حتى لا تخرج الاحزاب من السباق مبكرا
.
.
في
ظل عدم جاهزية الاحزاب الاردنية لخوض الانتخابات على اسس برامجية ، فمن
المتوقع اعتمادها على الاشخاص ، بحيث تحرص عند اختيارها للمرشحين مراعاة مدى
تمتعهم بحضور شعبي او قدرة مالية تمكنهم من الانفاق على الحملات الانتخابية
وادارتها والتأثير في ميول الناخبين ( امور خاصة وشخصية ) ليحملوا الاحزاب ويعززوا
من فرصها في المنافسة لا لتحملهم . مما يفسر اعطاء مهلة لتشكيل الحكومات
الحزبية حوالي عشر سنوات او ما يعادل ثلاثة مجالس نيابية قادمة ..
ومع
كثرة الاحزاب التي ستخوض الانتخابات ( ٣٨ حزبا ) .. فمن الطبيعي ان لا يتجاوز
معظمها نسبة الحسم ( العتبة ) ، وستخرج من المنافسة ، وربما تخرج من الحياة
الحزبية ككل ، لأنها لم تحسن ترويج نفسها والتعامل مع المرحلة الحزبية الجديدة
التي تتطلب مهارة تسويقية لتجاوز نسبة الحسم حتى لا يكون مصيرها الفشل وتخرج من السباق
مبكرا لانها لم تأخذ باعتبارها ان هذا العدد الكبير من الاحزاب كفيل بتشتيت
الاصوات ، وان عليها مراجعة حساباتها وترتيباتها ان هي ارادت الوصول الى قبة
البرلمان.
وامام
المشهد الحزبي الحالي ومن خلال متابعتنا للخارطة الحزبية .. ونشاطات بعض الاحزاب
وطريقة تشكيلها ونوعية شخوصها .. فيمكننا ان نطرح احتمالات او توقعات لما يمكن ان
تكون عليه نتائج انتخابات القائمة العامة ( الحزبية ) مثلا ، إذ من المتوقع ان
تحصل اربعة احزاب هي ( الميثاق الوطني ، ارادة ، الوطني الاسلامي ، العمل الاسلامي
) على نصف المقاعد .. وقد تحصل على ٢٢ مقعدا ، بينما تحصل من اربعة الى ستة احزاب
اخرى على ما بين ٨ - ١٠ مقاعد ، بحيث تحصد هذه الاحزاب مجتمعة حوالي ٣٠ مقعدا ، في
حين ان بقية الاحزاب ستتنافس على ١٠ مقاعد فقط .. دون ان يحصل ايا منها على
اكثر من مقعد واحد ، ليصبح عدد الاحزاب الممثلة في مجلس النواب القادم ما بين ١٨ -
٢٠ حزبا من اصل ٣٨ حزبا
.
الامر
الذي لا يتناسب والغاية المرجوة من هذه الاحزاب في تطوير الاداء البرلماني . مما
يقتضي التفكير بتقليص عددها ، اذا ما ارادت اثبات حضورها والفوز بعدد من مقاعد
المجلس ، كأن تفكر بالاندماج مع بعضها وتشكل ائتلافات وتحالفات حزبية كفيلة
بتعزيز فرصها للحصول على اكبر عدد ممكن من المقاعد ، بصورة قد تمكنها من تشكيل
كتلة او اغلبية مؤثرة تحت القبة ، يجعلها قادرة على تطبيق برامجها الانتخابية التي
انتخبت عليها . عندها يمكننا التحدث عن حياة حزبية ناضجة قادرة على تأطير مسيرتنا
الديمقراطية بأطر مؤسسية برامجية ، كفيلة بتفعيل دور المؤسسة البرلمانية من خلال
تمثيل حزبي حقيقي وفاعل في مجلس النواب.
ومع
ذلك وحتى نبقى في اطار المنطق في الحكم على الاحزاب بحلتها الجديدة ومدى
فاعليتها وحضورها في المشهد الانتخابي القادم . فان علينا ان نأخذ بالاعتبار انها
لم تخضع لتجربة عملية تمكننا من تقيمها بصورة موضوعية وواقعية ، مما يحتم اعطاؤها
فرصة لخوض مثل هذه التجربة قبل الحكم عليها ، وذلك من خلال انتظار ما ستسفر عنه
نتائج اول محطة حزبية عملية ، ممثلة بالانتخابات النيابية القادمة بعد ان تم تخصيص
٤١ مقعدا للقائمة العامة ، والتي ستكون بمثابة التحدي امام الجهات المعنية ،
لاثبات جدية السير بمنظومة التحديث السياسي وفقا لخارطة الطريق التي رسمت لها ،
دون الالتفات الى نسبة المشاركة حتى وان جاءت متواضعة ، طالما اننا نريد ان نبني
عليها ونجعل منها معيارا عمليا لقياس مدى جديتنا في الذهاب بعيدا في مشروعنا
الاصلاحي ومن البوابة الحزبية تحديدا . وما اذا كنا سننجح فعلا في احداث التغير
المطلوب في قناعات الشارع الاردني ونظرته الى العمل الحزبي والبرلماني ، بطريقة
ستجعله متحمسا ومدفوعا نحو المشاركة في تلك الانتخابات وغيرها ، طالما تكونت لديه
القناعة بان التغير المنشود سيكون من خلال صناديق الاقتراع ، وبما يضمن الارتقاء
بالاداء البرلماني الى مستوى العمل الحزبي البرامجي المؤسسي ، الذي يعول عليه في
تكريس النهج الديمقراطي الاصلاحي في المشهد الوطني .