"الأطباء": لجنة وطنية تعرض رؤيتها حول "التأمين الصحي الشامل"
أعلنت اللجنة الوطنية لمشروع التأمين الصحي الشامل، عن رؤيتها بتوفير تأمينٍ صحي شامل، وذلك عبر ورشة نقاشية عقدتها نقابة الأطباء أمس بعنوان "مشروع التأمين الصحي الشامل".
ووضعت اللجنة المنبثقة عن وزراء سابقين وأعيان ونواب ونشطاء نقابيين وممثلين عن الأحزاب الوطنية في الأسابيع الأخيرة، مسودة مشروع لتحقيق تأمين صحي شامل ليصار بعد ذلك إلى عرضها على مختلف الجهات الرسمية.
وتتكوّن اللجنة من د. خالد الكلالدة، رئيسا، وعضوية كل من د.علي السعد، د.عصام الخواجا، د.یلدار شفاقوج، د.جھاد الشوارب، م. عزام الصمادي.
وخلال الورشة، عرض المشروع ، فيما تم تقديم ورقة بعنوان "واقع حال القطاع الصحي في الأردن" والتي قدمها د. السعد، فيما قدّم د. شفاقوج و د.الخواجا، ورقتين حول المشروع.
وحضر الورشة نقيب الأطباء د. زياد الزعبي وعدد من أعضاء النقابة بالإضافة إلى رئيس اللجنة الوطنية لمشروع التأمين الصحي الشامل د. خالد الكلالدة.
وقال الكلالدة، إن أعضاء اللجنة كان همهم متّسقا مع مسؤولية الأردن تجاه المواطن حسب الإمكانيات المتاحة من صحة وتعليم ووظائف وغيرها.
وبين أن اللجنة الوطنية لا تتحدّث عن مشاريع لجهة ما، مبينا أن الاجتماع الأخير للجنة لم يكن الأول، خصوصا وأنه على مدار عام ونصف واللجنة تقوم بالتباحث واستقاء وجهات النظر حول المشروع.
وشدد الكلالدة أن من رؤى اللجنة عدم المساس في القطاع الخاص من ناحية من يدير قطاع التأمين الصحي، مبينا أن هناك أطروحات تحدثت حول أن القطاع الخاص أكفأ، لافتا في ذات الوقت إلى أن اللجنة لا ترغب بإدخال المؤمّنين في مشكلة كبيرة لتحمّل أعباء مالية لا قدرة لها بها.
واعتبر أن المشروع مبني على استغلال ما هو قائم وتحسينه للوصول لرضا الناس بالتأمين الصحي، مبينا أن اللجنة تدعو لإيجاد تأمين صحي شامل لجميع المقيمين على الأرض الأردنية.
وبُنيت مسودّة مشروع التأمين الصحي الشامل على سياق أن نحو ثلث الأردنيين يفتقرون لأي شكل من أشكال التأمين الصحي (ما يقارب 30 %، نحو مليوني مواطن)، حيث تشكّل مسألة توفير تأمين صحي شامل لهم أحد أهم التحديات التي يواجهها قطاع الصحة.
وقالت اللجنة، إن المشروع يأتي انطلاقا من الواجب الأخلاقي الإنساني والوطني، وبحكم التزام المملكة بمجموعة من المواثيق الدولية تكفل حماية الحق في الصحة، وفي ظل تأكيد دستور منظمة الصحة العالمية على الحق الأساسي لكل البشر بالتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، نقدم مشروع التأمين الصحي الشامل 2023، والذي يشمل مليوني مواطن من غير المؤمّنين، ويوفر رعاية صحية تكفل هذا الحق بعدالة وجودة لكافة القاطنين في المملكة.
ولا يشكل هذا المشروع للتأمين الصحي الشامل قطعا بل استكمالا وبناء على ما هو قائم من تأمين صحي مدني وعسكري وغيرها، بكفالة وضمان الحكومة.
وحدّدت اللجنة الوطنية 5 معالم لقطاع الصحّة اللازمة والقابلة للتحقيق في إطار المشروع، وهي أوّلا، مظلّة وطنية كبرى قادرة على تغطية ثلث الأردنيين غير المؤمّنين، وإلى جانبهم باقي القاطنين، كما وقابليتها للتطور والتوسّع مع مرور الزمن.
وأضافت أنه برفقة هذا التوسّع في نسبة من يغطيهم التأمين، توسّع فيما يشمله ويغطيه التأمين كالأدوية غير الأساسية والضرورية، كما ومواكبة التطور العلمي.
ومن شروط القدرة على ذلك توفير طرق وسبل القياس العلميّة في الأطراف والمركز، وذلك لأغراض اكتشاف مكامن الخلل مهما صغرت وعلى وجه السرعة، وضمان توفر البيانات اللازمة مستقبلا لاتخاذ القرارات والتخطيط.
وفي الجزئية الثانية، دعت لإعادة هيكلة وتصميم جراحيّة تنظيميّة إداريّة دقيقة للقطاع، تشمل الحوافز بما يتيح الحفاظ على الكوادر، وإعادة استثمار رأس المال المعرفي والبشري في البلاد بدلا من نزيف المهارات الحاد.
وأضافت "بالتالي تتم هندسة هذا الاستثمار بما يضمن أعلى عائدٍ وطني ممكن على مستويات التدريب وإعادة التدريب والتأهيل والتطور المعرفي ومواكبة التطور المتسارع، على مستويات الطبيب المتقاعد كما المتدرّب والطبيب العام والمختص، وإلى جانبهم وأسوة بهم قطاعات التمريض والصيدلة وخبراء الأشعّة والتقنيين".
