شريط الأخبار
تسليم قلادة "فارس القدس" لنقيب المهندسين السابق أحمد سمارة الزعبي الخيرية الهاشمية و"الحملة الاردنية": تشغيل مخبز يومي جنوب غزة فيديو "عمومية أطباء الأسنان" تقترح زيادة الحد الأدنى لرواتب منتسبيها الجدد من 350 إلى 450 دينارا "النقابية الموحدة" تحصد مقاعد مجلس المهندسين.. وغوشة نقيبا برقم قياسي فريدمان لترامب: نتنياهو ليس صديقا لأمريكا ويريد تحويل غزة إلى فيتنام على البحر المتوسط غوشة نقيباً للمهندسين والفلاحات نائباً له تنظيم الاتصالات للأردنيين: لا تردوا على المكالمات والرسائل المجهولة حسان يرعى إطلاق الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية ارتفاع أسعار الذهب محليا 70 قرشًا وفيات السبت 10-5-2025 صاروخ فرط صوتي يمني يقصف مطار بن غوريون والاسرائيليون يعودون للملاجيء موحدة "نمو والبيضاء" تكتسح: غوشة نقيبا للمهندسين والفلاحات نائبا غزيون يُقدّرون جهود الأردن بتخفيف معاناتهم ويؤكدون: نرفض التشكيك سمارة: الهيئة الخيرية الهاشمية نموذج وطني وإنساني مشرف ومحاولات التشويش على دورها مرفوضة القطاع التجاري يرفض التعرض للاردن بالافتراءات والتشكيك بدعمنا غزة الملك يهنيء البابا لاون الرابع عشر بمناسبة انتخابه "الخيرية الهاشمية": مواد مضللة وافتراءات على الجهد الإغاثي .. ونية مبيتة لتشويه صورة الاردن شخص يقتل امه طعنا بالبادية الشمالية نفاع : هجوم خسيس على الأردن.. والرد بالأرقام والكرامة امريكا: قريبا نبدأ توزيع المساعدات بغزة دون تدخل تل أبيب

د. محمد علي النجار يكتب:

أزمة المياه ... إلى متى؟ (1)

أزمة المياه ... إلى متى؟ (1)


 
ما زلتُ مُصرًا على الصورة المائية الجميلة المتفائلة التي رسمتُها في مخيلتي للأردن .. فبلدٌ مباركٌ مثله ، تهطل عليه الأمطار في حدود ثمانية مليارات من الأمتار المكعبة سنويًا ، لا يجوز له أن يعطش ولا أن يعيش هذه الأزمة المائية منذ عقود.

 
 
في ضَوْء الأزمة المائية التي نعيشها ، قامت شركة مياه الأردن قبل أيام ، بتوجيه دعوة لمشتركيها ، تطلب منهم ترشيد استهلاك الماء ، والمحافظة على الثروة المائية ، ونَبَّهَتْ إلى أنها ستتخذ سلسلةً من العقوبات ، بحق الاستهلاك غير الرشيد للماء .. وقتها مرَّ أمام ناظري كتاب كان قد نشره أحد أساتذتي في الجامعة الأردنية ، قبل عدة عقود حول أزمة الغذاء في العالم ، وكان في كتابه متشائمًا إزاء المستقبل ، وكنت أؤمن وقتها ولا زلت ، بأن الله ليس بظلام للعبيد ، ولا يمكن أن يخلق الخلق ليعذبهم ، بل يخلق الخلائق ومعهم أرزاقهم ، وهو القائل عزَّ وجل في سورتي الأنعام والإسراء (نحن نرزقكم وإياهم) و (نحن نرزقهم وإياكم) .. وقد يقول قائل: وماذا عن هذه المجاعات التي تضرب هنا وهناك في عالمنا في الماضي والحاضر؟ .. 

 
تساؤل لا غبار عليه ، إلا أنَّ الواقع يجيب عليه ، حيث إنَّ السلوك البشري ، والجشع المادي ــ لا قلة الغذاء ــ وراء هذه المجاعات ، فعندما تقوم دول بإعدام أطنان الحبوب لرفع الأسعار ، أو عندما تقام ولائم تكفي مئات الأشخاص ، ليجلس حولها أفراد لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين ، فتوقَّع أن تجد عشرات الدول الفقيرة في أنحاء العالم ، وملايين الفقراء والمحرومين من البشر ، ففي تقرير صدر قبل أيام ، لنتائج بحث أجرته منظمة الصندوق العالمي للطبيعة ، جاء فيه أن أكثر من ملياري طن من الطعام تُلقى في القمامة في أنحاء العالم سنويًا ، وهو ما يمثل 40% من الإنتاج الغذائي، إذًا فالتبذير والإسراف ، وانعدام المسؤولية ، وقلة الإحساس عند بعض الناس ، كلها مجتمعة وراء مجاعات الأمم.


