هيلدا عجيلات

يُعد موقع المغطس، حيث تعمّد السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان، من أبرز المعالم الدينية والتاريخية في الأردن، ومنه انطلقت المسيحية إلى العالم. يتمتع هذا الموقع بأهمية خاصة كوجهة للحجاج والسياح من مختلف أنحاء العالم، مما يجعله رمزًا دينيًا وإنسانيًا عالميًا. وخلال زيارتي الأخيرة لهذا الموقع المقدس، لفت انتباهي الجهود الملموسة المبذولة لتطويره والحفاظ عليه، وهو ما يعكس التزام الأردن بتعزيز مكانته على المستويين المحلي والدولي.

رغم التقدم المحرز في تطوير الموقع، هناك جوانب عديدة يمكن العمل عليها لتقديم تجربة أفضل للزوار. من أبرز هذه الجوانب ضرورة توفير مسارات مهيأة ومخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، بحيث تتماشى مع المعايير العالمية، مما يضمن سهولة التنقل داخل الموقع. كما يجب تجهيز مرافق صحية تتناسب مع احتياجاتهم لتحقيق راحتهم أثناء زيارتهم.

وفي ظل الإقبال الكبير الذي يشهده الموقع من زوار دوليين، فإن توفير لوحات إرشادية ومعلوماتية بلغات متعددة على طول الممرات يُعد خطوة أساسية لتسهيل تنقل الزوار غير الناطقين بالعربية وتعزيز فهمهم للأهمية الدينية والتاريخية لهذا المكان.

كما يمكن تعزيز تجربة الزوار من خلال توفير لوحات تعريفية تتضمن معلومات عن الكنائس الموجودة في الموقع، تاريخ بنائها، والقديسين المرتبطة بهم، مما يُثري المعرفة ويُعمّق فهم الزوار للأهمية الدينية والتاريخية للموقع. إضافةً إلى ذلك، يمكن إدراج معلومات حول يوحنا المعمدان وتلاميذ السيد المسيح ودورهم في نشر الرسالة المسيحية، مما سيُضفي بُعدًا تعليميًا وثقافيًا يثري تجربة الزائر.

لتعزيز راحة الزوار، من المستحسن إنشاء نقاط استراحة على طول الممرات المؤدية إلى موقع العماد، مزودة بخدمات ضيافة تُقدم القهوة والشاي والمياه المعدنية. ومن المهم أن تُرفق لوحات توضيحية للأسعار لضمان الشفافية. توزيع هذه النقاط بين مسافات مناسبة سيُساهم في تحسين تجربة الزوار وتلبية احتياجاتهم خلال الجولة.

نظرًا لأهمية الموقع وأعداد الزوار الكبيرة، فإن إنشاء مركز دفاع مدني قريب مجهز للتعامل مع الحالات الطارئة يُعد ضرورة لتعزيز الشعور بالأمان لدى الزوار وضمان استجابات سريعة في حالات الطوارئ.

من الجدير بالذكر أن الحكومة الأردنية قد خصصت 100 مليون دولار لتطوير منطقة المغطس على نهر الأردن، ودعت المؤسسات الدينية والحكومات المعنية للمساهمة في التكاليف، بهدف تعزيز الموقع على الخارطة العالمية للسياحة الدينية. هذه الجهود تعكس الرؤية الأردنية في الاستثمار بالمواقع التاريخية والدينية لتعزيز السياحة المستدامة.

لا يسعنا إلا أن نشيد بالجهود المبذولة لتطوير موقع المغطس والحفاظ عليه، مع الإيمان بأن تنفيذ التحسينات المقترحة سيجعل الموقع أكثر جذبًا وشمولية لجميع الزوار. إن تعزيز تجربة الزائرين سيُسهم في تعزيز السياحة الدينية والثقافية في الأردن، ويُبرز التزام المملكة بالحفاظ على تراثها الفريد وإرثها التاريخي