شريط الأخبار
لليوم الخامس.. الاف الاردنيين يحتشدون قرب سفارة اسرائيل احتجاجات تقاطع بايدن ضد سياسته تجاه غزة بحفل جمع تبرعات الاحتلال يحذر مستوطنيه من السفر للاردن انخفاض طفيف على الحرارة وحالة ضعيفة من عدم الاستقرار الجوي 38 شهيدا بضربات اسرائيلية لحلب السورية "الاقتصاد الرقمي" تغلق 24 تطبيق نقل ركاب لعدم ترخيصها الاردن يرحب بالقرار الجديد لمحكمة العدل الدولية "العدل الدولية" اامر اسرائيل باجراءات لادخال المساعدات لغزة مندوب الملك وولي العهد يشارك بتشييع الفريق طارق علاء الدين المحكمة تقرر تعويض مستثمر بـ 15.5 مليون دينار من بلدة الرصيفة سلب سريلانكية بالتهديد باداة حادة غرف الصناعة تطالب باشتراط اسقاط الحق الشخصي للعفو عن مصدري الشيكات قراءة استراتيجية: مخطط إسرائيل بتدمير حماس يقترب من الفشل "الاعيان" يقر قانون العفو العام اصابة 3 مستوطنين بجروح باطلاق نار في الاغوار "ذا إيكونوميست”: في لحظة قَوتها العسكرية.. إسرائيل ضعيفة للغاية صورتاه وهو ينتحر.. تبرئة شقيقتين من قتل والدهما في عمان ارتفاع الحرارة اليوم .. وعدم استقرار جوي ضعيف الجمعة والسبت تصعيد كبير على حدود لبنان وشهداء.. وصواريخ حزب الله تنهمر "الكهرباء الاردنية" تؤسس شركة لشحن المركبات الكهربائية

المواطنة قرار لا خيار

المواطنة قرار لا خيار
اقتصاديات جريحة وتركة ثقيلة بعد أعوام الربيع العربي. تشير الوقائع إلى أن عام 2012 كان الأكثر سواداً من النواحي الاقتصادية والسياسية في العالم العربي، ولم يكن الحال بأفضل منه في الأعوام التي تلته وصولا إلى كارثة الجائحة العالمية المتمثلة في وباء كوفيد – 19 الذي ما زال العالم يئن تحت وطأة الوباء منذ نهاية عام 2019 وحتى الآن.
لقد أفرز الربيع العربي مشكلات تفاقمت حتى أضحت كوارث منها: نقص السيولة، ونقص الإيرادات العامة، تزايد عجز الموازنات العامة، تزايد حجم الدين وخدمته، نقص في الإنتاج، تراجع في حجم الصادرات، تراجع في عوائد السياحة، زيادة النفقات العسكرية.
كلما عاش الفرد في بيئات متناغمة ومنسجمة ومتقاربة في غاياتها ، تكون مواطنته أكثر عمقاً وقوة ومتانة... لكن في الدول الهامشية غير محددة الملامح والأطر وربما الهوية، فإن الفرد يكون مشتتاً بولاءات وانتماءات متعددة ومتباينة أحياناً أو متناحرة في أحايين.
ينشأ هذا الفصام في المواطنة عندما تكون قيم وأهداف الفرد متباينة لدرجة التناقض في ظل بيئات متصارعة يعيشها هذا الفرد، فقد يكون الفرد في أسرة تحمل قيماً وطنية تختلف عنها في المدرسة أو الجامعة ، وتختلف عنها في العمل، وفي الحزب وفي النادي أو الجمعية، وفي العشيرة، أو المذهب، أو الطائفة، او الطبقة، أو الجهة أو النقابة وما شابه.
لقد أصبح مبدأ المواطنة في القرن العشرين على الخصوص هو أساس قيام الدول واستمرارها وهو يقوم على خمسة أسس: الحرية، والمساواة بين الناس، والحق في ممارسة الحريات الأساسية، والمشاركة في السلطة، وحكم القانون، وقد ظهرت هذه المبادئ في الحضارة الغربية وتطورت عبر قرون وقرون، وينسبُها الأوروبيون إلى البزوغ اليوناني، والتطوير الروماني لكن مما لا شك فيه أن سائر حضارات العالم القديم والوسيط أسهمت في التوصل إليها ولولا عذابات الأفارقة والآسيويين ونضالاتهم ضد الاستعباد والاستعمار في القرنين الماضيين لما صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (عام 1948م).
إن العلاقة النوعية التي تميز الدولة الوطنية من الدولة القطرية، في الوضع العربي، هي المواطنة، وتعني الموافقة أو التوافق والمشاركة والاعتماد المتبادل، لأن كل مواطن يقوم بوظيفة ضرورية للآخرين. المواطنة علاقة أو رابطة حديثة ذات محتوى اجتماعي اقتصادي وسياسي وثقافي وأخلاقي، تتعدى العلاقات والروابط ما قبل الوطنية أو ما قبل القومية كالعشائرية والمذهبية والمحلوية أو الجهوية وما إليها، وتقوم بإزاء هذه التحديدات الذاتية تحديداً موضوعياً يشمل سائر أفراد المجتمع المعني والدولة المعنية.
