبل حماية الموارد المائية في وادي الأردن وتعزيز الجهود الوطنية في
مواجهة التحديات المتصاعدة في قطاع المياه والاعتداءات على المياه ووقف التعديات
والإبلاغ عن المعتدين. وتمت الإشادة بدور الضابطة العدلية والموظفين المعنيين
بملاحقة المخالفات، وصولاً إلى الدور المحوري للنيابة العامة في ضبط المعتدين
وإحالتهم إلى القضاء لتحقيق الردع العام والخاص والتشديد على أهمية تنفيذ القوانين
لمواجهة الاعتداءات التي تتعرض لها منشآت المياه، خاصة في ظل تزايد الحاجة إلى
الموارد المائية).
وفي الحقيقة فإننا منذ سنوات نقرأ
عن ضبط تعديات على المياه متنوعة الوسائل .. متعددة الطرائق .. مختلفة الأماكن .. إلا
أننا في المقابل لا نقرأ عن أحكام رادعة لهؤلاء ولا لأولئك!!!.
نحن نعاني من أزمة مياه .. وكم نحن
بحاجة إلى ورش عمل حقيقية تعالج واقعنا الصعب .. ولا أدري إن كانت هذه الورشة ورشة
تجميلية إعلامية تضاف إلى سجل الإنجازات .. أم أنها عالجت بالفعل جانبًا مهمًا من
جوانب أزمتنا المائية ..
بين الفينة والأخرى يخرج علينا مسؤول
بتصريح يوحي بأنه صاحب الإنجازات في الناقل الوطني!! وينسى هؤلاء جميعًا أننا
جلسنا سنوات في حالة استرخاء بانتظار مشروع قناة البحرين، ولم نكلف أنفسنا خلال
هذا الانتظار بالبحث عن مصادر أخرى للمياه حتى وإن تم تنفيذ المشروع الذي توقف.
وبدأنا نفكر في مشروع الناقل الوطني
الذي جلسنا أيضًا معه باسترخاء .. وكنا نفتقر إلى الدقة في التخطيط وزارة بعد
وزارة .. ووزير بعد وزير بانتظار البدء فيه .. وأسفرت جهودهم جميعًا عن عدم الوفاء
بالوعود؛ ففي الوقت الذي وعدوا فيه بالانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع الناقل
الوطني، وبدء الإنتاج في هذا العام 2025م .. فإنه من المتوقع أن يبدأ - متأخرًا
سنوات - الشروع في العمل في المشروع مع نهاية العام الحالي!!!.
الحديث في أزمة المياه التي نعاني
منها منذ عقود ذو شجون، فكم وزارة شُكلت؟ وكم وزير تعاور على الوزارة؟! وبقيت
المشكلة على حالها مكانك سر .. بالرغم من اهتمام جلالة الملك في وقت مبكر بالأمر ..
وتوجيهه - حفظه الله - للحكومات المتعاقبة .. وتنبيهه إلى خطورة الوضع. إلا أننا
كنا تقليديين في نظرتنا للأزمة .. نبحث عن مبررات لها بدل البحث عن حلول .. وقبلنا
بالأمر الواقع بدل التفكير المبدع خارج الصندوق .. وما نزال نعيش نفس الطرائق في
الاستسلام لهذه الأزمة والقبول بالتعايش معها!!.
كنت أتمنى لو كانت الورشة التي عقدت
في إحدى قاعات فندق كراون بلازا .. مؤتمرًا عقد في قاعة بإحدى جامعاتنا الأردنية،
وبحضور المتخصصين في علوم المياه والتربة - وهم كُثر - يطرحون أبحاثهم .. ويناقشون
أفكارهم .. ويضعون خارطة طريق للخروج من هذه الأزمة .. فدول كثيرة في هذا العالم
استطاعت أن تخرج من عنق الزجاجة بفضل علمائها في وقت نمتلك فيه من العلماء
والخبراء والباحثين والمستشارين نخبة يحق لنا أن نعتز بها ونفخر بانتمائها.
وبعد .. فإنني دائمًا أحرص على شعور
الآخرين .. وألمح ولا أصرح .. وأهمس في الآذان .. ولكني اليوم أريد أن أصرخ باسم
كل محب لهذا الوطن الغالي .. باسم كل غيور عليه .. باسم المؤمنين بأن الأردن يستحق
منا أكثر مما نظن .. أصرخ متمنيًا على الجميع كل في موقعه أن يتق الله في هذا
الوطن .. وأن يبذل كل طاقته لرفعته وتقدمه وازدهاره .. والمساهمة في غرس الأمل في
النفوس بأن الغد هو الأجمل حقًا، وهذا لا يتحقق إلا إذا صلح أمر مؤسساتنا
ووزاراتنا وموظفينا كبارهم قبل صغارهم .. لم يعد لدينا ترف الانتظار .. فالمتابعة
والإصلاح والعدالة مطلب لا ينتظر التأخير في جميع وزاراتنا إن أردنا انطلاقة
حقيقية في المئوية الثانية.
فهل تصل هذه الصرخة إلى آذان من
يهمهم الأمر؟ أو هي صرخة في واد .. أو في بئر ماء لا يسمع صداها إلا صاحبها؟!.
والله من وراء القصد،،،