شريط الأخبار
جثة ميت امام موظفي البنك لنيل قرض بنكي معروف: الف مفقود مجهول المصير يخلفه احتلال وتدمير الشفاء الطبي توقيف موظف جمارك بتهمة الاختلاس ألبانيز تخاطب الضمير العالمي.. وتوثق بالأدلة جريمة الإبادة في غزة كباتن التطبيقات الذكية يلوحون بالاحتجاج "مكافحة المخدرات": القبض على متورطين بتجارة وزراعة وتهريب المخدرات "المركزي": الاعفاء من مخالفات السير لا يلغي خصم التامين مفاعل ديمونا تعرض لإصابة".."معاريف" تقدم رواية جديدة للهجوم الإيراني وتحليلات لصور الأقمار الصناعية اردني يقتل زوجه ابيه لقناعته بتحريضها والده ضده جدل حول دستورية فصل الحزب لنائبه.. ونوفان العجارمة يؤيد عدم الدستورية في بلد عدد عزابه 2.8 مليون.. لماذا يتزوجون؟! (2-1) "الأونروا": لا تغيير بحجم مساعدات غزة وقنابل غير منفجرة داخل مدارس الصفدي: حملة اسرائيل ضد الاونروا تاتي لقتل قضية اللاجئين الفلسطينيين ريال مدريد يتاهل لنصف دوري اوروبا بالركلات الترجيحية طقس دافيء حتى الاحد البنك الدولي: ارتفاع أسعار الأغذية في الأردن بنسبة 1.5% العجارمة: حرمان 1600 طالب من امتحانات التوجيهي بسبب “الغياب” الاردن.. قتل شقيقه طعنا بعد خلاف على عشرة دنانير تعثر مفاوضات للإندماج بين بنكين اردنيين الجامعة الاردنية: انتخابات اتحاد الطلبة في 21 ايار القادم

الدكتور محمد علي النجار يكتب :

هل أزمتنا المائية بحاجة للجنة ملكية؟

هل أزمتنا المائية بحاجة للجنة ملكية؟
محمد علي النجار
الأمطار التي تشهدها الأردن هذا الموسم ، تبشر بالخير بإذن الله ، فقد ابتلت الأرض ، وسالت الغدران ، وجرت السيول ، وامتلأت الوديان ، واليوم .. والأيام المقبلة تحمل المزيد من بشائر الخير .. سيزداد الغيث ، ويفيض العطاء .. فمما لا شك فيه ، أن الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده ، إلا أن بعض عباده فيما يبدو لا يحسنون إدارة هذا الغيث ، وصيانة هذه النعمة وحفظها!!.
فإذا كان المنخفض الجوي الأخير ، قد رفع حجم الأمطار التراكمية منذ بداية الموسم إلى 39% من المعدل السنوي ، والذي قدره مسؤول بسلطة وادي الأردن بالأمس ، بثمانية مليارات ومئة مليون متر مكعب من الماء ، فإن كمية الأمطار التي هطلت على أنحاء المملكة حتى الآن ، تكون قد بلغت حوالي ثلاثة مليارات ومئة وتسعة وخمسين مليون متر مكعب من المياه النقية الصالحة للشرب!!. ومما يُحزن القلوب ، ويدخل الحيرة إلى العقول ، أننا استطعنا أن نحصد من كل هذه المليارات ، ما لا يزيد عن عشرين مليون متر مكعب فقط!! .. بمعنى: لو أن كل مواطن قام خلال الفترة الماضية ، بتجميع المياه التي تساقطت على سطح منزله في خزان على الأرض لجمعنا أكثر مما جمعت مؤسساتنا الرسمية في سدودنا!!.
