شريط الأخبار
الاردن يرحب بالقرار الجديد لمحكمة العدل الدولية "العدل الدولية" اامر اسرائيل باجراءات لادخال المساعدات لغزة مندوب الملك وولي العهد يشارك بتشييع الفريق طارق علاء الدين المحكمة تقرر تعويض مستثمر بـ 15.5 مليون دينار من بلدة الرصيفة سلب سريلانكية بالتهديد باداة حادة غرف الصناعة تطالب باشتراط اسقاط الحق الشخصي للعفو عن مصدري الشيكات قراءة استراتيجية: مخطط إسرائيل بتدمير حماس يقترب من الفشل "الاعيان" يقر قانون العفو العام اصابة 3 مستوطنين بجروح باطلاق نار في الاغوار "ذا إيكونوميست”: في لحظة قَوتها العسكرية.. إسرائيل ضعيفة للغاية صورتاه وهو ينتحر.. تبرئة شقيقتين من قتل والدهما في عمان ارتفاع الحرارة اليوم .. وعدم استقرار جوي ضعيف الجمعة والسبت تصعيد كبير على حدود لبنان وشهداء.. وصواريخ حزب الله تنهمر "الكهرباء الاردنية" تؤسس شركة لشحن المركبات الكهربائية غرف الصناعة تبحث أثر شمول جرائم الشيكات بالعفو العام محافظة يرجح صدور نتائج المنح والقروض الجامعية قبل العيد حماس تنشر رسالة مسجلة لقائد "كتائب القسام" محمد ضيف 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى حزب المثاق يعلن مشاركته بالانتخابات النيابية القادمة الملك والملكة وولي العهد يلتقون وجهاء وممثلين عن البادية الوسطى

د. محمد علي النجار يكتب:

كورونا ... وعنزة ولو طارت

كورونا ... وعنزة ولو طارت
إن هذه الزيادة في الإصابات لم تطرأ فجأة ، ولا هي وليدة يوم أو يومين ، ولا أسبوع ولا أسبوعين ، بل تدرجت في تصاعدها على مدى أربعة أشهر مضت ، ونحن في مقاعد المتفرجين ، دون أن نكترث بزيادة الأرقام ، أو نحرك ساكنًا للحد منها ، وكأنها لا تهدد صحة أبنائنا ، ولا علاقة لها بسلامة وطننا.
كثرت التصريحات حول الوضع الوبائي في الأردن خلال الأيام القليلة الماضية ، ودارت هذه التصريحات في مجملها حول فكرة واحدة ، وهي أن الوضع الوبائي في الأردن مستقر ومريح ، هذه التصريحات التي توحي بالمكابرة ، وهذا الإصرار على هذا الوصف لواقع الحال ، يذكرني بالمثل الذي كنا نسمعه منذ الصغر (عنزة ولو طارت) ، فعن أي استقرار نتحدث والإصابات في تصاعد ، تزيد ولا تنقص ، وأي تسطيح للمخاطر المحدقة بنا ، وأي تبسيط للأمر ، ومتى يمكن أن تمثل هذه الإصابات خطرًا في نظر المسؤولين؟!.
إن هذه الزيادة في الإصابات لم تطرأ فجأة ، ولا هي وليدة يوم أو يومين ، ولا أسبوع ولا أسبوعين ، بل تدرجت في تصاعدها على مدى أربعة أشهر مضت ، ونحن في مقاعد المتفرجين ، دون أن نكترث بزيادة الأرقام ، أو نحرك ساكنًا للحد منها ، وكأنها لا تهدد صحة أبنائنا ، ولا علاقة لها بسلامة وطننا.
قبل أكثر من شهر ونصف ، قلت في مقال في هذه الزاوية: إننا أمام موجة جديدة من كورونا ، وإن هذه الموجة ، بدأت إرهاصاتها مع هجمة المتسوقين ، قبيل عيد الأضحى ، ومن يومها وأعداد الإصابات في ازدياد وارتفاع ، وقفزت من مئات الإصابات إلى ألف ، وألفين ، وثلاثة آلاف ، بل اقتربت من ثلاثة آلاف وخمسمئة , هذه هي الأرقام الرسمية المسجلة ، أما الإصابات الفردية أو العائلية التي احتفظ بها أصحابها بعيدًا عن الإحصاءات الرسمية ، ولم يبلغوا عنها ، فهي أعداد لا يستهان بها ، وقلت يومها: إذا لم تقم المؤسسات المعنية بحملة توعوية نوعية فاعلة وواسعة ، وإن لم يلتزم المواطن الأردني بالإجراءات الوقائية المحددة ، فإننا مقبلون - لا سمح الله - على وضع وبائي خطير ، وها هو الفأس قد وقع بسبب إهمالنا في الرأس. وقد نبهت يومها إلى أننا بالرغم من الإنجازات الصحية الإيجابية ، إلا أننا ما زلنا في المربع الأول ، ولم نخرج منه ... ورغم الزيادة الواضحة في أعداد الإصابات ، خرج علينا في اليوم التالي مسؤول لينفي أننا ما زلنا في المربع الأول ، أو حتى على أطرافه!! ، ويبدو أن بعض المسؤولين يطربون لمثل هذه التصريحات ، أو قل لمثل هذه التطمينات ، فينامون ليلهم الطويل ، لنصحو معهم على الواقع الأليم الذي نعيشه اليوم.
