شريط الأخبار
وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني الصين والولايات المتحدة وحدهما يمكنهما وقف التدهور بالشرق الاوسط المبيضين: لم نرصد اليوم اي محاولات للاقتراب من سمائنا الأردن: "إسرائيل" هي مصدر التشويش على نظام تحديد المواقع (GPS) اسرائيل تستنفر لمنع وصول اسطول الحرية لغزة كسرا للحصار حماس بعد تعثر مفاوضات الهدنة: لا عودة للاسرى الاسرائيليين دون صفقة هل رفضت مصر طلبا امريكيا بادارة قطاع غزة لستة اشهر؟! كيف تضبط مؤسسة الضمان التقاعدات المبكرة.؟ امريكا تفشل ضم فلسطين دولة بالامم المتحدة والاردن يأسف للقرار هل ضربت اسرائيل ايران؟ انفجارات بأصفهان.. إيران تنفي هجوما خارجيا ولا تعليق إسرائيلي حي الطفايلة يعيدون مستشفى رئيسي للعمل بشمال غزة فيديو خيبة اردنية بعد خسارة نشامى الاولمبي امام "العنابي" لماذا اصطحب الامير حسن المقررة الاممية للاراضي المحتلة لاكبر مخيمات الاردن؟ الاردن يصعد ضد اسرائيل امام مجلس الامن: الزموها بعدم اجتياح رفح قمة "مستقبل الرياضات الالكترونية" تنطلق السبت المقبل برعاية ملكية سامية "المهندسين" تطالب بالإفراج عن المهندس ميسرة ملص فوز هيئة ادارية جديدة لنقابة تجار المواد الغذائية بالتزكية محافظ العاصمة يفرج بالكفالة عن 17 موقوفا من "اعتصامات السفارة" منصور: مركز الحسين للسرطان سيفتتح فرعا بالعقبة مطلع العام المقبل جثة ميت امام موظفي البنك لنيل قرض بنكي

الدكتور محمد علي النجار يكتب :

في أوكرانيا القتل والدمار ... وهنا الغلاء وجشع التجار

في أوكرانيا القتل والدمار ... وهنا الغلاء وجشع التجار
 
ثلاثة شهور مرت على الحرب الروسية الأوكرانية ، دون أن تبدو في الأفق أي بوادر لانتهاء هذا الصراع .. ولا أحسب أنه سيتوقف في المستقبل المنظور ، بسبب تأخر الحسم العسكري الروسي ، وهو أمر غير مقلق للقيادة الروسية ، فهي ليست في عجلة من أمرها ؛ فالعقيدة العسكرية الروسية قد تتطلب ذلك ، وإن كان من أسباب استمرار هذه الحرب ، عدم تحقيق روسيا لجميع أهدافها ، بسبب الدعم الغربي السخي ، والسريع ، والمباشر لأوكرانيا ، عسكريًّا وماديًّا ، وإعلاميًّا ، والعقوبات المفروضة على روسيا ، في مقابل العناد الروسي ، وإصرار موسكو على تحقيق الأهداف التي أعلنتها لهذه العملية ، إذ من الصعب أن تقبل روسيا بخسارتها في هذه الحرب ، لذا فإنها تسعى بكل الوسائل ، للانتصار في حربها مهما كان الثمن ، وهي تعلم تمامًا أن حربها ليست ضد أوكرانيا ، بل هي حرب مع الغرب وعلى رأسه أمريكا ، الذي يرى أن من مصلحته إطالة أمد الحرب ، في محاولة لإنهاك روسيا عسكريًّا واقتصاديًّا.
 
 
إذًا فالحرب ما تزال في بدايتها ، والآثار الاقتصادية الحقيقية لم تظهر ، ولم تُطل برأسها بعد ، فماذا عسى الدول والحكومات في عالمنا العربي ، أن تفعل لشعوبها أمام الأزمة الاقتصادية ، أو قل الأزمة الغذائية ، لو طال أمد الحرب لشهور أطول؟!.
في الأردن ... توحي الأمور بنوع من الاستقرار المؤقت والحذر ، بسبب وعي المسؤولين في ظل وجود مخزون استراتيجي مُطَمْئن إلى حد ما ، بالنظر إلى دول أخرى في الإقليم ، رغم وضع الأردن الاقتصادي المتواضع ، وافتقاره إلى السيولة ، بالقياس بدول أخرى تمتلك فائضًا في ميزانياتها.
 
