ثمة مصلحة أردنية .. في إستمرار المقاومة الفلسطينية


عوض ضيف الله الملاحمة
أرى انه على الأردن ان
يدعم المقاومة في الأراضي المحتلة دعماً قوياً عظيماً ، ان لم يكن الدافع
لمساندة الأشقاء من منطلق الإلتزام القومي ، فليكن من منطلق قُطري ، أناني ، مصلحي
، ذاتي ، وطني ، أردني بحت.
الإستهداف الصهيوني
للأردن جليّ ، وواضح ، ومكشوف ، ومعروف ، بل ومُعلن على الأشهاد ، ويعلنه العدو في
كافة المحافل الدولية ، ولا أحد يُلجِمه ، او يوقفه ، او يقول له كُفّ عن هذا
العبث ، والتشويه ، والإساءة ، والإستهانة بدولة عضو في الأمم المتحدة وكافة
الهيئات الدولية . لذا ما علينا الا الإستعداد ، وإنتهاج اي أسلوب لتأجيله ، او
تعطيله ، او إفشاله ، او حرفه عن مساره اذا تمكنا . ومن الأدوات المتاحة للتأثير
عليه هو دعم المقاومة الفلسطينية في الداخل الفلسطيني في الأراضي المحتلة .
كما أرى انه من الغباء
الإحتماء بالقواعد الاجنبية لمواجهة الخطر ، ولا تهديد يتهدد الأردن الا من الكيان
الصهيوني ، ويستحيل ان يحمينا الأمريكان من الكيان اذا استهدفنا لأن الدعم
الأمريكي المُطلق للكيان يدفع الأمريكان لمساعدة الكيان لتنفيذ مخططاته حتى لو
كانت تُنهي الأردن وجودياً . بل على العكس أرى ان وجود القواعد الأمريكية والغربية
يعتبر نقطة إرتكاز للعدو عند إستهدافه الأردن .
وحتى لا يكون الكلام
مُرسلاً ، وعلى عواهنه ، ومجرد سرد إنشائي ، سأحاول ان أذكر المنافع التي تنعكس
على الأردن من دعمه للمقاومة الفلسطينية في الداخل للتأثير سلباً على مخططات العدو
وإستهدافه للأردن الوطن وجودياً:—
١ )) دعم المقاومة الفلسطينية في الداخل ( يُشغِل
العدو ) ، لأنها تعيق من تمكنه وإحكام سيطرته على الأراضي المحتلة ، لذا
سيكون ذلك عقبة كأداء في إنتقاله لمرحلة أخرى من مشروعه التوسعي .
٢ )) إستمرار عمليات المقاومة الفلسطينية سيزيد من
اعداد المهاجرين الصهاينة ( هجرة معاكسة ) ، وذلك يتمثل بمغادرة الأراضي المحتلة
والعودة الى أوطانهم الأصلية التي جاءوا منها ، لعدم شعورهم بالأمان .
٣ )) توقف ( هجرة الصهاينة القادمين ) الى الأراضي
المحتلة ، لأن إستمرار المقاومة يُشعرهم بعدم الأمان ، لذا لن يغادروا أوطانهم
الأصلية الآمنة ، ويهاجرون الى منطقة غير آمنة .
٤ )) إستمرار المقاومة في الداخل يُنهك العدو
الصهيوني ( عسكرياً )
.
٥ )) كما يربكه ( إقتصادياً ) ، خاصة عندما يجبرون
على إستدعاء الإحتياط الذين يعملون في العديد من الشركات ، مما يعيق عمليات
الإنتاج والنشاط التجاري عموماً.
٦ )) إستمرار عمليات المقاومة يُنهك العدو ( مالياً )
، مما يضر بالكيان وبرامجه ومخططاته للتوسع وبناء المستوطنات وخلافه .
٧ )) ومن الفوائد الكبرى لدعم المقاومة في الداخل (
تخلخل البنية الإجتماعية) داخل الكيان ، الهشة أصلاً ، لغياب التوافق
والإنسجام بين هؤلاء اللّمم ، ويُحدِث إنشقاقات وإنقسامات خطيرة في مجتمع يخلو من
عناصر الإنسجام سوى من مقولة أرض الميعاد ، الذين تقاطروا من كل حدبٍ وصوب على
فلسطين.
