عندما يخرج أبو جهل من قبره مستنكرا


د. محمد أبو بكر
لن أتحدّث عن الخليفة المعتصم ، ولا عن
القائد خالد بن الوليد ولا حتى الخليفة عمر بن الخطاب ، بل عن المدعو (أبو
جهل ) ماغيره ؛ هذا الرجل الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم
يتمنّى دخوله الإسلام ، حيث قال .. اللهمّ أعزّ الإسلام بأحد هذين الرجلين ،
والمقصود أبو جهل وعمر بن الخطاب ، فأسلم عمر وبقي أبو جهل على عناده .
من عاشوا في العصر الجاهلي امتازوا
بالعديد من الصفات التي نفتقد الكثير منها اليوم ، ونحن نشاهد بأمّ أعيننا ما يجري
في قطاع غزة ، فقد كانوا أصحاب شيم غير موجودة في باقي الأمم ، وأصحاب نخوة ، وكان
أبو جهل على رأس هؤلاء ، داهية وحكيما ومعتزّا بنفسه وناصرا للمظلوم ، وقد كان
رسول الله يرى بأن الصفات التي يتحلّى بها أبو جهل فيها عزّة للإسلام ودفعة قوية
له لو دخل في الدين .
ماذا سيكون موقف أبي جهل لو خرج من قبره
و كان بيننا اليوم ؟ الرجل لن يتصرّف أبدا كحكّام العرب اليوم ، لن يقوم بإصدار
بيان تنديد واستنكار ، هو يدرك معنى العزّة الكرامة والنخوة ، وحين يرى بأمّ عينيه
ما يجري في غزة ، فإنّ حميّة الجاهلية ستكون حاضرة تماما ، وربما سيعمل على زلزلة
الأرض من تحت أقدام الصهاينة ، هكذا كانوا في الجاهلية ، لأنّ نصرة المظلوم كانت
تعتبرا أمرا مقدّسا لديهم ، فما بالنا لو كان هذا المظلوم من بني جلدتهم ؟
المعتصم حرّك جيوشا من أجل نصرة امرأة
واحدة صرخت واااامعتصماه ، لم يرها المعتصم ، لم تكن في حينه لا فضائيات ولا وسائل
تواصل إجتماعي ، لقد حرّك الجيوش من أجل إمرأة عربية واحدة ، في حين يشاهد كلّ
الحكّام آلاف النساء الفلسطينيات وهنّ يصرخن ويناشدن حكّام العرب والعالم دون أن
يرفّ لهم جفن .
في لحظة ما ؛ تمنّيت لو أنّ السيد أبو
جهل كان حاكما عربيا في هذا الزمان ، أجزم بأنّ حميّته الجاهلية ستحرّكه ، وسيعمل
على تجهيز الجيش ومناصرة شعبنا الفلسطيني ، سواء في قطاع غزة أو في كافة أرجاء
فلسطين المحتلة ، ولكن الرجل يرقد في قبره ، وأجزم مرّة أخرى بأنه اليوم يتململ في
قبره ، راغبا الخروج منه ولو لفترة وجيزة ، ثمّ يعود إلى القبر لاستكمال رقوده .
فأين أنتم اليوم ياعرب وأنتم تشاهدون
البثّ المباشر للجرائم الصهيونية ، وقتل النساء والأطفال ، وهدم البيوت فوق رؤوس
ساكنيها ؟ ماذا دهاكم وأنتم تشهدون كل يوم تدنيس الأقصى وكل المقدسات ببساطير جنود
الإحتلال ، أقسم بربّ الكعبة أن أبا جهل الكافر لن يقبل بذلك أبدا .
افتقدتم النخوة والرجولة ، انظروا إليها
عند أبي جهل .. حيث غضب أبو جهل من السيدة أسماء بنت أبي بكر ، فضربها على وجهها ،
فشعر بندم شديد ، وظلّ يتبعها راجيا منها أن لا تخبر أحدا عن فعلته ، وأن لا تفضحه
أمام الناس ، حتى لا يقال أن أبا جهل ضرب إمرأة .
كل يوم تقوم العصابات الصهيونية بضرب
وقتل وسحل نسائنا في فلسطين ، نشاهد ذلك ، نتأفف ، نغضب ، ونصبّ جام غضبنا على أهل
بيتنا ، وفي النهاية أصرخ في زوجتي مخاطبا إيّاها بنبرة حادة .. إعملي فنجان قهوة
وحضّري الأرجيلة .. فار دمّي !
اللعنة علينا جميعا ، بتنا بلا نخوة ولا
شهامة .. أين أنت يا أبا جهل ؟