"سي إن إن": إيران تكثف اعادة بناء برنامجها للصواريخ الباليستية بدعم صيني
نقلت شبكة "سي إن إن" في تقرير عن مصادر استخباراتية
أوروبية وغربية بأن إيران كثفت في الأسابيع الأخيرة عمليات إعادة بناء برنامجها
للصواريخ الباليستية، عبر استيراد شحنات كبيرة من "بيركلورات الصوديوم"؛
المادة الأساسية لإنتاج الوقود الصلب من الصين.
ووفق التقرير، تكشف المعلومات الجديدة أن ما لا يقل عن 2000 طن من
"بيركلورات الصوديوم" وصلت إلى ميناء بندر عباس منذ 29 سبتمبر (أيلول)،
أي بعد يومين من تفعيل آلية "سناب باك" للعودة السريعة إلى عقوبات أممية
مضى عليها أكثر من عقد بسبب انتهاء الاتفاق النووي لعام 2015.
يأتي
التقرير بعدما أظهرت صورٌ من قمر "بلانت لبس"، الشهر الماضي، أن إيران
تعيد بناء مواقع لإنتاج الصواريخ استهدفتها إسرائيل، لكن الخلاطات الصناعية
الضرورية لإنتاج الوقود الصلب لا تزال مفقودة.
ويعدّ
إحياء القدرات الصاروخية أولوية لطهران مع احتمالات تجدد الحرب، خصوصاً وأن
الصواريخ تمثل إحدى أدوات ردعها الأساسية. ويمكن إطلاق الصواريخ ذات الوقود الصلب
بشكل أسرع من تلك التي تستخدم الوقود السائل، التي يجب تحميلها قبل الإطلاق
مباشرة. وتكمن أهمية هذه السرعة في أنها تصنع الفرق بين إطلاق الصاروخ وتدميره على
منصة الإطلاق، وهو أمر حدث خلال الحرب مع إسرائيل.
تمتلك
إيران قواعد تصنيع صواريخ ذات وقود صلب في خجير وبارشين، وهما موقعان على مشارف
طهران، وكذلك في شاهرود على بعد نحو 350 كيلومتراً شمال شرقي العاصمة. حتى قبل
الحرب الأخيرة، تعرَّضت جميع تلك المواقع لهجوم إسرائيلي في أكتوبر (تشرين الأول)
2024 خلال الحرب.
ووفق
التقرير، تعكس سرعة إعادة البناء الأهمية التي توليها طهران لبرنامجها الصاروخي.
في المقابل، لم تشهد المواقع النووية التي تم قصفها في إيران المستوى نفسه من
النشاط في إعادة الإعمار.
وتقول
مصادر "سي إن إن" إن الشحنات اشترتها إيران من موردين صينيين في إطار
سعيها الحثيث لإعادة ملء مخزون إيران المستنزف من الصواريخ بعدما استُخدم أو دُمر
خلال الحرب الأخيرة.
ووفقاً
للمصادر، استخدمت شحنات تديرها أو ترتبط بطواقم تعمل لدى الخطوط الملاحية
الإيرانية (IRISL) وانطلق
من موانٍيء صينية عدة، بينها تشوهاي، ليونهِنج، تشانغجيانغكو وغاولان.
وأشار
تقرير "سي إن إن" إلى تتبع رحلات عدة سفن شحنٍ حددتها المصادر
الاستخباراتية على أنها شاركت في أحدث عمليات تسليم "بيركلورات
الصوديوم" من المواني الصينية إلى إيران.
وتخضع بعض هذه السفن وكيانات صينية متصلة بها لعقوبات أميركية
سابقة.
ويبدو
أن العديد من تلك السفن تنقل ذهاباً وإياباً بين الصين وإيران مراراً منذ أواخر
أبريل (نيسان).
ورغم
أن "بيركلورات الصوديوم" ليست مذكورة صراحة في وثائق الأمم
المتحدة الخاصة بالمواد الممنوع تصديرها إلى إيران، فإنها مادة يمكن استخدامها
مباشرة في إنتاج "بيركلورات الأمونيوم"، وهو مؤكسد محظور ومدرج
للاستخدام في الصواريخ الباليستية.
ومع
ذلك، يشير الخبراء إلى أن عدم ذكرها بشكل صريح قد يتيح للصين القول إنها لا تنتهك
أي حظر أممي، رغم أن القرارات المعاد العمل بها تمنع "العناصر والمواد والمعدات
والسلع والتكنولوجيا" التي قد تسهم في تطوير أنظمة إيصال أسلحة نووية.
وقالت
وزارة الخارجية الصينية لوسائل الإعلام إنها غير مطلعة على الحالات المحددة، لكنها
شددت على التزامها بضوابط تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج وفق القوانين
المحلية والالتزامات الدولية، معتبرةً أن إعادة فرض العقوبات "غير
بناءة" وتمثل "انتكاسة خطيرة" للمسار الدبلوماسي في الملف النووي
الإيراني.
وتعارض
الصين وروسيا إعادة فرض العقوبات، كما طعنتا في شرعية "سناب باك" في
رسالة مشتركة للأمم المتحدة.
والجديد
في الصورة، حسب المصادر، ليس مجرد استمرار الشحن، بل سرعة وتيرة الإمداد وكمياته
منذ يونيو. وتقدر تحليلات فنية أن 2000 طن من "بيركلورات الصوديوم" تكفي
لإنتاج نحو 500 صاروخ يعمل بالوقود الصلب.
ويقول
جيفري لويس، مدير مشروع الحد من الانتشار في شرق آسيا بـ"معهد
ميدلبوري"، إن إيران كانت تخطط قبل الحرب لإنتاج نحو 200 صاروخ شهرياً،
و"الآن عليها استبدال ما استُخدم وما دمرته الضربات الإسرائيلية، لذا أتوقع
تدفق شحنات كبيرة، فيما تسابق إسرائيل والولايات المتحدة لإعادة ملء مخزونات
الاعتراض والذخائر".
وتشير
المصادر إلى أن تكثيف الشحنات جاء بعد تقارير عسكرية إسرائيلية عن استهداف ما لا
يقل عن ثلث منصات الإطلاق أرض - أرض التي تستخدمها إيران لصواريخها الباليستية
متوسطة المدى خلال حرب يونيو.
ويقدم
هذا التقدير، إلى جانب حركة السفن منذ نهاية أبريل، وفق المسؤولين، إشارة عملية
إلى سباق تسلح موضعي و"وقفة" عملياتية يعيد فيها الطرفان ترتيب
مخزوناتهما.
























