نهاية عام اقتصادي عالمي صعب.. والمؤشرات المتاحة لعام 2026 تفيد بأنه لن يكون أفضل
- تفاقم غير مسبوق بأزمة الديون العالمية، حيث تجاوزت مدفوعات خدمة الدين بالدول النامية 1.4 تريليون دولار سنويا
احمد عوض
لم يكن العام 2025،
عاما عاديا في التاريخ الاقتصادي العالمي، بل شكل محطة مهمة لعمق الأزمة التي
يعيشها النظام الاقتصادي العالمي. فخلف الأرقام، كانت هناك حروب وصراعات
جيوسياسية، وتراجع في الثقة، وتآكل واضح في قدرة المؤسسات الدولية على حماية
الشعوب
بحسب تقديرات المؤسسات
المالية الدولية، سيسجل النمو الاقتصادي العالمي في 2025 نحو 3 بالمائة، وهو مستوى
يقارب أرقام سنة جائحة "كورونا" 2020. هذا الرقم، رغم أنه لا يعكس ركودا
عالميا شاملا، إلا أنه يعكس عدم قدرة غالبية دول الجنوب العالمي على توليد فرص عمل
كافية، لامتصاص البطالة وتقليص الفقر.
ترافق هذا الأداء
الضعيف مع قيود أميركية متصاعدة على التجارة العالمية، شملت توسيع الرسوم
الجمركية، وتشديد القيود التكنولوجية، ولا سيما تجاه الصين، الصراع
الصيني–الأميركي لم يعد تجاريا فحسب، بل تحول إلى صراع شامل على سلاسل القيمة
والتكنولوجيا والهيمنة الجيو- اقتصادية.
ووفق تقديرات منظمة
التجارة العالمية، لم يتجاوز نمو التجارة السلعية العالمية في 2025 نحو 2 بالمائة،
أي أقل من نصف متوسطه التاريخي. هذه البيئة أضعفت فرص دول الجنوب على الاستفادة من
التجارة كأداة تنموية، ورفعت كلفة الاستيراد والإنتاج.
في الوقت نفسه، يشهد
العالم تفاقما غير مسبوق في أزمة الديون العالمية، حيث إن أكثر من 55 بالمائة من
الدول منخفضة الدخل، تعاني من ضائقة ديون فعلية، حيث تجاوزت مدفوعات خدمة الدين في
الدول النامية 1.4 تريليون دولار سنويا. وقد بلغ إجمالي الدين العالمي لمستويات
تعادل حوالي 330 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وفي العديد من
دول الجنوب، تبتلع خدمة الدين 25 بالمائة من الإيرادات العامة، متجاوزة حجم
الإنفاق على الصحة والتعليم مجتمعين.
رافق ذلك تعثر مسار
إقرار اتفاقية الضرائب في الأمم المتحدة، بعد انسحاب الولايات المتحدة من
المفاوضات. التي كان يفترض أن تشكل خطوة تاريخية نحو نظام ضريبي دولي أكثر عدالة،
يحد من التهرب الضريبي وتدفقات الأرباح غير المشروعة من الجنوب إلى الشمال. هذا
التعثر أرسل رسالة واضحة تتمثل في أن مصالح الشركات العابرة للحدود، ما تزال
متقدمة على حقوق الدول والشعوب.
وعكست مخرجات مؤتمر
تمويل التنمية في إشبيلية فجوة كبيرة بين الخطاب والالتزام، حيث تكررت الوعود
بإصلاح النظام المالي الدولي من دون آليات ملزمة أو جداول زمنية واضحة. وفي قمة
التنمية الاجتماعية الثانية في الدوحة، أعيد تأكيد أهداف الحد من الفقر وعدم
المساواة، لكن من دون موارد كافية أو تغيير جوهري في السياسات التقشفية المفروضة
على الدول النامية. كذلك، جاءت مخرجات مؤتمر المناخ في البرازيل لتؤكد مرة أخرى،
أن تمويل المناخ ما يزال دون الاحتياجات الفعلية، وأن كلفة التحول الأخضر تحمل
بشكل غير عادل على دول لم تساهم تاريخيا في الأزمة المناخية.
وبقي الفقر العالمي عند
مستويات صادمة. إذ ما يزال نحو 700 مليون إنسان يعيشون في فقر مدقع، في حين اتسعت
فجوة التفاوت الاجتماعي. التقارير الدولية، تشير إلى أن نسبة صغيرة من سكان العالم
تواصل تراكم ثروات غير مسبوقة، بينما تتآكل دخول الغالبية بفعل التضخم وضعف
الأجور. هذا التفاوت أصبح سمة مركزية للنظام الاقتصادي العالمي.
في ظل هذا المشهد
المضطرب، بدا تراجع الثقة بأدوات التمويل التقليدية واضحا، وهو ما تجلى في اندفاع
واسع نحو الملاذات الآمنة، إذ سجل الذهب ارتفاعا يقارب 70 بالمائة، خلال العام
2025.
هكذا ينتهي العام 2025،
كعام صعب اقتصاديا على المستوى العالمي، عام أكد أن الأزمات ليست محايدة، وأن
كلفتها تقع بشكل غير عادل على الشعوب بشكل عام، وشعوب الجنوب العالمي بشكل خاص. ومع
دخول العام 2026، فإن المؤشرات المتاحة تفيد بأن الأوضاع لن تكون أفضل.
نقلا عن جريدة الغد



















