شريط الأخبار
الاردن يرحب بالقرار الجديد لمحكمة العدل الدولية "العدل الدولية" اامر اسرائيل باجراءات لادخال المساعدات لغزة مندوب الملك وولي العهد يشارك بتشييع الفريق طارق علاء الدين المحكمة تقرر تعويض مستثمر بـ 15.5 مليون دينار من بلدة الرصيفة سلب سريلانكية بالتهديد باداة حادة غرف الصناعة تطالب باشتراط اسقاط الحق الشخصي للعفو عن مصدري الشيكات قراءة استراتيجية: مخطط إسرائيل بتدمير حماس يقترب من الفشل "الاعيان" يقر قانون العفو العام اصابة 3 مستوطنين بجروح باطلاق نار في الاغوار "ذا إيكونوميست”: في لحظة قَوتها العسكرية.. إسرائيل ضعيفة للغاية صورتاه وهو ينتحر.. تبرئة شقيقتين من قتل والدهما في عمان ارتفاع الحرارة اليوم .. وعدم استقرار جوي ضعيف الجمعة والسبت تصعيد كبير على حدود لبنان وشهداء.. وصواريخ حزب الله تنهمر "الكهرباء الاردنية" تؤسس شركة لشحن المركبات الكهربائية غرف الصناعة تبحث أثر شمول جرائم الشيكات بالعفو العام محافظة يرجح صدور نتائج المنح والقروض الجامعية قبل العيد حماس تنشر رسالة مسجلة لقائد "كتائب القسام" محمد ضيف 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى حزب المثاق يعلن مشاركته بالانتخابات النيابية القادمة الملك والملكة وولي العهد يلتقون وجهاء وممثلين عن البادية الوسطى

ليلة القبض على الأحلام

ليلة القبض على الأحلام

ماجد توبه 

 خلف جدران البيوت .. وبين أزقة الحواري والمدن الأردنية.. ثمة مراهقون وشباب أردنيون يحلمون بالهجرة.. والهروب من فقر استوطن.. ومن بطالة ارتفعت نسبها.. ومعيشة باتت كلفها باهظة.

45% من الأردنيين يفكرون بالهجرة كما تقول استطلاعات الرأي العام .. أي نصف السكان.. ولا تستغرب إن كان أغلب هؤلاء هم من الشبان والصغار الذين يرون ولا يملكون .. يحلمون ولا يطولون .. يتخرجون من الجامعات لتتلقّفهم البطالة والحواري والشوارع.. وتُخزَّن أسماؤهم في رفوف ديوان الخدمة التي أكلها الصدأ.

 

أما أيهم العمري وراشد صبح.. فتيا إربد المراهقان فقد اختصرا  - كما يبدو – ما مرَّ به شبابٌ سبقوهم في العلم والتخرج والخروج للحياة العملية.. أو هما هكذا اعتقدا.. فتركا البيت واختفيا ببساطة .. مخلفيِّن خلفهما حسرةً وقلقاً عارماً لدى أهليهما وزملائهما.. قبل أن يتم العثور عليهما بعد أربعة أيام في عمان ويتبخر حلمهما سريعا.

لقد خلّف راشد وأيهم مليون سؤال تصفع وجوهنا جميعا في مجتمع بات يبحث عن يقين وأمل بغد أفضل ولا يطوله .. حتى الآن.

 

دع عنك الآن الفقر وتردّي الأوضاع المعيشية للأسر الأردنية والتي ربما كانت محركا اعتمل في نفس المراهقين أيهم وراشد للبحث عن خلاص مبكر قبل أن تطحنهما الحياة.. لنعد إلى الكتاب المنجاة.. الذي اعتقدا أنه يمنحهما الأمل بعالم آخر.

 

"الأب الغني والأب الفقير".. الكتاب الذي يقدم وصفة موهومة أو حالمة للحصول على ثروة وحياة باذخة لا فقر فيها ولا حاجة .. رسم كما يبدو لأيهم وراشد طريق نجاة موهوما وحالما.. ليتركا بيتيهما وأسرتيهما ومدرستهما ويغلقا هاتفيهما وحساباتهما الالكترونية.. ويختفيا .. هكذا ببساطة.

لا تستغربوا .. فليس أكثر من المراهقين تأثرا بكلمة أو جملة أو انطباع يحمله كتاب أو كلمة أستاذ أو حتى فيديو لشخص غبي باحث عن الشهرة يبثه عبر اليوتيوب والتيك توك والانستغرام.

رفوف المكتبات وغرف القراءة عبر الشبكة العنكبوتية مليئةٌ بمثل كتاب "الأب الغني والأب الفقير".. كتب تحمل عناوين براقة تداعب أحلام الفقراء ومتوسطي الدخل.. والمستعجلين ببناء ثروة ودخول عالم رجال الأعمال.. كتب تستهلُّ أغلفتها الفاخرة بعبارات رنانة "الكتاب الأكثر مبيعا" .. الكتاب الذي غيّر حياة الكثيرين.. الكتاب الذي بيعت منه عشرة ملايين نسخة.. وهلم جرا.

كلها كتب جنت ثروات لكاتبيها.. لكن هل مكنّت قارئيها من جني ثروة أو بضع ثروة.. فهذا متروك لخيال القاريء والحالم.. وذلك الهارب من واقعه السيء.

 

هي كتب وفيديوهات.. تُخلِّف في الغالب إغترابا لدى الحالمين والمطحونين تحت ضغوطات الواقع المر.. فهي وصفات سحرية لعالمٍ مُتخيّل.. حكايا تليق بالدراما والأفلام.. وبعد أن يُحلّق قراؤها من شباب ومراهقين ومطحونين بفضاءات أحلامها.. يرتدّون بسرعة الصاروخ إلى الأرض.. ليرتطموا بالواقع المر.. فإما انكفاءٌ على الذات وعقدٌ نفسية.. وإما هروبلٌ مرضيٌ بانتحار وغرق بالمرض النفسي.. وإما بحثٌ عن هجرة حتى لو قادت لموت زؤام في قعر المحيط.

 

آه يا راشد.. آه يا أيهم.. آه يا شبابنا ومراهقينا.. ماذا فعلت بكم الأيام .. ماذا فعل بكم البحث عن خلاص فردي من عالم لم ياتِ على مقاس أحلامكم وطموحاتكم.. بل عالم طاحن لم يحقق لكم أبسط حقوقكم..

آه من هذا الشرق المنكوب.. الغارق في ليله.. الباحث عن خلاص طال انتظاره ولمّا يأتي بعد...