حين تُصبح الملاحظات الوطنية تُهماً


د. طـارق سـامي خـوري
في كل مرة كتبتُ فيها
ملاحظة إصلاحية أو طرحتُ فكرة أو مقترحًا يعود بالنفع على الوطن والمواطن، كنت أظن
أنني أؤدي واجبي بكل صدق وموضوعية. لم تكن غايتي إلا الخير العام، ولم يكن في
خاطري إلا أن أُسهم، ولو بكلمة في تصويب مسار أو إضاءة زاوية غابت عن المعنيين.
لكن، للأسف، بدأت ألحظ
أن بعض المسؤولين لا أعمم، باتوا ينظرون إلى النقد البنّاء وكأنه عداء، وإلى
الملاحظات كأنها تحريض، وإلى الاقتراحات كأنها استهداف للحكومة، لا دعوة لتطويرها.
ومع هذه النظرة، أصبح الحديث الصادق يُفسَّر بما لا يحتمل، وتُحمَّل الكلمة ما لا
تقول، ويُساء فهم الدافع النبيل.
لذلك، ومن باب
المسؤولية، لا من باب اليأس، قررت التوقّف مؤقتًا عن كتابة الملاحظات والمقترحات
إلى أن يأتي ظرفٌ تتقدّم فيه العقول على الظنون، ويُستمع فيه للرأي لا لمصدره،
ويُقيَّم فيه الكلام بميزان الفكرة لا بهواجس التهمة.
قراري ليس انكفاءً، ولا
تراجعًا عن محبتي للوطن، بل هو مساحة للتأمل، كي لا أُعطي فرصة لمن يهوى الاتهام،
أو لمن يجد في كل رأي صادق خصومة.
أقول قولي هذا، واستغفر
الله لي ولكم.