شركاء بالنصر.. هذا ما قدمه الأردن لدعم صمود الفلسطينيين وتعرية السردية الاسرائيلية
ماجد توبه
بعد 15 شهرا من الحزن والغضب والقهر
الذي طحن الأردنيين، قيادة وشعبا، وهم يعيشون لحظة بلحظة حرب الابادة الصهيونية
على قطاع غزة واهلها من اعتى واوحش قوة احتلال بدعم من اعتى قوة في العالم، يجد
الاردنيون اليوم انفسهم شركاء في النصر والصمود الفلسطيني، والاكثر ارتياحا مع
اشقاء الروح بوقف حرب الابادة الاشرس في هذا القرن.
لم يكن الاردن كغيره من دول يدافع
عن قضية عادلة او يتعاطف مع شعب مظلوم في نصرتهم بكل ما قدر عليه واكثر، بل كان
اضافة الى ذلك يدافع ويقاتل عن اهم مصالحه العليا القومية والوطنية من هذا العدو
الوحشي الذي لم يكن يخف اطماعه ومخططاته العدائية بحق الاردن بعد فلسطين وعبر
تحقيق اهدافه فيها.
لقد راهن الاردن على صمود الشعب
الفلسطيني رغم الماساة، وذهب لدعم هذا الصمود بكل مقدرات الدولة.. وفاز بالرهان.
يحق للاردن اليوم ان يفتخر وان
يشعر بالرضا انه بذل جهودا جبارة، انسانية واغاثية.. والاهم دبلوماسية وسياسية
لتعرية اهداف العدوان وبناء جبهة دبلوماسية وانسانية عربية ودولية تحشد الراي
العام الدولي للوقوف بوجه مخططات العدو التي كانت معلنة من عدوانه بعد طوفان
الاقصى وعلى راسها تهجير الشعب الفلسطيني وبناء المستوطنات في غزة قبل الانتقال
الى الضفة الغربية المحتلة ليعمل فيها كل شرور الارض.
لن ينس العالم، ولا الاخوة
الفلسطينيون مواقف وخطابات وتصريحات جلالة الملك عبد الله الثاني ضد اسرائيل
وعدوانها وجرائمها ومخططاتها، ولا جولات جلالته وولي عهده وبنائه موقفا عربيا واوربيا
يكون ضاغطا على اسرائيل والولايات المتحدة لكبح جماح العدو وخرقه لكل القيم
الانسانية والدولية، وقد اثمر ذلك ببناء هذه الجبهة التي بقيت تضغط حتى الوصول الى
اتفاق وقف اطلاق النار وحرب الابادة دون ان تخقق اسرائيل تهجيرها واستيطانها واحتلالها
الدائم لغزة. وقد كان للاحترام والحكمة التي يتحلى بها جلالة الملك والاردن دور
كبير في بناء هذه الجبهة العالمية.
حتى جلالة الملك رانيا التي تتجنب
عادة الحديث بالسياسة وجدت نفسها مشاركة بخوض المعركة اعلاميا وسياسيا مع اهم
شبكات التلفزة والمؤتمرات العالمية للدفاع عن الشعب الفلسطيني وانسانية الانسان.
اما نائب رئيس الوزراء وزير
الخارجية ايمن الصفدي، الذي حمل موقف الاردن وفلسطين في كل محافل الارض، فقد تجاوز
مرحلة الحديث الدبلوماسي الى دور المقاتل الدلوماسي والسياسي والاعلامي الذي يعري
ويفند السردية الاسرائيلية وحتى الامريكية ويضرب بقوة على عصب القانون الانساني
والدولي وضمير العالم حتى بات، هو وموقف الاردن، محط هجوم شخصي من مسؤولين اسرائيليين..
واذا كانت الحرب تبدا باطلاق النار فانها تنتهي بالسياسة وهو ما عمل عليه الاردن
وقاتل من اجله لانه انطلق من نقطة رئيسية ان المعركة مع الشعب الفلسطيني واحدة ضد
العدوان الاسرائيلي
اما على الاصعدة الاخرى، فان ما
قدمه الاردن من مساعدات واغاثة للشعب الفلسطيني المنكوب لم يقدمه احد، تشهد عليه
كل بقعة من غزة التي وصلتها المعونات الاردنية وتلك التي تطوع الاردن لايصالها
وقدمتها دول ومنظمات دولية، الى درجة ان جسرا اغاثيا اردنية لم يتوقف يوما تقريبا
طوال فترة العدوان. وابتكر الاردن القاء المساعدات الاغاثية بالطائرات الى الاماكن
التي يصعب الوصول اليها برا جراء العدوان، متقاسما لقمة الخبز مع اشقاء الروح
المنكوبين.
دع عنك المستشفيات الميدانية
الاردنية في غزة والضفة واستقبال الجرحى لعلاجهم بالاردن ، والكثير الكثير الذي
تعجز هذه السطور عن الاحاطة بها.
لقد خسر الاردن كثيرا جراء هذه
الحرب العدوانية الطاحنة والتي امتدت لساحات اخرى، ودفع من اقتصاده ومقدراته
الكثير، لكن ذلك كله لا يساوي الرضا الاردني بقيامه بما عليه من واجب تجاه اشقاء
الروح في اصعب ازماتهم وماسيهم.
لم تنته معارك الاردن ولا جهوده في
حمل عبء القضية الفلسطينية والتصدي لما يهددها، ورغم ترحيبه اليوم وفرحه بوقف حرب
الابادة في غزة فانه اليد ستبقى على الزناد عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا واغاثيا
للدفاع عن الشعب الفلسطيني.. فهذا قدره الذي يفتخر به دون منة.