شريط الأخبار
العدو يضغط لتهجير الغزاويين بتشديد الحصار بمنع دخول المعدات والجرافات بنك صفوة الإسلامي يوصي برفع رأسماله إلى 150 مليون دينار المعشر: الاردن لديه اغلبية اصدقاء بالكونغرس لن تسمح بقطع مساعداته واوروبا ردت على ترامب بـ3 مليارات اكتمال تبادل الاسرى بالدفعة الثالثة: 110 فلسطينيين مقابل 3 اسرائيليين كتائب القسام تنعى استشهاد قائدها العسكري محمد الضيف رئيس الديوان الملكي يتفقد مشاريع مبادرات ملكية في الكرك والعقبة الملك يهنيء الشرع بتولي رئاسة الجمهورية السورية الملك يبحث ورئيس وزراء اسبانيا تكثيف المساعدات لغزة مقتل العراقي سلوان موميكا حارق القرآن بالرصاص مقتل العراقي سلوان موميكا حارق القرآن بالرصاص الملك يوجه الحكومة لإنشاء ستاد دولي جديد لكرة القدم مبعوث ترامب: على مصر والأردن تقديم بديل عن استقبال الفلسطينيين حجازي يؤكد على دور هيئة النزاهة في حماية المستثمرين شركة زين تهنئ الملك بذكرى ميلاده تعهدات أميركية لإسرائيل بتعطيل إعادة إعمار شمال غزة ومنع إدخال “الكرفانات” الشرع رئيسًا انتقاليا لسوريا وحل البرلمان و”حزب البعث” والجيش والفصائل وإلغاء الدستور الفدرالي الامريكي يثبت سعر الفائدة بعد ثلاثة انخفاضات متتالية نهاية العام الماضي الافراج غدا عن 110 اسرى بينهم 33 محكومون بالمؤبد خليل الحية يشيد بمواقف مصر والأردن الرافضة لمخططات التهجير الملك ومسؤولون اوروبيون يبحثون تمتين الشراكة بين الاردن والاتحاد الاوروبي

مستقبل محور المقاومة: تحديات وآفاق مستقبلية

مستقبل محور المقاومة: تحديات وآفاق مستقبلية


د. عبد كناعنة

يشهد محور المقاومة في الشرق الأوسط تحولات جذرية غير مسبوقة في أعقاب أحداث عام 2024، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل هذا التحالف الإقليمي وقدرته على الاستمرار والتأثير في المنطقة. وتكتسب هذه التساؤلات أهمية خاصة في ظل التغيرات الدراماتيكية التي شهدها المحور خلال العام الماضي، والتي أدت إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة بأكملها.

لقد شكلت عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر 2023 نقطة تحول محورية في مسار محور المقاومة، حيث أدت إلى سلسلة من التداعيات الإقليمية كان أبرزها فتح جبهة جديدة في جنوب لبنان. وقد تفاقمت التحديات التي يواجهها المحور مع انهيار النظام السوري في كانون الأول من العام 2024، مما أضعف أحد الأركان الأساسية للتحالف الإقليمي الذي يضم بالإضافة الى النظام السوري السابق كل من: إيران وحزب الله وحركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين وأنصار الله في اليمن وفصائل الحشد الشعبي في العراق (وخصوصا كتائب حزب الله في العراق). هذه التطورات المتسارعة تفرض على المحور إعادة حساباته وتقييم استراتيجياته بشكل جذري، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظة بداياته من خلال خطابات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، علي خامنئي.

من المهم التأكيد هنا على أنه رغم الضربات القاسية التي تلقاها المحور، خاصة في لبنان وسوريا، إلا أنه لا زال يحتفظ بقدرة على التأثير في معادلات المنطقة. فقد استطاع حزب الله، على سبيل المثال، الحفاظ على زخم عملياته العسكرية رغم الخسائر الفادحة التي تكبدها، بما في ذلك استهداف مؤسساته واغتيال قياداته البارزة. وفي اليمن، واصلت حركة أنصار الله عملياتها البحرية في البحر الأحمر، مما أثر بشكل كبير على حركة الملاحة الدولية وأظهر قدرة المحور على التأثير في المصالح العالمية.

وفي العراق، حافظت فصائل المقاومة على حضورها القوي في المشهد السياسي والعسكري، رغم الضغوط الأمريكية المتزايدة. كما استمرت إيران في تقديم الدعم السياسي والعسكري واللوجستي لحلفائها في المنطقة، مؤكدة التزامها باستراتيجية "محور المقاومة" كركيزة أساسية في سياستها الخارجية.