٨ )) إستمرار المقاومة الفلسطينية أدى ( لتراجع
التأييد الشعبي الدولي للصهاينة ) ، بل وظهور تأييد ساحق وغير مسبوق وغير مشهود
للقضية الفلسطينية . وما المظاهرات والإعتصامات التي تشهدها اغلب مدن العالم الا
دليلاً أكيداً على هذا التحول الكبير في التأييد العالمي .
٩ )) هذا التأييد الجماهيري العالمي خاصة في دول
الغرب ( سينعكس في صناديق الإقتراع ) بعد سنوات ، حيث سنشهد تحولاً رسمياً معززاً
للتحول الشعبي .
١٠ )) تنامي ( التيار اليهودي المعادي للصهيونية )
داخل الكيان وخارجه . وحركة ناطوري كارتا مثال على ذلك ، حيث يتوقع ان عدد أعضائها
ربما قارب المليونين . كما بدأت الحركات اليهودية المعارضة للصهيونية تتنامى وتكبر
وتزداد نشاطاتها حيث زادت اعدادها عن ( ١٠ ) منظمات .
١١ )) ( إنكشاف ظهر الأردن عربياً ) ، إستنتاجاً لما حصل
من تخاذل عربي رسمي تجاه القضية الفلسطينية . حيث أصبح من السذاجة الركون لأي دعم
عربي فيما لو واجه الأردن اي إستهداف صهيوني من اي نوع .
١٢ )) ضرورة الإعتماد على ( القدرات الأردنية ) ببناء
وإنشاء مقاومة شعبية أردنية رصينة ومدربة ومسلحة ، تستند على ( المتقاعدين
العسكريين ) لرفد جيشنا العربي والمقاومة الشعبية.
١٣ )) الشروع ببناء ( الملاجيء العامة ) ،
وإشتراط ان يكون ( لكل بيت ملجأ ) في المباني التي ستنشأ حديثاً .
١٤ )) دعم المقاومة الفلسطينية ( يدعم الجبهة الداخلية
الأردنية ) .
العمل وفق الممكن على
تأخير مخططات العدو التي يستهدف بها الأردن ، فيه مصلحة أردنية كبرى . لأن تأخير
المشروع الصهيوني الذي يستهدف الأردن ربما يصادفه تغير كبير في ( التوازنات الدولية
) ، وخاصة إذا تراجع الإستفراد الأمريكي وتحول العالم من أُحادية القطبية الى تعدد
الأقطاب ، وهذا سيؤدي ربما الى إنحسار الدعم الأمريكي خاصة والغربي عامة للعدو
الصهيوني . وهذا ان لم يؤدِ الى تلاشي الكيان ، سيؤدي الى إنكفاءه على نفسه ،
والتخلي عن مخططاته التوسعية.
هناك سلبية واحدة لدعم
المقاومة الفلسطينية تتمثل في إصرار العدو على ( تهجير الفلسطينين ) للأردن ،
لكنها ربما تكون قضية جدلية . فاذا صمد الفلسطينيون في أرضهم سواء في غزة او
الضفة ، فهذا تكمن فيه مصلحة أردنية عظمى . واذا أصرّ العدو على التهجير فإن
فيه ضرراً كبيراً على المقاومة الفلسطينية ، وينعكس هذا الضرر على الأردن .
حتى لا نقول أُكِلتُ
يوم أُكِل الثور الأبيض ، وحتى لا نندم حيث لا ينفع الندم ، إدعموا المقاومة
الفلسطينية دعماً قوياً لأن فيه مصلحة وطنية أردنية عليا ، ففي مقاومتهم دفاع غير
مباشر عن الأردن . لو وددنا الإنكفاء عن دعمها من منطلق قومي ، علينا ان ندعمها من
منطلق وطني أردني.
علينا ان لا نستهين في
دور المقاومة الشعبية في تحرير الأوطان ، ومقاومة المحتلين . لأن المقاومة تُضعف
الجيوش الجرارة وتهزمها في أحايين كثيرة ، وتؤذي المعتدي وتصيبه في مقتل .
والتاريخ الإنساني يشهد انه ما إنزاح إحتلال جاثم على صدر أُمة الا بالمقاومة
الشعبية .
ما دامت القضية
الفلسطينية حيّة ، والمقاومة مستمرة ، فان مصير العدو اما الإندثار او الإنحسار .
وفي الحالتين لو تحققت إحداهما فإن فيها مصلحة أردنية وجودية عظيمة .