يريد المسؤولون ولا أعني هنا مسؤولاً بعينه ، يريدون منا أن نفرح ، وأن نصفق لهم ؛ لأن سدودنا الأربعة عشر ، استطاعت أن ترفع مخزونها حاليًا إلى 96 مليون متر مكعب من الماء ، وإذا امتلأت هذه السدود فيما بعد بكامل طاقتها ، فإن مجموع الكميات فيها جميعًا ، لن يزيد عن 336 مليون متر مكعب ، وبالرغم من هذه الكمية المتواضعة التي لا تمثل سوى حوالي 4% من حجم الأمطار التراكمية في الموسم المطري ، فإن الحجم الحقيقي والصافي منها ، لا يكاد يزيد عن 200 مليون متر مكعب!!.
فسدودنا لا تجد الاهتمام اللائق بها ، من صيانة ، وترميم ، وتنظيف ، وتعميق ، وتجريف وتصريف ، ولهذا وجدنا الرسوبيات ، والطمي والحجارة التي بلغت مئات الآلاف من الأمتار المكعبة ، تزاحم المياه في السدود ؛ فسد الوالة على سبيل المثال ، وكما ذكر المسؤول ، بلغ مخزونه حاليًا ستة ملايين متر مكعب ، إلا أن نسبة الرسوبيات والطمي فيه تبلغ 50% ، أما بقية السدود في أنحاء المملكة ، فهي بلا شك لا تختلف كثيرًا عنه ، إذ لا تقل نسبة الرسوبيات والطمي فيها عن 30-40% من مخزونها الاستراتيجي!!. وبحسبة سريعة وبسيطة ، تتبين لنا المأساة التي تعيشها السدود التي نعتمد عليها ، فنتباكى على أزمتنا المائية ، ثم نقنع أنفسنا أنه لم يكن بالإمكان أفضل مما كان .. فمن المسؤول ؟!!.
نعيش منذ أكثر من عامين في ظل جائحةٍ وبائيةٍ مع كورونا ومتحوراتها .. ونتعايش منذ عقود مع جائحةٍ مائية ، تتجذر وتستفحل في بلادنا .. الجائحة الأولى مفروضة علينا لا حيلة لنا فيها .. ولكن الجائحة الثانية خلقناها بأيدينا ، وأدرنا لها ظهورنا ، ولم نتدارك الأمر ، وقد كان بالإمكان منذ زمن ، وضع الخطط المناسبة التي تتناسب مع إمكاناتنا ، بحيث يكون الحل متدرجًا.
فقد كان جلالة الملك حفظه الله ، ينظر للمستقبل نظرةً ثاقبة ، بما لديه من إحساس ووعي بالمشكلة المقبلة ، فأصدر توجيهاته سنة 2009م ، بتشكيل لجنة ملكية للمياه لمعالجة الأمر ، فلو كنا قد بدأنا بالحلول الناجعة منذ ذلك الحين ، لما وصلنا إلى تخزين الماء والطمي في سدودنا ، بما لا يكفي ربع احتياجاتنا من الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي ... ولم يتوقف جلالته عن التوجيه ، والتأكيد على المسؤولين في كل مناسبة ، منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا ، على إعطاء هذا الموضوع أولوية قصوى ، وبكل أسف وقف المسؤولون عاجزين عن الحل ، فكنا نرى بروقًا ونسمع رعودًا ، ولا نلمس ماءً ...