ففي الوقت الذي وصلت فيه الإصابات إلى ما يقارب الثلاثة آلاف وخمسمئة عدا الإصابات غير المسجلة.
وفي الوقت الذي وصلت فيه نسبة الفحوصات الإيجابية إلى 6.5% ثم ارتفعت في فحوصات يوم الثلاثاء إلى 7.26% ، ووصل عدد الوفيات في أحد الأيام إلى 23 وفاة.
وفي الوقت الذي يصرح فيه مسؤول في وزارة التربية والتعليم ، بأنه تم تسجيل 1024 إصابة بكورونا في يوم واحد بين طلاب المدارس ، وأعرب عن خشيته من أن نصل إلى يوم لا نستطيع فيه السيطرة على هذه الإصابات في فصل الشتاء.
وفي وقت وصلت فيه نسبة الإصابة بالفيروس بين طلاب الجامعات والمدارس ما نسبته 44% من إجمالي الإصابات.
وفي الوقت الذي يشير فيه أحد الاستشاريين في الأمراض الصدرية والتنفسية والعناية الحثيثة ، بأن المؤشرات تشير إلى دخول الأردن المرحلة الأولى من الموجة الرابعة لفيروس كورونا.
وفي الوقت الذي يحتل فيه الأردن المركز الثاني في عدد إصابات كورونا ، وفقًا لتحديثات منظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ، والمركز الأول عربيًا من حيث حالات كورونا الحرجة .
وفي الوقت الذي يقول فيه أمين عام وزارة الصحة ... إن ذروة الإصابات في الأردن ستتراوح ما بين 2500 – 3000 إصابة يوميًا . (وها هي قد تجاوزت هذا الرقم!!) ويشير إلى إمكانية العودة ، لتجديد بعض الإجراءات خلال الفترة المقبلة.
بعد هذا وأكثر ، تخرج علينا وزارة الصحة لتقول: إن الوضع الوبائي ما زال مستقرًا على الرغم من ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا. ثم يخرج علينا المركز الوطني لمكافحة الاوبئة والامراض السارية في آخر تصريح له ليؤكد أن الوضع الوبائي في الأردن بمجمله ما زال مريحًا ، نعم ، بعد كل ما تقدم ، فإن الوضع مستقر بل ومريح (عنزة ولو طارت) إصرار وإنكار للحال ، إذ لا ندري كيف ترتفع أعداد الإصابات بهذا الشكل ، ويكون الوضع – في نظرهم – مستقرًا ومريحًا؟؟ فما أخطر كلمة (مستقر) والأخطر منها (مريح) فإن هاتين الكلمتين تعنيان أن الوضع لا يحتاج إلى إجراءات ، أو حتى إلى ردة فعل!!.
من الملاحظ أن هناك تناقضات بين الأقوال والأفعال ، وأن تصريحات المسؤولين تبدو وكأنها تصريحات غير مدروسة ، وإجراءاتهم ارتجالية ، لا تستند إلى خطة واضحة المعالم ، بحيث تكون لها نتائج ملموسة. فالسيد عضو لجنة الأوبئة ، الذي يرى أن الوضع الوبائي مستقر ، لم ينسَ أن يدعو إلى ضرورة أخذ المطعوم. فيما قال مسؤول كبير في المركز الوطني لمكافحة الأوبئة ، بضرورة أخذ الجرعة المعززة ... وأن الدراسات أثبتت أنه بعد ستة أشهر من الجرعة الثانية ، تبدأ المناعة بالانخفاض ، فيما أوصت اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة ، بإعطاء الجرعة الثالثة من مطعوم كورونا ، لمن مضى ستة أشهر على تلقيه الجرعة الثانية من المطعوم.
مرة واحدة ، وبعد هذا الاسترخاء الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه ، وتهربًا من المسؤولية ، أصبح التطعيم عند المسؤولين هو الحل الوحيد ، والمخرج العتيد للحد من انتشار الفيروس ، وكأني بهؤلاء المسؤولين ، يريدون تأكيد ما يقوله بعض الخبثاء من أن الحكومة تريد أن ترتفع الإصابات ، حتى يقبل الناس على التطعيم ، وهو ادعاء يجافي الحقيقة ، فليس من مصلحة الحكومة انتشار الوباء ، لأسباب كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.
