الأردن على مفترق طرق اقتصادي


إعداد: م. نبيل إبراهيم حداد
مستشار إنشائي
يقف الاقتصاد الأردني
أمام لحظة حاسمة. فالبطالة والمديونية وعبء الطاقة تشكل تحديات ثقيلة، لكن في
المقابل يمتلك الأردن مزايا فريدة؛ من شباب مؤهل، وموقع استراتيجي، وقطاعات واعدة.
والسؤال المطروح اليوم ليس: هل هناك تحديات؟ بل: هل نستطيع تحويلها إلى فرص من
خلال إصلاحات جريئة ورؤية وطنية مشتركة؟
الأردن على مفترق طرق
اقتصادي: التحديات والفرص للنمو
يقف الأردن اليوم عند
مفترق طرق حاسم في مسيرته الاقتصادية. فبالرغم من التحديات المستمرة، يمتلك الأردن
مقومات وقوى كامنة يمكن أن تتحول – إذا ما اقترنت بإصلاحات جادة – إلى مسار للنمو
المستدام والازدهار لشعبه.
التحديات الحالية
لا يزال الاقتصاد
الأردني يواجه عقبات هيكلية عديدة. إذ يُعَدّ ارتفاع معدلات البطالة، وخاصة بين
الشباب والخريجين، من أبرز التحديات. كما يشكّل ارتفاع المديونية العامة وضيق
الحيز المالي عائقًا أمام قدرة الحكومة على الاستثمار في التنمية. وتفرض واردات
الطاقة عبئًا كبيرًا على ميزان المدفوعات، بينما تستمر حالة عدم الاستقرار
الإقليمي في التأثير سلبًا على حركة التجارة وتدفقات الاستثمار. يضاف إلى ذلك
التعقيدات البيروقراطية وتفاوت تطبيق القوانين، مما يضعف بيئة الأعمال ويُثبط روح
المبادرة والاستثمار الأجنبي.
القوى الكامنة
لكن خلف هذه التحديات
تبرز قوى كامنة غالبًا ما يتم التغاضي عنها. فالموقع الجغرافي الاستراتيجي للأردن
يجعله مركزًا طبيعيًا للتجارة واللوجستيات والتكامل الإقليمي. كما أن القوى
العاملة المتعلمة والقابلة للتكيف تمثل ركيزة قوية للابتكار والصناعات الخدمية.
وقد حقق الأردن تقدمًا ملموسًا في التحول الرقمي والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى
قطاعات متخصصة مثل الصناعات الدوائية، والسياحة، وخدمات التعهيد في تكنولوجيا
المعلومات. كما أن شراكاته الدولية الواسعة وسمعته كدولة مستقرة في منطقة مضطربة
تمنحه ميزة إضافية.
الإصلاحات المطلوبة
لتحويل هذه المقومات
إلى محركات نمو، يحتاج الأردن إلى تبني إصلاحات جريئة. في مقدمتها تبسيط الإجراءات
البيروقراطية ورقمنة الخدمات الحكومية لتعزيز الكفاءة والشفافية. كما أن توسيع مشاريع
الطاقة المتجددة يقلل من الاعتماد على الواردات المكلفة، فيما يساهم دعم المشاريع
الصغيرة والمتوسطة في خلق فرص عمل جديدة. ويُعَد إصلاح التعليم أمرًا حيويًا
أيضًا، إذ يجب مواءمة المناهج مع متطلبات السوق لإعداد الشباب الأردني بشكل أفضل
للقطاعات الناشئة. وأخيرًا، فإن تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتشجيع
الاستثمارات القائمة على الابتكار سيسرع من وتيرة النمو ويخفف من الاعتماد على
الإنفاق الحكومي.
الطريق إلى الأمام
إن مفترق الطرق
الاقتصادي الذي يواجهه الأردن ليس طريقًا مسدودًا، بل نقطة تحول. فمن خلال سياسات
رشيدة، وإصلاحات استراتيجية، وتركيز متجدد على رأس المال البشري، يمكن للمملكة أن
تحوّل تحدياتها إلى فرص حقيقية. وما هو مطلوب الآن هو رؤية وطنية مشتركة تجمع بين
الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق هدف واحد: بناء اقتصاد أكثر مرونة،
وشمولية، وتنافسية.