 
ولكن بالرغم من ذلك ، فإن هناك مشكلة يبدو أنها تؤرق المواطن الأردني ، تتمثل في الغلاء غير المبرر ، وارتفاع الأسعار لبعض ، أو معظم السلع والمواد الغذائية ؛ فما أن دقت طبول الحرب في أوكرانيا ، حتى انفتحت شهية بعض التجار ، الذين يتقنون فنون اللعبة ، لتضخيم ثرواتهم على حساب حاجة المواطن ، والمتاجرة بمعاناته ، وآلامه ، وفقره .. هذه الفئة من الهوامير والحيتان البشرية ، التي لا تشعر بمعاناة الفقراء ، وربما لا يتخيلون وجود طبقة واسعة من الناس لا تملك قوت يومها .. وهم لا يعلمون مدى خطورة جشعهم ، واحتكارهم للسلع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من احتكر حكرة يريد أن يُغلي بها على المسلمين فهو خاطئ ، وقد برئت منه ذمة الله" فأي عقاب عند الله ينتظر هؤلاء التجار الجشعين!!.
 
 
وهنا اسمحوا لي أن أقف احترامًا وتقديرًا ، للقائمين على المؤسسة الاستهلاكية المدنية ، التي كشفت جشع بعض تجارنا ، إذ لم ترفع المؤسسة أسعارها ، وبقيت الأسعار القديمة على ما كانت عليه ... كم نتمنى أن تكون المؤسسة الاستهلاكية المدنية ، قدوة لبعض تجارنا ، الذين يجب عليهم أن يخجلوا ، وهم يستمعون لمديرها وهو يصرح ، بأنه لن تكون هناك زيادات في الأسعار خلال الأشهر القليلة المقبلة ، وبخاصة على المواد الأساسية ؛ كالسكر ، والأرز ، والزيوت النباتية ، وحليب البودرة ؛ لوجودها في مخازن المؤسسة. إنه شعور بالمسؤولية يستحق منا جميعًا التحية والتقدير.
 
 
من الطَّبَعيّ أن ترتفع أسعار هذه السلع مستقبلاً ، مع ارتفاع قيمة الفاتورة على المؤسسة ، وهذا أمر بَدَهيٌّ ومنطقي ، وبالرغم من ذلك أوضح مدير المؤسسة ، أن الارتفاعات في أسعار المؤسسة سيكون ما بين 5-10% ، وسيكون أقل من الارتفاعات العالمية ... سلوك مشرف .. وإحساس بالمسؤولية ، وخدمة للوطن والمواطن.
 
 
نعم .. ليس غريبًا أن ترتفع الأسعار في ظروف الحروب ، خاصة وأن منطقة الحرب الحالية ، تُعد المزود الرئيس للعالم من القمح والشعير والزيوت ، وبعض المواد الغذائية ، إلا أن الملاحظ أن بعض تجارنا ، كانوا السباقين في هذا المضمار ..
 
 وبادروا برفع الأسعار دون وجه حق ، صحيح أن الأردن يستورد كافة احتياجاته من القمح والشعير من الخارج ، إلا أنه لا يعتمد على أوكرانيا ، ولا على روسيا في هذا الأمر ، إذ إننا في الأردن نستورد احتياجاتنا بالدرجة الأولى من رومانيا ، ولكن الملاحظة التي يجب الإشارة إليها ، أن تجارنا رفعوا أسعارهم في وقت مبكر ، قبل أن تتأثر الأسعار ، وترتفع عالميًا ، وقبل أن يستوردوا بضائعهم بالأسعار الجديدة !!
 
 وهذا ما يجعل المرء يشعر بالنفور من هذا السلوك الأناني ، والجشع على حساب فقراء الوطن ، خاصة وأن من بين السلع التي ارتفعت أسعارها ، الزيت والسكر ..
 
 وغيرها من السلع الأساسية ، التي تملأ مخازن التجار الكبار ، ولم تتأثر فاتورتهم بعد بجديد الأسعار.
 