لا غبار على التطعيم ، ولا نجادل في أهميته ، وإن اختلفت الآراء حوله ، إلا أن التطعيم وحده غير كاف في بيئة لا تلتزم بإجراءات الوقاية ، ابتداء بالكمامة ، والتباعد ، وانتهاء بالتعقيم والنظافة العامة ، وهي الإجراءات التي لا تطبقها نسبة كبيرة من المواطنين في الأردن ، وإلا بماذا نفسر أن يكون الأردن الأول عربيًا في الإصابات الحرجة ، بالرغم من أن نسبة السكان الذين تلقوا اللقاح تزيد عن 35% ، ولم تستطع دول أخرى منافسة الأردن على هذا المركز ، بالرغم من أن نسبة الذين تلقوا اللقاح فيها أقل من النسبة في الأردن مثل: لبنان 23.5% ، الكويت 21.6% ، موريتانيا 12.6% ، مصر 11.5% ، الجزائر 11.2% ، العراق 8.9% ، ليبيا 7.4% ، وبنسبة أقل بكثير في سوريا 2.9% ، الصومال 2% ، السودان 1.3% ، اليمن 0.7% ، فلماذا تكون الأردن الثاني بعد إيران في عدد إصابات كورونا بمنطقة شرق البحر المتوسط؟!، والأولى عربيًا في الحالات الحرجة ، بالرغم من ارتفاع نسبة التطعيم في الأردن عنها في دول أخرى كثيرة؟! ، هذا سؤال يحتاج إلى بحث ودراسة ممن يهمهم أمر الوطن والمواطنين ؛ ليتعرفوا أنجع الوسائل للحد من خطورة كورونا وانتشاره ، وليكتشفوا أوجه التقصير التي أوصلتنا لهذه المرحلة ، بعد أن رست سفينتنا على بر الأمان ، في وقت غرق فيه الإقليم حولنا بالآلاف من الإصابات ، وكأننا اليوم نتبادل الأدوار ، إذ لم تبلغ نسبة الذين تلقوا اللقاح في ما تبقى من فلسطين (غزة والضفة) سوى 26.9% واستطاعت المؤسسات الصحية هناك ، أن تصل درجة التعافي ، حيث سجلت قبل أيام 185 إصابة ، منها 75 إصابة بقطاع غزة المحاصر ، وفي آخر إحصائية تم تسجيل 87 إصابة منها 23 إصابة في القطاع وهو إنجاز جيد بكل المقاييس في ضوء صعوبة التباعد الاجتماعي في أماكن كثيرة من القطاع المزدحم ، بحيث لو عطس شخص في بيته ، فإنه من الطَّبَعي أن يسمعه سابع جار!!. أضف إلى ذلك شح الموارد ، وضعف الإمكانات ، وقلة المستشفيات مستذكرين هنا قوافل المساعدات الأردنية التي تحمل الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية والمواد الاغاثية للقطاع ، والدور الذي يقوم به المستشفى الميداني الأردني العسكري هناك.
دعونا نعترف بأن هناك تقصيرًا ، ولا داعي لدس رؤوسنا في الرمال ، والمكابرة والجدال ، وهناك أخطاء لا تتحملها جهة بعينها ، فالمسؤولية عن التقصر والأخطاء مشتركة تتقاسمها عدة جهات ، ومنها المؤسسات الصحية وما يتفرع عنها من مراكز ولجان ، والمؤسسات الإعلامية بكل مستوياتها ، ووزارة الأوقاف بمساجدها وخطبائها ومركزها الإعلامي ، وغيرها من الجهات ذات العلاقة بالأمر ... ولا أستثني من المسؤولية المواطنين الذين يتحملون جزءًا كبيرًا من هذه المسؤولية ، كونهم السبب في تناقل الفيروس ، وانتشاره ، وارتفاع عدد الإصابات بهذا الشكل غير المسبوق ، فبالرغم من أننا نحترم نتائج دراسة نشرها فريق بحثي من كلية الطب في جامعة اليرموك تذكر أن 30% من المشاركين في العينة التي بلغت 7700 مشارك من المجتمع الأردني غير ملتزمين بارتداء الكمامة (بترا 15/11) إلا أن الواقع الذي نعايشه بشكل يومي يشير إلى أن النسبة تزيد عما ذكر في الدراسة ، ولعل عودة إلى الصور التي نشرت للمواطنين في صلاة الاستسقاء الأخيرة تؤكد ذلك ، وتوضح مدى استهتار غالبية المواطنين بإجراءات السلامة ، ومنها العزوف عن استخدام الكمامات للوقاية من العدوى.
ولما كانت يد واحدة لا تصفق ، فإن الجميع في هذا الوطن ؛ وزارات ومؤسسات ولجان وهيئات ومواطنين ، مطالب بتحمل المسؤولية ، كل في موقعه وتخصصه ، وإذا أردنا التعافي من كورونا ، والخروج من المربع الأول ، وعدم الانتقال إلى المربع الثاني ، فإن النجاح يحتاج إلى تضافر جميع الجهود ، والعمل معًا من خلال خطة واضحة متفق عليها ، قابلة للتنفيذ ، مع وجود خطط بديلة ، تحسبًا لأي طارئ ؛ لاستخدامها في الوقت المناسب دون تلكؤ أو تأخير ، وقتها يمكننا القول: إن الوضع الوبائي في أردننا سيكون مستقرًا ومريحًا!! ... حفظ الله الأردن أرضًا وقيادة وشعبًا ..... وإلى لقاء