 
هذا ما كان من الفقر الغذائي ، فماذا عن الفقر المائي الذي يجتاح عددًا غير قليل من دول العالم؟ ... وهل يعني هذا ، أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ، وحرمه نعمة الماء؟ .. كَلا .. وألف كَلا ، إذ إن ما قيل عن الفقر الغذائي ، ينسحب على الفقر المائي ، فإن الله أنزل الماء بقَدَر ، أي بقَدَر ما يكفي حاجات جميع المخلوقات .. إلا أنَّ السلوك البشري ، والإسراف اللامسؤول ، والعجز الإنساني عن الاستثمار الإيجابي في الماء ، ساق دولاً كثيرة ، لتكون أعضاء في نادي الفقر المائي.


العجيب .. أنه قبل عدة سنوات كان قد استقر في ذهني أن الصومال تعيش حالة جفاف وفقر مائي ، وذلك في ضوء دعوة أُطلقت وقتها ، تطلب الدعاء للصومال ، الذي أصابه الجفاف ، وفي المقابل ، كنت أعتقد أن الأردن ذا الشتاء الماطر بالماء والثلج والبَرَد ، ينعم بالأمن المائي .... حتى وقعتُ على تقاريرَ متخصصة ، فإذا نحن في الأردن مَنْ يحتاج الدعاء ، وليست الصومال التي تصل فيها حصة الفرد 1000-1700 متر مكعب من الماء في السنة ، حسب التقريرالعربي الموحد 2020 ، فيما تبلغ حصة الفرد في الأردن أقل من 500 متر مكعب من الماء في السنة!!.


 
 
في الحقيقة ، كنت أتمنى لو أنني لم أقرأ ، ولم أبحث ، وبقيت على اعتقادي بأن الصومال يستحق الشفقة ، وأن الأردن محظوظ ، حيث يغتسل في مياه الأمطار ، ويلهو بأكوام البَرَد ، ويتقاذف كُرات الثلج ، حتى لا أُصدم بتقرير صادر عام 2017 كان وقعُهُ عليّ كَمَن صُبَّ عليه برميلٌ من الماء والثلج والبَرَد في شهر كانون!! فقد ذكر هذا التقرير أنَّ الأردن كان ثاني أفقر بلدٍ عالميًا في مصادر المياه ، وأنَّ نصيب الفرد فيه من المياه ، يقل عن 100 متر مكعب سنويًا.


 
وبالرغم مما تقدم ، فإنني ما زلت مُصرًا على الصورة المائية الجميلة المتفائلة التي رسمتها في مخيلتي للأردن .. فبلدٌ مباركٌ مثله ، تهطلُ عليه الأمطارُ في حدود ثمانية مليارات من الأمتار المكعبة سنويًا ، لا يجوز له أن يعطش ، ولا أن يعيش هذه الأزمة المائية منذ عقود.

لقد تنبَّه جلالةُ الملك حفظه الله في وقتٍ مبكر لهذه الأزمة التي تمس المواطن الأردني وأولاها ــ كعادته ــ جُلَّ اهتمامه ..
 
 وبتوجيهات من جلالته ، تم سنة 2009م تشكيل لجنة ملكية للمياه ، مكونة من ذوي الاختصاص ، برئاسة سمو الأمير فيصل ، وقد بذلت اللجنة جهودًا تستحق التقدير ، واستمعت لجميع الآراء والاقتراحات ، وانتهت من أعمالها .. وتم عرض الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه أمام جلالة الملك ، حيث أمر بتحويلها إلى الحكومة لإقرارها ، وبالفعل ، فقد أقرت الحكومة وقتها بتاريخ 5/12/2009م هذه الاستراتيجية ، وأكدت على ضرورة الإسراع في تنفيذها .. 


 
ولا شك في أن جهودًا بُذلت وقتها ، وما تزال تُبذل ، بحثًا عن الحلول ــ وهي كثيرة ــ للخروج من هذه الأزمة التي يعاني منها الأردن كغيره من الدول ، حتى المائية منها ، كمصر والعراق وسوريا. وهذا ما سنعرض له في القسم الثاني من المقال حيث (أزمة المياه: الأسباب والحل).