 
وهنا لا يُلام صغار التجار ، الذين لا حول لهم ولا قوة ، فهم مجبرون على الشراء بالأسعار التي يفرضها المستورد ، وعليهم أن يبيعوا للمستهلك ، بالسعر الذي يفرضه المستورد على المواطن ، بل على الوطن ، ومن هنا كان لا بد للوطن ممثَّلاً بالجهات ذات العلاقة ، أن تحمي المواطن ، باتخاذ خطوات ملموسة مع كبار التجار ، مهما كان الجدار الذي يستندون إليه ؛ لأن هذا السلوك له علاقة بالمواطن والوطن ، وأمنه ، واستقراره ...
 
 
 
كان على المسؤولين كلٌّ في موقعه ، أن يتخذوا الإجراءات اللازمة والصارمة ، لحفظ حقوق أبناء الوطن ، الذين أنهكتهم كورونا وشقيقاتها ...
 
 وعلى المسؤولين أن يتذكروا إنْ كان أبناؤهم يجدون المأكل والملبس ، ولا يشعرون بالمعاناة مع ارتفاع تكاليف المعيشة ، لتوافر السيولة في أيدي آبائهم ، فإن هناك آلاف الأسر التي لا تجد ما يسد رمقها ، وأن كثيرًا ممن يعيلونها يقبعون في بيوتهم المستأجرة ، بعد أن سُدَّت في وجوههم السبل ، فلا وظيفة ولا عمل ...
 
 وعليهم أن يتذكروا ، أنه إن كان أبناء بعض كبار الموظفين إذا لم يجدوا الخبز أكلوا (الجاتوه) فإن أبناء الفقراء ، أمنية أحدهم أن يظفر برغيف خبزٍ يأكله ...ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
 
 
ما كان ينبغي للجهات المسؤولة ، أن تترك التجار ينفردون بالمواطن الفقير ، الذي لم يلتقط أنفاسه بعد من هجمة كورونا ، التي التهمت الأخضر واليابس ، ثم ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع أجور الشحن ، وبعدها ارتفاع الأسعار مع حلول شهر رمضان ، إلى أن جاء ارتفاع الأسعار مبكرًا بحجة الحرب في أوكرانيا ، التي كان لها كل هذا التأثير ، فماذا نحن فاعلون لو اختلطت الأوراق بشكل أكبر في الشهور المقبلة .. ماذا عسانا أن نفعل؟!.
 
 
نعم .. ماذا عسانا أن نفعل ، لو فتحت الحرب الأوكرانية شهوة الصين فابتلعت تايوان ... 
 
واستغلت تل أبيب انشغال العالم ، وضربت المفاعل النووي الإيراني ، واختلط الحابل بالنابل ، وتقطعت بالدول والشعوب السبل والأسباب!!
 
 فلا إمدادات ، ولا واردات ، ولا غذاء ، وارتفعت بشكل جنوني الأسعار!!
 
 ماذا سيفعل تجارنا ، بل ماذا ستفعل حكوماتنا؟.
 
 
إن ما يجري في عالم اليوم ، يجب أن ينبه الغافلين إلى ضرورة التفكير الجاد خارج الصندوق ، والتوقف عن الحجج الواهية ، وإلقائها خلف ظهورنا ، والعمل بما لدينا من إمكانات ، واستثمار المتاح ، واستلهام تجربة المغفور له وصفي التل رحمه الله ، عندما توسع في زراعة الشعير ، فما علينا إلا أن تكون لدينا الإرادة ذاتها ، للتوسع في الزراعة البعلية والمروية ، واستثمارها في الصناعات الغذائية ، والتعليب ، وتأسيس مشاريع علمية لتربية الأسماك ، وتسويقها محليًا وخارجيًا.
إذا أردنا ...
 
 فلن تعجزنا الوسائل ؛ لا ضيق الحال ..
 
 ولا صعوبة الواقع ، إنما هو الإحساس بالمسؤولية تجاه وطننا ومواطنينا ، والخروج من حالة الاستسلام للواقع ..
 
 والجلوس بانتظار الحلول الجاهزة التي يطول انتظارها ولن تأتي .. "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهم".
 
 
حفظ الله الأردن ؛ أرضًا طيبة مباركة ، وشعبًا مخلصًا معطاء ، وقيادة هاشمية رشيدة.