المواطنة صفة موضوعية لا تقبل التفاوت والتفاضل، كالإنسانية سواء بسواء، فليس بين أبناء الوطن الواحد وأعضاء المجتمع المدني الواحد والدولة الوطنية الواحدة من هو مواطن أكثر من الآخر، أو إنسان أكثر من الآخر؛ ومن ثم فلا سبيل إلى أي نوع من أنواع الامتيازات المعروفة في الدولة ما قبل الوطنية، (والدولة القطرية، من هذه الزاوية، دولة ما قبل وطنية وما دون وطنية؛ فهي إما دولة طغمة أو دولة عشيرة أو دولة حزب أو دولة طائفة، أو كل هذه مجتمعة، ولذلك كانت دولة امتيازات، لا دولة حقوق، وعلاقاتها الداخلية علاقات ولاء وتبعية شخصية ومباشرة، لا علاقات مدنية دستورية وقانونية). الدولة الوطنية دولة حق وقانون لجميع مواطنيها على السواء. وعدم التتفاوت والتفاضل في المواطنة وفي الإنسانية هو الأساس الواقعي لمساواة المواطنين أمام القانون.
إن قوام المواطنة منظومة من الحقوق الطبيعية الثابتة والحقوق المدنية المكتسبة والالتزامات المتبادلة، والحريات الأساسية، تعينها جميعاً، في كل مرة، نسبة القوى الاجتماعية وعلاقاتها المتبادلة وموقع كل منها على سلم الإنتاج الاجتماعي الذي تتجلى فيه ماهية المجتمع المعني أو الأمة المعنية، وتتحدد في ضوئه وعلى أساسه الهوية الوطنية أو القومية، فماهية مجتمع ما هي ما ينتجه هذا المجتمع بالفعل على الصعيدين المادي والروحي. ومن ثم فإن مفهوم المواطنة مرادف لمفهوم المشاركة في الإنتاج الاجتماعي وفي الشأن العام؛ وهو، على صعيد الفرد نزوع أصيل إلى الكلية التي تتعين في المجتمع المدني والدولة الوطنية، وفي الجماعة الإنسانية التي هي مستقبل الجميع.
في ضوء هذا التحديد تبدو لنا المواطنة حكم واقع، لأنها انتماء موضوعي إلى وطن، إلى مجتمع ودولة؛ والوطنية حكم قيمة وتحديداً ذاتياً للفرد والمجتمع والدولة؛ فلا وطنية بلا مواطنة، ولا مواطنة بلا حقوق مدنية وحريات أساسية؛ ومن ثم فإن نفي حكم الواقع هو نفي حكم القيمة المرتبط به أوثق ارتباط، وبالمقابل فإن نفي صفة الوطنية عن فرد أو مجموعة أفراد أو عن جماعة دينية أو مذهبية أو إثنية أو ثقافية أو لغوية يضمر نفي صفة المواطنة عن ذلك الفرد أو هذه الجماعة أو تلك، وينفي في الوقت ذاته صفة الوطنية عن الدولة وعن سلطتها السياسية التي تفعل ذلك.
فالوطن يقوم على العناصر الماديّة والمعنويّة – الروحيّة، إضافةً إلى عنصر فعال يعلوها جميعاً, منبثق من روحها جميعاً, هو عنصر الإرادة الجماعيّة في العيش المشترك وصنع المصير المشترك بقيم وطنيّة - إنسانيّة شموليّة. ولا يمكن أن تتجسّدَ هذه الإرادة الجماعيّة - وهي محصّلة وجدان الأمّة الجماعي- إلاّ في مجتمع ديمقراطي البنيّة وفي إطار دولة ذات نظام ديمقراطي يضمن حقوق المواطنين ويترسخ بفضل قيامهم بواجباتهم نحوه والتزاماتهم تجاه الأمّة أي إتجاه بعضهم بعضاّ.
الوطنيّة الواعية والمخلصة ذات البعدين: العاطفي والفكري، تحتاج إلى مناخ اجتماعي وسلطوي ديمقراطي كي تتفتّح وتتحقّق وتستمرّ, وإلا بقيت نزعة عاطفيّة عابرة تظهر في ظروف معيّنة ثم تختفي. فالمواطن لا يمكنه أن يكون وطنيّاً, بالمعنى الواقعي, إلاّ إذا ضَمِنَ له الوطن حقوقه في المساواة والعدالة الاجتماعيّة والحريّة وسواها من مقوّمات الديمقراطيّة. فالديمقراطيّة تشعره بأنّه عضو فعّال في المجتمع, ومشارك في مقرّرات الدولة. عندئذ يتماهى ومجتمعه, ويتوحّد ودولته, فيصير منها وتصير منه. هذه هي الوطنيّة السليمة الجديرة باسمها.
من هنا تبدو لنا الدولة الوطنية، دولة الحق والقانون التي يرى فيها جميع مواطنيها بلا استثناء صورتهم السياسية وموطن اعتزازهم الأدبي.
وللحديث صلة .....
majedalkhawaja3@gmail.com