شريط الأخبار
اتحاد العمال يطالب برفع الحد الادنى للاجور السلطات الامريكية تقمع بقوة احتجاجات الطلبة وفض اعتصام جامعة كولومبيا عالجوا انتهاكات حقوق العمال قبل أن تحتفلوا بعيدهم.! الملك يهنيء ابناء الوطن وبناته بعيد العمال نقيب المهندسين : الحاجة ملحة لمشروع نهضوي عربي ولي العهد يهنيء العمال بعيدهم الملك يؤكد ضرورة تطوير صادرات الفوسفات.. ويشيد بما حققته الشركة من نتائح الملك يستقبل بلينكن ويحذر من خطورة عملية عسكرية في رفح الحكومة ترفع اسعار البنزين بنوعيه والديزل المعايطة: الانتخابات ستجري بكل شفافية..وزيادة مراكز الاقتراع المختلطة الحكومة والأمانة تبشرانكم: قريبا جدا تشغيل كاميرات رصد مخالفات حزام الأمان والهاتف الاردن.. رواتب العاملين بالقطاع العام تتفوق على نظرائهم بـ"الخاص" هل استخدم الاحتلال الاسرائيلي قنابل تؤدي لتبخر جثامين الشهداء؟! 28.2 مليون دينار أرباح شركة مصفاة البترول الأردنية خلال الربع الأول 2024 طوفان الجامعات الامريكية يتصاعد دعما لغزة.. و70 جامعة تشتعل احتجاجا قيادي في حماس: إنتقال قادة حماس إلى الأردن لم يطرح نهائيا شخصيات نقابية تسنتكر احتجاز ميسرة ملص وتطالب بالإفراج الفوري عنه نتنياهو يفشل بالالتفاف على "حماس" وفتح خط تفاوض مع "الجهاد" البدء بصرف رديات الضريبة تحت 200 دينار الأردن تستفزه تصريحات ابو مرزوق ويرد: لا عودة لقادة حماس دون فك الارتباط

الدكتور محمد علي النجار يكتب :

مدرسة العم سعيد رحمه الله

مدرسة العم سعيد رحمه الله
لست أدري من أين أبدأ؟ .. هل أبدأ بالتعريف بالمدرسة ، أو بالتعريف بصاحبها ، وعلومه وشهاداته؟!! .. وإن كنت أؤمن بأن الشهادات شيء .. والعلم والثقافة والفهم شيء آخر ، فليس كل من حمل شهادة هو عالم .. وليس كل من افتقر للشهادة هو جاهل .. فكم ممن لم يحملوا الشهادات ، كانوا أكثر علمًا ، وثقافة ، وفهمًا ، وحسن إدارة من بعض من حملوها .. وفرق شاسع بين إنسان يحمل شهادته ، وإنسان تحمله شهادته .. وكثير هم!!.
العم سعيد لم تسعفه الظروف ليذهب للمدرسة والجامعة ، لذا أعتقد أنه لا يكاد يستطيع أن (يفك الخط)... كان رجلاً طيبًا للغاية ، حتى تحسبه لفرط طيبته ساذجًا ، ولكنك تكتشف فيما بعد نباهته وفطنته ، كان دائم الابتسام ، يحبه جميع من حوله.
العم سعيد كان (آذنًا) أو (فرّاشًا) أو سمّه ما شئت ، كنا نعمل في مؤسسة تعليمية ، وكان عمله ينحصر في عمل الشاي ، وتوفيره للهيئة التعليمية ، والهيئة الإدارية ، وللضيوف والزائرين في المؤسسة ، وكان حريصًا على أداء عمله ، وعلى إرضاء الجميع.
أذكر أنه كان يحرص كل يوم على أن يمر على مكاتبنا ؛ غرفة .. غرفة ، بعد العاشرة صباحًا ، ويسألنا إن كنا نريد كأسًا من الشاي ، ولاحظت وقتها أنه يفعل ذلك لانقطاعه عنا لمدة تقرب من نصف ساعة وبشكل يومي .. حتى دفعني فضولي إلى أن أسأله: أين تذهب يا عم سعيد كل يوم؟ .. ابتسم العم سعيد وقال: هنا .. مشوار قريب..
وبعد أيام سألته: أين تذهب يا عم سعيد كل يوم؟
فابتسم .. ووجد نفسه مضطرًا للإجابة .. قال: أذهب للبنك ... قلت: وماذا تفعل في البنك كل يوم يا عم سعيد؟ .. ابتسم وقال: أضع في حسابي ماتيسر .. نظرت إليه وأنا غير مقتنع بما يقول .. صحيح أن راتب العم سعيد أعلى من راتبي ؛ لأنه مواطن ؛ ولأن دولته تحرص على معيشة أبنائها ، إلا أن راتبه لا يؤهله للذهاب للبنك كما يدعي ، ويضع كل يوم في حسابه ما تيسر!!.
كانت علاقتي مع العم سعيد علاقة جيدة .. كان يثق بي ، ويستشيرني في بعض الأمور .. لذا لم يكن حديثي معه والتضييق عليه بالأسئلة يسبب له إحراجًا ، بل كان يبتسم محاولاً التهرب من الإجابة ..
قلت له: يا أبا محمد .. إنك تغيب عنا مدة تقل عن نصف ساعة ... وأقرب بنك إلينا يحتاج نصف ساعة ذهابًا ، ومثلها إيابًا .. وأنت لا تمتلك سيارة .. فما هذه المعاملات البنكية اليومية ، وأنت تعرف أنه لا يزيد من راتبك مع نهاية الشهر شيء؟!.
وهنا اضطر أبو محمد لأن يصارحني وهو متردد في الإفصاح عن وجهته ... قال: أستاذ محمد ... الناس تذهب للبنوك وتزيد أرصدتها .. ثم خفض رأسه ونظر إلى الأرض ومضى قائلاً: وأنا أذهب للمسجد (وكان داخل المؤسسة) وأصلي ما تيسر لي .. أضعه في حسابي للآخرة .. طأطأت رأسي .. وخجلت من نفسي ..
ومضت الأيام .. وافترق الجمع .. وذات يوم كنت في زيارة للمقبرة التي كنت أحب زيارتها بين الفينة والأخرى ، أتفقد ما جد فيها من قبور .. وأقرأ الفاتحة لمن أعرفه ولا أعرفه ، فإذا بي أقف أمام قبر مدون عليه اسم العم سعيد!! وقفت أمام قبره واجمًا .. ثم قرأت الفاتحة على روحه ، ودعوت له .. وتذكرت درسه البليغ .. وما خبأه لآخرته ، يوم لا ينفع مال ولا بنون .. (ولا ماجستير ولا دكتوراة) إلا من أتى الله بقلب سليم ... رحم الله العم سعيد .. وإخوانًا له كرامًا .. ورحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه.. وكل عام وأنتم بخير ...