كرةُ القدمِ تحددُ المصير!


داليا الزيودي
عندما تحفَّزتْ لديَّ الرغبةَ
في كتابةِ المقال، بدأتُ بالتفكيرِ حول الموضوعِ الذي أُريدُ الكتابةَ عنه، حينها لم أجِدْ أجدرَ من مسألةِ الخلافاتِ المستمرةِ التي تخلِّفها المنافساتِ الرياضية، نحنُ اليومَ نقفُ أمامَ تحدٍ صعبٍ، أريدُ أن أصِفَه بالمعضلةِ لا بالمشكلة، المعضلةُ التي تعني صعوبة اتخاذِ الحلولِ والقرارات لصعوبةِ التحدي.
لطالما كنّا ننادي ونتغنّى بالوحدةِ الوطنيةِ ولا نقبلُ بالعنصريةِ، إلّا أنَّنا اليومُ جميعَنا نعيشُ في بيئَةٍ تتخلَّلُها العنصرية، نحترمُ من يتوافقُ معَنا، ونختلِفُ بل ونتقاتَلُ معَ من لا يشبهُنا ولا يتوافقُ معَنا.
الوحدات والفيصلي، كم من منافساتٍ أُقيمَت بينَ الفريقينِ ولم تنتهِ إلا بأعمالِ شغبٍ، وعشراتِ الإصابات، والاشتباكاتِ الواقعةِ بين مشجعي الفريقين، لم تمضِ مباراةٌ إلّا وانتهت بحادثةٍ يأسَفُ عليها كلُّ من يملكُ الضميرَ والإنسانية، ألَم نشهدْ قبلَ ما يقاربُ سنةً من الآن وفاةَ الطفل حسن أبو رمضان عقبَ مباراة ٍ جمَعت الفريقين نتيجة القاء احدِهم "طوبة" على راسِه من أعلى بناية، تعبيراً على غضبِه من نتيجةِ المباراة التي لم تكن مرضيةً له.
ألم نشهدْ إصابةَ العديد من أفراد قوات الدرك، أثناء القيامِ بعملِهم وبذلِ جهودهم للحفاظِ على أمنِ المجتمع وسلامةِ المواطنين، هناك العديدَ من المشاهدِ المؤسفة التي تتكرر في ظلّ انعقادِ مبارياتٍ تجمعُ بين الفريقين، إذاً ما هو ذنب كل متضررٍ من هذهِ الأفعال الأقرب الى الاجرام؟
قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)
أُجزمُ بأنّنا سنظلُّ نسمعُ ونرى بمثلِ هذه المشاهد والقصص المؤسفة طالما أن القائم بها لا يغيرُ فكرَه ولا يرتقي به، لا أحد يستطيع أن ينكرَ بأن السببَ الوحيد للذي نعيشه اليوم هو غياب الوعي وطغيانِ الجهل والتخلف، والأدهى من ذلك انَّه يتم بث الأفكار المتعصبة والصفات العنصرية في أذهانِ الأطفال منذ الصغر، أي بمعنى أنّها تتناقل عبرَ الاجيال، وكأنها شيءٌ يتمُ توريثه.
وما يزيدُ الامر سوءاً ما نشهدُه اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي من استغلالٍ لمثلِ هذه المواضيع لتكونَ وسيلةً في الحصولِ على مشاهداتٍ، والوصولِ الى أكبرٍ فئة ممكنة، وتحقيقٍ للمصالح، ولا يقعُ ضحيةً إلّا هؤلاء الفاقدين للوعي والادراك وغير المدركين لسوءِ العواقب.
لأحدثكم عن الأمرِ الأكثر سخرية، البعض يفتعلُ هذه الأمور تحت مسمى "الانتماء والولاء"، حاشا للانتماءِ والولاء أن تكونَ مثل هذه الأفعال معبرةً عنه، ويا ليت أن يتمَ الفهمُ الصحيح لهذه المفاهيم والاستنجادُ بها لما يتناسب معها.
في كلِّ مرةٍ أتساءلُ فيها عن الذي يمكنُ أن يغيرَ من تفكيرِ هذا الكمّ الهائل من المشجعين المتعصبين، يتضحُ لي بأنّنا أمامَ حمل كبير ومسؤولية كبيرة.
البعض ينادي بإيقافِ المباريات بين فريقين والغائهم، والبعض الآخر لا يوافقُه الراي، إذاً ما الحل؟
والى متى ستظلُّ تتكرَّرُ هذه المشاهد؟
وما النهاية؟