علم النفس السياسي الاسرائيلي
.
وليد عبد الحي
علم النفس السياسي هو
مجال استقصائي متعدد التخصصات يهتم بتحليل الفكر السياسي وسلوك الأفراد داخل
المجتمعات المنظمة سياسيًا. وتتركز موضوعاته في السلوك السياسي على المستوى
الفردي( دراسة شخصية الزعيم او الحاكم) وعلى المستوى الجماعي ( الجمهور العام
والنخب السياسية ) لتغطي موضوع نشاطات رسمية أو غير رسمية مثل
:المشاركة السياسية.، المعتقدات والقيم السياسية ، العمليات المعرفية في صنع
القرار السياسي ، والتواصل السياسي ، والتأثيرات الإعلامية ، والخطاب السياسي ،
والصراع الدولي ، والعنصرية والتحيز ، والهويات العرقية ...الخ.
وبمتابعة
لموضوعات علم النفس السياسي في اسرائيل يمكن تقسيم اهتماماتهم
على النحو التالي(ولن أتوقف عند دراساتهم عن الشعوب خارج منطقتنا نظرا لاتساعها) :
1- المجتمع الاسرائيلي: يتم التركيز هنا على
موضوعات العلاقات بين الثقافات الفرعية( سفارديم/اشكنازيم، الصابرا/ المهاجرون
اليهود/ ، اليهودي الروسي واليهودي/ غير الروسي، اليهودي الاسود( الفلاشا) /
اليهودي الابيض، العربي والدرزي واليهودي، المتدين والعلماني..الخ، اما الجانب
الآخر فهو التركيز على القيم والمشاركة السياسية والابعاد السيكولوجية في اتخاذ
القرار في اسرائيل( ويمكن اعتبار دراسات آريان(Asher Arian) الاكثر تاصيلا في هذا الجانب الى جانب دراسات Auerbach حول شخصيات قيادية اسرائيلية مثل مناحيم بيغن وديان أو Ben-Rafael حول الأعراق(Ethnicity) أوBenjamin.K حول توجهات الشباب
الاسرائيلي او دراساتA.Falk. في دراسته عن ديان أو
دراساتYael S. Aronoff حول
سيكولوجية رؤساء الوزراء الاسرائيليين، كما تمثل دراساتDaniel Bar-Tal الاطار النظري لموضوعات القيم والجوانب الأمنية
في سيكولوجية الشخصية اليهودية.....الخ.
2- العلاقة مع الفلسطينيين: وتنقسم اهتمامات علم
النفس السياسي الاسرائيلي في هذا الجانب في موضوعات اربعة بشكل رئيسي هي:
أ- سيكولوجية رجال
المقاومة( دراسات نفسية في الارهاب، والعنف...الخ) حيث يتم التركيز هنا على
الدوافع النفسية للانخراط في المقاومة( الارهاب من وجهة نظرهم) وتحليل شخصية
الاستشهادي(الانتحاري).
ب- سيكولوجية القيادات
الفلسطينية أو النخب مع التركيز على التلاعب بهذه الشخصيات( من خلال التأثير غير
المباشر) او لاستغلال عقده الشخصية لتجنيدهم كعملاء.
ت- دراسة توجهات
الشرائح الاجتماعية الفلسطينية بخاصة نحو اليهود من زاوية البعد الديني والقيم
والريف والمدينة والمخيم والطبقات والأعمار وذلك من خلال الادب الفلسطيني
والاساطير والامثال والطرائف والأغاني وفنون الرقص...الخ.