ويركّز المعلم الثالث، على موازنة ماليّة تمتاز بمقوّمات الديمومة، بحيث يستطيع المواطنون من الجهة الأولى الاشتراك في التأمين أكانوا عاملين أم لا، ومن الجهة الأخرى ضمان نظام مالي يستطيع تحفيز الكوادر في القطاع تجاه أعلى مستويات نوعية الخدمة ودوام ربط المردود المالي برضى المريض وبيانات التعافي ومؤشرات الأداء، وتطور الكوادر معرفيا وتقنيا.
ورابعا، شدّدت اللجنة على تكامل ما بين القطاعات الصحيّة الحكومية والعسكريّة، كما والخاصة والدولية، بما يفضي لرفع كفاءة وفاعلية استخدام الأجهزة الطبية، وسرعة الوصول إلى الخدمة، والقدرة المتعاظمة على المفاوضة مع الشركات المصنّعة للأدوية والمعدّات الطبيّة.
وفي الجزئية الخامسة، أكدت الحرص على العدالة الاجتماعيّة بين الناس في الخدمات التي توفرّها مظلّة التأمين، بحيث تشمل حدّا أعلى لكلفة الاشتراك، وبما يضمن اقتصار الفروق بين درجات التأمين على حدود الخصوصية (عدد الأسرّة لكل الغرفة)، وفقط.
وأشارت اللجنة إلى أنه عبر نظام الحوافز، يُمكن ضمان جودة وتوفّر الخدمة على الامتداد الجغرافي والديموغرافي للبلاد عبر تحفيز تغطية المناطق بما يضمن العدالة في النوع والسرعة.
وقالت، إن مشروع التأمين قابل للتطبيق إذا ما تم وضع إستراتيجية وخطة عملية مبنية بناء على حاجات المجتمع وتركيبته السكانية وتقييم واقع البنية التحتية القائمة بهدف تطويرها والوصول بها إلى كافة فئات المجتمع.
ودعت اللجنة في مشروعها، للاستفادة من الخبرات الطبية في القطاع الخاص، مؤكدة أن الأطباء الذين سبق أن عملوا في القطاع العام قد تحصّلوا على درجات اختصاص مختلفة، وراكموا خبرات عملية واسعة يصلون لسن التقاعد ومن ثم ينتقلون للعمل في عيادتهم الخاصة، وتكون قد تراكمت لديهم خبرات نظرية وعملية على درجة من الأهمية، اكتسبوها على حساب وقتهم وجهدهم وبإنفاق الدولة على تخصصهم وتدريبهم.
وتساءلت اللجنة "لماذا لا تتم الاستفادة من هذه الخبرات والقدرات لنقل المعرفة والخبرة للأطباء المنضوين في برامج الإقامة المختلفة؟".
وأوضحت أن إحدى أهم التحديات التي تواجه المشاريع المتعلقة بالتأمين الصحي الشامل هي حصر أسماء وأعمار وعناوين المواطنين بالإضافة إلى القاطنين من غير الأردنيين.
وللتغلب على هذا التحدي، ارتأت اللجنة أن يتم إعداد قائمة المشتركين من الأردنيين والعمالة الوافدة والوافدين من أماكن أخرى، وأن يتم الاستعانة بجداول الهيئة المسقلة للانتخاب بالنسبة للأردنيين، فيما يتم الاستعانة بمعلومات من وزارتي العمل والداخلية ووكالة الغوث"الأونروا" ومفوضية اللاجئين للعمالة الأجنبية أو الوافدين إلى المملكة.
وقالت اللجنة إن الركن الأساس في الحق بالحصول على تأمين صحي شامل ورعاية صحية ذات جودة عالية مع ضمان مبدأ العدالة، يرتكز على تقوية وتعزيز القطاع الصحي العام ممثلا بوزارة الصحة، وينسحب ذلك على الخدمات الطبية الملكية.
ودعت لتعزيز الرعاية الصحية الأولية، عبر تخصيص بند حوافز مجزي لمن يخدم في هذه المراكز، إذ يجب أن تصبح هذه المراكز الركن الأساس في بناء المنظومة الصحية، والحوافز هي أحد الدوافع الرئيسة التي تشجع على الخدمة فيها.
وطالبت اللجنة بعمل ملف لكل مريض ولكل عائلة وفقا لطبيعة الخدمة في هذه المراكز التي تتطلب نظاما محوسبا مربوطا مع المركز الصحي الشامل، واستحداث برنامج لإدخال الأطباء العامين في برنامج دبلوم طب الأسرة (لمدة سنتين) فيما الطبيب على رأس عمله، ومن يتحصل على هذا الدبلوم بنجاح يمكنه أن يستكمل خدمته في نفس البرنامج ضمن تخصص طب الأسرة بإشراف تدريبي ممنهج.
وفيما يخص برنامج اختصاص طب الأسرة، فيستدعي مناوبة أسبوعية واحدة خلال الدوران في التخصصات الرئيسية الأربعة، ولا يستدعي الدوام (والدوران في المستشفى).
وأكدت أهمية وضع برامج وقاية وتشخيص مبكر للأمراض المزمنة كالسكري، الضغط، السمنة، الربو، سوء التغذية والأمراض المزمنة الأخرى الناتجة عنها، والعادات الضارة بالصحة كالتدخين، ووضع برامج تحفيزية لأنشطة صحية كالمشي السريع في محيط وبيئة المكان الذي تعيش فيه الأسرة، كما ويمكن وضع برامج صباحية بحد أدنى 3 مرات أسبوعيا لكبار السن لتمارين بدنية خفيفة مع مراعاة "البيئة الاجتماعية وغيرها.
وطالبت اللجنة باعتماد التحويل من المراكز الصحية الشاملة للمستشفيات وفق تقارير طبية معللة في نموذج التحويل الخاص.