فإذا كنا لم ننجز جديدًا في عالم المياه ؛ لا سدود جديدة مؤثرة ، ولا آبار وخزانات مائية أرضية لتخزين المياه الزائدة ، التي يتم تصريفها سنويًا من السدود في حالة الخوف من انهيارها بسبب مياه أمطار قادمة متوقعة!!. فإذا كنا نشكو من قلة الإنجازات المائية الإيجابية الملموسة ، فهل من المنطق أن نهمل أيضًا تنظيف سدودنا من الرسوبيات بأنواعها ، لتسلبنا أكثر من ثلث الكميات المخزنة فيها ... لقد عجزنا عن تخزين حاجتنا من المياه التي تهطل علينا أمطارًا بالمليارات ، وأهملنا تنظيف سدودنا قبل موسم الشتاء ، بالرغم من أنها كانت مهيأة لذلك ، ومثّلت لنا فرصة لا تحتمل التأجيل ، بعد أن جف عدد منها ، مثل سد الوالة، والموجب، ووادي الكرك، والتنور، ووادي شعيب، وزقلاب ، ووصل مخزون سد الملك طلال وقتها إلى تسعة عشر مليون متر مكعب من الماء ، منها حوالي عشرة ملايين متر مكعب من الرسوبيات والطمي!! ، إلا أن المسؤولين وبكل أسف ، لم يتخذوا القرار السريع الصائب ، وتركوا الأمور تسير على هواها كيفما اتفق .. فمن المسؤول؟ هل وزارة المياه ؟ أو وزارة الزراعة؟ أو سلطة وادي الأردن؟ أو اللجنة الوطنية للسدود؟ أو غير هذا وذاك؟! .. ومما يؤسف له أن السدود جفت ، ثم لم يتم تنظيفها أو صيانتها ، ولم يتم استجواب أي طرف من أي جهة ، بسبب هذا التقصير للوقوف على الأسباب ؛ لنستفيد على الأقل من أخطائنا ، ولكن .. إذا توزعت المسؤولية ، وتفرقت بين الأطراف ، غابت الحقيقة ، وضاعت الحقوق.
وفي ضوء هذا الضياع والتضييع ، والبحث عن الحلول السهلة الجاهزة ، التي راكمت المزيد من الصعوبات ، وفي ظل غياب الحلول في الأفق ، يحق لنا أن نتساءل: إلى متى نظل تحت رحمة اللامبالاة ، وضبابية المسؤولية؟ متى نستشعر عظم المسؤولية ، وخطورة الموقف؟ .. أين جامعاتنا وأساتذتنا ؟ أين الأدمغة والعقول؟ أين الكفاءات العلمية ؟ أين الخبرات الوطنية؟ أين رؤوس الأموال الأردنية؟ أين المخلصون في هذا الوطن؟ أين الغيورون على مستقبله؟!.
لقد تعاورت وزارات بعد وزارات أسند إليها حل مشكلة المياه ، وما زلنا مكانك سر ، إن لم تزدد الأمورُ سوءًا .. فالمجرَّب أيها السادة لا يُجرب .. ولم يعد أمامنا أصلاً وقتٌ للتجريب .. لقد أوصى جلالة الملك حفظه الله ، بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ، والتي ضمت اثنين وتسعين عضوًا ، وقد أنهت هذه اللجنة عملها ، وقدمت توصياتها .. وكم نتمنى أن يأتي اليوم الذي نرى فيه (اللجنة الملكية لتطوير الثروة المائية) ، التي تضم خيرة أبناء الوطن ، من أصحاب الخبرات العملية ، والكفاءات العلمية ، في القطاعين العام والخاص ، لدراسة وضعنا المائي ، ووضع خطة استراتيجية وطنية شاملة ، لحل هذه المشكلة المزمنة .. وحتى لا تتكرر المأساة ، فتظل المخرجات حبرًا على ورق ، يتم تكليف هيئة مستقلة يُصار إليها تنفيذ المخرجات ، ومتابعتها وتقويمها ، لتُحقق على أرض الواقع رؤية جلالة الملك لإنهاء هذه الأزمة .. نأمل أن نغمض عيوننا .. ثم نفتحها .. فإذا بالعمل على قدم وساق ، تنفيذًا لمخرجات وتوصيات هذه اللجنة الوطنية ، على طريق تحقيق الأمن المائي .. خدمة للمواطن ، وحفاظًا على سلامة الوطن ، واستقلاله ، ومستقبله الواعد في المئوية الثانية بإذن الله..
حفظ الله الأردن: أرضًا مباركةً .. وشعبًا مخلصًا .. وقيادةً هاشميةً رشيدة .... وإلى لقاء.