ث- توجهات الاعلام
الفلسطيني من حيث مضمونه ودلالاته النفسية
ويبرز في هذه الدراسات N.Friedland حول " الارهاب
الفلسطيني"، او دراساتS.Mishal حول
ياسر عرفات، أوG.Weimann حول العلاقة بين
الاعلام والارهاب ودراساتHerbert C.Kelman حول
الابعاد السيكولوجية في الصراع بين العرب واليهود. ودراسات Aviad Rubin حول بنية النخبة السياسية الفلسطينية ومقارنتها بالنخبة
الاسرائيلية في فترة ما قبل الدولة، او تحليل شخصية وسياسات رئيس سلطة التنسيق
الامني التي قام بهاGadi Hitman الاستاذ بجامعة أرئيل
المقامة في الضفة الغربية..الخ.
وتخضع آليات تجنيد
العملاء لدراسات مكثفة من الباحثين السيكولوجيين الاسرائيليين ، وتكشف مقالات Yoni Ben Menachem الذي كان ضابطا في مديرية الاسخبارات العسكرية
الاسرائيلية عن التغلغل الاسرائيلي في الاجهزة الفلسطينية في وسائل الاعلام
والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والمواقع الالكترونية ، ويتم التجنيد من
خلال طرف ثالث، واحيانا يتم تجنيد افراد لا يعرفون أنهم يعملون لصالح اسرائيل. بل
ان تقريرا لمنظمة اليونيسيف(unicif)التابعة للأمم
المتحدة يؤكد تجنيد اسرائيل للاطفال الفلسطينيين كعملاء أثناء سجنهم او بعد
اطلاق سراحهم(Coalition
to Stop the Use of Child Soldiers-
The situation of
Palestinian children p. 23 )
وأن 40% من هؤلاء الاطفال السجناء يجري تجنيدهم،
وبتعاون مع خبراء علم النفس.، او ان المخابرات الاسرائيلية تستغل المرضى
الفلسطينيين لمنحهم تصاريح سفر مقابل التعاون مع المخابرات الاسرائيلية.
3- العلاقة مع الدول والمجتمعات العربية: وقد شكلت
زيارة السادات الى القدس ومعاهدة السلام الاسرائيلية المصرية نقلة كبرى في توجهات
الدراسات السيكولوجية الاسرائيلية، واتسعت دائرة هذه الدراسات بشكل اكثر وضوحا الى
كل المجتمعات العربية لتغطي كل مناحي الحياة العربية. وتبرز في هذا الجانب دراسات R.Batai حول العقل العربي، او Yuchtam-Yaar حول المسافة الاجتماعية وعلاقتها في الصراع العربي الصهيوني أو
دراساتS.Shamir حول
سيكولوجية المجتمع المصري او دراساتInbar M. حول المنظومة المعرفية
العربية في الصراع العربي الصهيوني، ناهيك عن دراسات Yehoshafat Harkabi عن التوجهات العربية نحو اسرائيل.
ان الاطلاع على الدراسة
الصادرة عام 2010، تحت عنوان"Barriers to Peace in the Israeli-Palestinian Conflict) والتي تقع في (383 صفحة) وتمت بالتعاون بين The Jerusalem
Institute for Israel Studies من ناحية ومؤسسة
Konrad-Adenauer-Stiftung الألمانية وشارك فيها 13 باحثا معظمهم من الجامعات
الاسرائيلية تجعل القارئ يدرك دور علم النفس السياسي في تشكيل البيئة
السياسية والعقل والمشاعر ونقاط الضعف من احباط وكبت والتلاعب بالعقل الباطن
للمجتمع والافراد.
سؤالي: كم تساهم أدبيات
علم النفس السياسي الاسرائيلي في صناعة القرار الفلسطيني لسلطة التنسيق الامني؟ إن
تمرير بعض العبارات في الخطب السياسية للقيادات الفلسطينية ، والظهور في اماكن
معينة، وانماط السخرية في بعض الخطابات ، والتواصل السري مع جهات معينة ثم الاعلان
عنها، واتخاذ القرار في لحظة ووقف تنفيذه بطريقة معينة، وعمليات تسريب الأخبار عن
تطبيع أو غيره، أو استغلال التنافس المرضي بين افراد النخبة الفلسطينية....الخ، لا
أظنها بريئة.