شريط الأخبار
عاجل الملك باتصال مع ترامب: ضرورة وقف اطلاق النار بغزة وايصال المساعدات الملك يبحث مع امير قطر ورئيس الامارات التنسيق العربي بدء مفاوضات غير مباشرة بين المقاومة واسرائيل بشرم الشيخ.. وحماس تتوقع مباحثات “صعبة ومعقدة” الملك يغادر في زيارة عمل إلى السويد تثبيت سعر تنكة زيت الزيتون بين 100 الى 110 دنانير "الوطني لدعم المقاومة" يطالب باسناد عربي اسلامي للمقاومة ضد المخططات الصهيونية ولي العهد يلتقي الفائزين بجائزة الحسين بن عبدالله الثاني للعمل التطوعي حملة لتوزيع رايات الهيكل على مختلف وحدات جيش الاحتلال بالتزامن مع التحضير لاقتحامات واسعة للأقصى تحقيق صادم: مسؤولة أممية متهمة بمساعدة "إسرائيل" على تجويع غزة واستخدام المساعدات كسلاح سوريا: حين انتُخب العدم... أسرع انتخابات في التاريخ! أغرب أنتخابات بالعالم: 8 الاف سوري فقط تم اختيارهم لينتخبوا 140 نائبا!! فيما لم يسقط لاسرائيل أي ضحية بسورية رغم عربدتها.. لسعة دبور تقتل جندي احتلال بالجولان الرئيس الصربي بعد الهنجاري: الحرب ستندلع وجميع دول العالم تستعد لها حزب الله: خيار المقاومة وسلاحها سيبقى... ولن يستطيع أحد المساس به مكافحة الجرائم الإلكترونية تجدّد تحذيراتها من اساءة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة (فيديو) وفاة طبيب وممرض بحادث سير باربد معادلة النار والسرد في مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار هيومن رايتس: إسرائيل قتلت ما يعادل صفا دراسيا من الأطفال يوميا.. وأبادت عائلات بأكملها نائبة أمريكية: معظم القادة الأمريكيين مهووسون بالحروب وتغيير الأنظمة البدادوة يعلن إنهاء اعتصام القلابات ويحدد الأربعاء المقبل لحل الخلاف

معادلة النار والسرد في مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار

معادلة النار والسرد في مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار


وائل منسي

تدخل المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس مرحلة دقيقة، تتقاطع فيها المعطيات الميدانية بالحسابات السياسية، وسط ضغوط دولية متزايدة ومشهد إنساني متدهور يضع الجميع أمام استحقاق أخلاقي واستراتيجي

المبادرة الأمريكية الراهنة تُقدَّم كإطار مرحلي يجمع بين انسحاب إسرائيلي تدريجي وإطلاق متزامن للرهائن، لكنها تواجه عراقيل على الأرض وصراعاً محتدماً على من يمتلك رواية "الانتصار" أو "الصمود".

 

حماس في مقاربتها التفاوضية، تركز على حماية صورتها كقوة صامدة غير مهزومة، وتنفي بإصرار أي حديث عن تسليم سلاحها أو القبول بوصاية خارجية على غزة، لأن ذلك يُضعف رصيدها الداخلي ويهدد وحدة جناحيها السياسي والعسكري

وفي المقابل، تتحرك إسرائيل على خيط رفيع بين حاجتها لتحقيق "إنجاز أمني" يرضي جمهورها الداخلي، وخشيتها من الانزلاق إلى مواجهة إقليمية أو فقدان الغطاء الدولي

لذا فهي تمارس لعبة التناقض المزدوج: تصعيد في التصريحات والميدان لتكريس الضغط، يقابله تلميح بالمرونة لإبقاء الأبواب مفتوحة أمام اتفاق مشروط.

 

في هذا السياق، تلعب القوى الوسيطة  الولايات المتحدة ومصر وقطر  دوراً معقداً في هندسة توازن هشّ بين الأمن والسياسة والإنسانية. واشنطن تسعى لتحويل الأزمة من حالة حرب إلى إدارة تكنوقراطية لغزة بإشراف دولي، ضمن رؤية انتخابية أمريكية تحاول حفظ ماء الوجه داخلياً وخارجياً.

 أما القاهرة والدوحة فتهدفان لتثبيت دورهما الإقليمي كضامنين رئيسيين للاستقرار. بالتوازي، تتصاعد موجات الاحتجاج الشعبي في العواصم الأوروبية والعربية، وتتحول الكارثة الغزية إلى ملف قانوني وأخلاقي يضغط على حلفاء إسرائيل، بينما تتسع رقعة التوتر عبر ضربات بالطائرات المسيّرة من أطراف إقليمية داعمة للمقاومة.

