يوم العودة الملحمية


ماجد توبة
لم يكد ينسحب جيش
الاحتلال الاسرائيلي من مناطق في قطاع غزة وفق الاتفاق الجديد انهمر شلال من عشرات
الاف الغزيين في طريق العودة الى مناطقهم ومنازلهم التي دمرت وسويت بالارض في
مدينة غزة وشمال القطاع، في مشهد استحق بالفعل وصف "العبور الملحمي"
للشعب الفلسطيني عودة لارضه لا خروجا وهروبا عمل جيش الاحتلال عليه لمدة عامين،
قصفا وتدميرا وتجويعا وتعطيشا.
منذ ما قبل دخول وقف
اطلاق النار حيز التنفيذ استعد عشرات الالاف ووقفوا تحت الشمس اللاهبة
محملين بما تبقى لهم من اشياء واغراض لا تستر عريا، بانتظار السماح لهم بالعودة
لمناطقهم المدمرة، هي مقاومة وبطولة من نوع اخر تكمل مقاومة السلاح والحرب، مقاومة
الصمود والثبات وعدم اعادة كارثة النكبة الفلسطينية بالتهجير والخروج من الوطن.
عودة ملحمية تقشعر لها
الابدان وعشرات الالاف يسيرون على اقدامهم، صغارا وكبارا ونساء وشيوخا، يحملون ما
تيسر وما تبقى من متاع يساعدهم على صمود تعجز عنه الجبال. مشهد وصفه اعلام
اسرائيلي بانه "مخيف ومفاجيء" بعد كل هذه الابادة الجماعية ومئات الاف اطنان
القنابل والمتفجرات على رؤوسهم.
لقد علمتنا القضية
الفلسطينية وباقي قضايا التحرر الشعبية ان النصر على العدو المدجج بكل سلاح الارض
لا يتم فقط بالسلاح والمقاومة العنفية، بل بالصمود والثبات والتضحيات والتمسك
بالحياة على ارض الاجداد حتى لو فتحت امامهم كل جنان الارض.
العودة الملحمية
للشعب الفلسطيني في غزة قابله ويقابله منذ بداية طوفان الاقصى هجرة معاكسة
للمستوطنين من "اسبارطة نتنياهو" المزعومة، وتوقف الهجرة القادمة من
شتات الارض لارض صدقوا يوما انها ستكون ارض العسل والامن والرخاء للمحتل الغاصب.
لن تكون المرحلة
المقبلة سهلة ولا رحيمة بالشعب الفلسطيني ولا بغزة بلا شك، لكنه شعب كالعنقاء يخرج
من تحت الرماد كلما دفنوا مقاومته بحرب وعدوان عاد الشعب ليخرج ويحلق من تحت
الرماد، وليجدد مقاومته التي لن تنتهي الا بالعودة الملحمية الكبرى.. الى هناك..
حيث فلسطين التي تم السطو عليها بليل عام 1948 ، وان لناظره قريب.
اما المجتمع المصطنع
في كيان المستوطنين وشذاذ الافاق فلن تكون المرحلة المقبل باهون عليه من قساوتها
على الشعب الفلسطيني، فالمجتمع الهش والذي يحمل في داخله من التناقضات والصراعات
الكثير سيبقى اكثر هشاشة من بيت العنكبوت، وستبقى تناقضاته مشتعلة تحت الرماد
وفوقه الى حين الانفجار السقوط.. وترونه بعيدا ونراه قريبا