شمسي....و ....قمري


بقلم / سوسن الحلبي
إني أراكما... حقًا أراكما...
أنتما هنا معي... حولي أينما التفتُّ... تمدَّان لي يديكما الرقيقتين... وأنا أحاول إمساكهما... ربما لا أستطيع... لكنني أشعر بقربهما...
هنا، على سريرٍ دافئٍ نمت ليالٍ طوال... كان حنانكما يغطّيني...
كيفما استدرتُ... وكانت أنفاسكما تمنحني الحياة... وكأنني كنت أحيا بنبض قلبيكما...
كان مذياع أمي يصدح دومًا بتراتيل عطرة... وتسابيحها وصلواتها تحيط دومًا بالمكان...
أما تلفاز أبي فكان يتنقّل من أثيرٍ إلى أثير... يبحث عن شيءٍ يفرحنا به... ونجلس أمامه متسامرين... نحتسي الشاي... نتناول بعض الحلوى... ونرقب ساعة الأخبار حين تأتي... ليقال لنا: "الآن اجلسوا بلا حراك!!"
ويحين موعد آذان المغرب... فنهيئ أنفسنا للخروج إلى الشرفة... لنجلس سويًا... نطالع القمر والنجوم... ونستمع إلى تلك القصص التي كان أبي يحب أن يحكيها... كنا نستمع إلى القصة أحيانًا أكثر من مئة مرة... وحين يمرُّ وقتٌ طويلٌ لا يحكيها، نطلب منه أن يحكيها مجددًا... لا لشيءٍ... سوى أننا كنا نفرح بحديثه...
وما زلنا إلى الآن نحكي قصصه... ونتذكر كلّ قولٍ لهما...
فحديثهما لم يكن مجرد كلمات... بل حلمٌ جميلٌ لا ينتهي... دائم التجدد من حولنا... وفي أرواحنا... ذكرى جميلة دائمة الحضور... نرددها كلّما غصَّنا الحنين... ووددنا أن نحيا معهم بعضًا من ذاك الماضي الجميل...