 

من قلب هذا المشهد المركّب تتشكل المعادلة المفهومية الجديدة: "التنفيذ مقابل السرد". فنجاح أي اتفاق لن يُقاس بنصوصه بل بقدرته على خلق توازن ميداني قابل للتسويق سياسياً وإعلامياً. إسرائيل تسعى لفرض سردية "النصر الأمني"، وحماس تريد تثبيت رمزية "الثبات والانتصار المعنوي"، فيما الوسطاء يبحثون عن مخرج واقعي يُظهرهم كصانعي سلام مرحليين قادرين على تهدئة الجبهة.

 

لكن خلف هذه الشعارات تتوالد السيناريوهات والتكتيكات المتبادلة.

السيناريو الأول الأكثر ترجيحاً  يقوم على اتفاق مرحلي محدود: وقف إطلاق نار مؤقت، إطلاق دفعة أولى من الرهائن، وانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية تحت مراقبة دولية.

 في هذا السيناريو، التكتيك الإسرائيلي سيكون اختبار التزام حماس بالهدوء، بينما تراهن الأخيرة على كسب الوقت لإعادة التموضع سياسياً وإعلامياً.

أما السيناريو الثاني  فيتجلى في تجمّد تفاوضي مع تصعيد محدود، حيث تتحول الطائرات المسيّرة والضربات المتقطعة إلى أدوات ضغط تفاوضي، وتشتد الحرب الإعلامية لتحديد الطرف "المتعنت".

 هنا يستخدم الطرفان التكتيك السردي لتثبيت موقع تفاوضي أفضل دون الدخول في حرب شاملة.

في المقابل، يبقى السيناريو الثالث هو انهيار المفاوضات وعودة الحرب المفتوحة وهو الاحتمال الأخطر، إذ يعني تصعيداً عسكرياً واسعاً من إسرائيل تحت ذريعة "فشل الوساطة"، ما قد يدفع أطرافاً إقليمية للتدخل بشكل غير مباشر.

أما السيناريو الرابع  فيتعلق بـ حل سياسي طويل الأمد عبر إدارة دولية أو عربية لغزة مقابل ترتيبات أمنية، لكنه يصطدم برفض حماس وممانعة إسرائيل الداخلية، ما يجعله أقرب إلى ورقة تفاوضية مؤجلة لا إلى خيار واقعي.

 

ضمن هذه السيناريوهات، تتبلور التكتيكات الميدانية والسياسية على النحو الآتي:

 

الوسطاء مطالبون بفرض آليات تنفيذ واضحة ومراحل متسلسلة، مع ضمانات رقابية صارمة لتفادي انهيار الاتفاق.

 

حماس مطالبة بالحفاظ على تماسك جناحيها العسكري والسياسي، وتجنّب الاستدراج إلى فخ التنازلات الرمزية.

 

إسرائيل تسعى لاستثمار أي هدنة مؤقتة لتثبيت وجودها الاستخباري في غزة تحت غطاء "المراقبة الدولية”.

 

الدول الإقليمية تحاول منع تمدد الصراع إليها عبر الضغط السياسي بدل الانخراط العسكري.

 

المجتمع الدولي يوسّع أدوات الضغط الحقوقي والإعلامي، ويستخدم ورقة الكارثة الإنسانية كمدخل لمساءلة دولية قد تغيّر شكل الاصطفافات السياسية في المرحلة القادمة.

 

خلال الـ72 ساعة المقبلة، ستتضح المؤشرات الحاسمة: إعلان رسمي من الوسيط الأمريكي أو المصري يحدد جدول تبادل الأسرى، أو نفي من حماس لأي أساس للاتفاق، إلى جانب رصد استمرار الغارات الإسرائيلية أو توقفها، واتساع رقعة الاحتجاجات في أوروبا، وتزايد الضربات المسيّرة في الميدان.

كل إشارة من هذه ستكون بمثابة مِسبارٍ لقياس جدية الأطراف وقدرتها على الانتقال من التكتيك إلى التنفيذ.

 

 المعركة تدور على مستويين متوازيين: ميداني وسردي. فالرصاص والرسائل الإعلامية وجهان لصراع واحد، يُدار بمنطق الضغط المتبادل. والمخرج المرجّح هو اتفاق مرحلي مشروط بالضمانات التنفيذية، يقدّم للأطراف استراحة تفاوضية أكثر من كونه نهاية للحرب

أما غياب هذه الضمانات، فسيعيد الجميع إلى مربع النار الأول، لتبقى غزة عنواناً لمعادلة إقليمية متجددة تُختصر بثنائية: من يملك الأرض... ومن يملك الرواية.