شريط الأخبار
"ذبحتونا" تحذر: تسارع خطير في خصخصة الجامعات الرسمية البنك الدولي: أسعار الأغذية في الأردن ارتفعت 0.8% في نيسان الماضي شركة مصفاة البترول الأردنية تطلق خدمات بوابة العملاء الالكترونية والدفع الالكتروني عمان الاهلية تتسلّم شهادة تقييمها بخمس نجوم من منظمة كيو أس البوتاس العربية تساهم بتمويل فرع المركز الوطني للسكري في الجنوب بـ 250 ألف دينار سيناتور أميركي يطالب برفع السرية عن تقرير بشأن مقتل شيرين أبو عاقلة 8 وفيات بحادث سير في المفرق وإصابات .. والدفاع المدني يتعامل البنك الأردني الكويتي يصدر أول أسناد دائمة مصنفة ضمن الشريحة الإضافية الأولى لرأس المال التنظيمي بقيمة 125.5 مليون دولار حسن صفيره يكتب: "ارفع رأسك"... انت في حرم جامعة عمان الأهلية الحكومة تطرح عطاء لإعادة تأهيل مدرج مطار عمّان المدني ارتفاع أسعار الذهب في الأردن 30 قرشا ارتفاع التحويلات المالية للأردنيين بقطر إلى 110 مليون دينار وزارة التنمية تحل جمعيات خيرية (أسماء) تقديم طلبات القبول الموحد بعد منتصف آب القادم احتراق إطارات مركبة شحن محملة بالديزل على طريق العدسية الكود #21# .. الأمن السيبراني يوضح: لا تجسس ولا اختراق للهواتف شكاوى من تعطل أنظمة وزارة العمل وتأخير معاملات الوافدين المحادين يؤدي اليمين الدستورية أمام الملك وفاة عشريني قاد مركبته بصورة استعراضية داخل نفق الشعب النفط يقفز أكثر من دولارين في التعاملات الآسيوية المبكرة

غريسا ومحمود الزيودي والوطن

غريسا ومحمود الزيودي والوطن


 
د.طلال طلب الشرفات
غريسا رداء الشمس، وأريحة الأمس الباسقة، الواثقة والرابضة على تخوم الأنفة الوطنية، وأكتاف مدينة الجند، ومحمود الزيودي يتجرّع الحزن صمتاً وصبراً ورضى وانعتاق من دمعة حرّى على رفيقة الدرب، دمعة عزّ انفكاكها وسكنت السويداء مقاماً إلى حين، رحلت أم نزار التي أنجبت، وضحّت، وصنعت كغيرها من حرائر الأردن فضاءً شريفاً للوطن؛ جنوداً ورجالاً غير آبهة بمتاع الدنيا، رحلت راضية مرضية، وجاورت الشهداء، والأباة، وصنّاع الفضائل وحسُن أولئك رفيقاً، غادرت وبقي الأثر الطيب، والوفاء العنيد، وما زالت رائحة القمح والمحيّا السمح تُطِل من وجنتي أبي نزار، ولون الشمس شاهدة عطاء في المنجل، وعبير الزعتر البرّي، والصبر المسجى في حنايا الوطن، وطرقات غريسا العتيقة.


غريسا لم تعد قرية بلا سقوف بعد أن هزم دم الشهيد راشد الزيود رواد الظلام، وشذّاذ الآفاق، هبوب الريح صنع للوطن عنفواناً لا يصدأ، وللكرامة الوطنية عنواناً لا يهدأ، المنية ولا الدَّنيّة، وإن عَادوا عُدنا، والدَّم الزَّكي قرباناً نستحضره في كل لحظة ومقام؛ فداءً للتاج والتراب المقدس الطهور. غريسا التبر والتراب هي النقش على حدِّ السيف، وقهوة الضَّيف، السمراء العابقة بالحكايا العتيقة، غريسا ملهمة شريك الهوى الوطني النبيل حبيب الزيودي؛ شذا البوح، وعتب القصيدة، الذي غنّى للثرى، والثريا، ولعمان الحب، وواسط البيت الكبير؛ فغفى غفوته الطويلة الموجعة في هضاب العالوك النَدية:

فإن عطشتِ وكان الماءُ ممتنعا
فلتشربي من دموعِ العين يا بلدي
وان سقطتُ على درب الهوى قطعاً
أوصيكَ اوصيكَ بالأردن يا ولدي.

محمود الزيودي ملح الأرض كما عهدناه، وفارس الكلمة كما ألفناه ، وحارس أمين للهوية الوطنية الأردنية الأصيلة في كل عمل أنجزه أو دور أدّاه، ورسول الأردنيين الصادق لتجليات الدراما الأصيلة، ومفاعيلها الناصعة التي عكست تضحيات الأردنيين، وأحلامهم النبيلة في البناء الوطني، وأداء دورهم المكلل بالغار في الدفاع عن فلسطين، ونصرة الأقصى؛ لم يألف الجنوح نحو الاغتراب، والحداثة المزيّفة التي تغادر القيم والجذور، ولم يأنس لكل مظاهر الردّة الوطنية التي تفتك بقيمنا الحية، وإرثنا الشريف، بل بقي يكتب " للخاكي" والحداء للجيش والحصّادين، وذكرياتنا الجميلة التي خالطت هواه؛ فتمسك بها، وعضّ على الولاء للعرش، والانتماء للأرض بالنواجذ، وعاش شريفاً يعانق الشمس؛ بشرف أمسى عزيزاً على الكثير ممن هم بين ظهرانينا.

الزيودي أثقل علي بالنقد ذات مقال، ولكن ذلك ما زادني -والله- إلا شرفاً بالحوار معه، والوفاء لقلمه ولتاريخه الشريف؛ والسبب أن هذا الرجل قدم للأردن والتراب والهوية أكثر بكثير مما قدمنا، وما زلنا نتلمس في أفقه الكبير، وضميره الوطني الحي طريقنا نحو مساحات النبل الوطني، ومعايير الإخلاص في سعة الوطنية الشريفة، وضيق المواطنة المحفوف بقلق الحساب المقيتة.

غريسا والزيودي توأمان يتبادلان الحكايا والوصايا الشريفة، واذا كانت أم نزار قد رحلت إلى بارئها؛ فالبقاء لله وحده، والأوطان التي تنبت الشرفاء حتماً لا تموت، ولعل الأوجاع تهدأ.