يواجه محور المقاومة اليوم تحديات غير مسبوقة تتطلب إعادة تقييم شاملة لاستراتيجياته وأدواته. فعلى المستوى التنظيمي، يحتاج المحور إلى إعادة هيكلة قيادته وترميم قدراته العسكرية والتنظيمية. كما يواجه تحدياً كبيراً في الحفاظ على دعم بيئته الحاضنة، خاصة في ظل الدمار الذي لحق بالمناطق التي يسيطر عليها والحاجة الملحّة لإعادة إعمارها. هذه التحديات تزداد تعقيداً مع تصاعد الضغوط الاقتصادية على إيران وحلفائها، وتزايد العقوبات الدولية المفروضة عليهم.

وتمتد التحديات لتشمل العلاقات البينية بين مكونات المحور، حيث تبرز الحاجة إلى إعادة صياغة التحالفات وتعزيز التنسيق في ظل المتغيرات الجديدة. فالتغيرات في سوريا، وتطور الأوضاع في لبنان، وتعقيدات المشهد العراقي، كلها عوامل تفرض على المحور إعادة النظر في آليات عمله وطبيعة العلاقات بين مكوناته، وخلق أساليب تواصل وتكامل مختلفة عن الطريقة التي كانت متبعة حتى اليوم. يضاف إلى ذلك تحدي التطورات الإقليمية والدولية، خاصة مع تزايد التقارب بين بعض الدول العربية وإسرائيل، وتغير السياسات الأمريكية في المنطقة.

ومع ذلك، يمتلك محور المقاومة عدداً من نقاط القوة التي قد تساعده في تجاوز هذه المرحلة الصعبة. فالخبرة التراكمية في العمل المقاوم، وشبكة العلاقات الإقليمية المتشعبة، والقدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة، والدعم الإيراني المستمر، كلها عوامل قد تسهم في صموده واستمراره. كما أن تجارب الماضي أثبتت قدرة المحور على تجاوز الأزمات وإعادة بناء قدراته حتى في أصعب الظروف.

إن التحديات الراهنة تضع محور المقاومة أمام مفترق طرق استراتيجي. فإما أن ينجح في إعادة تنظيم صفوفه وتطوير أدواته بما يتناسب مع المتغيرات الجديدة، أو أن يواجه تراجعاً تدريجياً في نفوذه وتأثيره. وسيكون عام 2025 حاسماً في تحديد مسار هذا المحور ومستقبله.
إن العام 2025 سيكون بمثابة اختبار مفصلي لمحور المقاومة، حيث تواجه الأطراف المنضوية تحت هذا المحور تحديات معقدة ومتداخلة. ملامح المستقبل القريب لاستمرار المحور متعلقة بشكل خاص بالنقاط التالية:

·         إعادة الإعمار في قطاع غزة ولبنان:

إن نجاح حزب الله في البدء بمشاريع إعادة الإعمار سيكون له أثر كبير على استعادة ثقة المجتمع اللبناني بقدرته على مواجهة التحديات، خاصة بعد فقدان قيادته التاريخية. كذلك هناك تحدي قدرة حركة حماس أن تبقى عنوانا مؤثرا في قطاع غزة وقدرتها على المناورة بين المحافظة على قدراتها العسكرية من جهة وبين التراجع التكتيكي داخل القطاع من أجل فسح المجال لإعادة إعمار القطاع، من جهة أخرى، بعد الخراب الشامل الذي أحدثته آلة الحرب الإسرائيلية.

·         تعزيز القدرات العسكرية

على الرغم من الضربات التي طالت ترسانة حزب الله وحركة حماس والجهاد الاسلامي، فإن إعادة بناء القوة العسكرية ستظل أولوية قصوى. فهذا المحور استطاع احتلال المكانة التي هو عليها اليوم من خلال القدرات العسكرية المتطورة والديناميكية. وهذا الأمر يتطلب ليس فقط تعويض الخسائر، بل أيضًا تطوير استراتيجيات دفاعية وهجومية تتماشى مع أساليب الحرب الحديثة.

·         إعادة تشكيل التحالفات الداخلية:

احدى النقاط الأساسية التي يجب الالتفات لها بشكل خاص من قبل لاعبي المحور المختلفين هي قضية التحالفات المحلية والانفتاح على اللاعبين في الساحات الداخلية، ان كان على الساحة اللبنانية أو الساحة الفلسطينية أو حتى العربية بشكل عام. مما لا شك فيه أن الحرب الحالية هي ليست نهاية المطاف في المواجهة بين هذا المحور وإسرائيل، وإحدى نقاط المواجهة الأساسية التي ستعمد إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاءهما لاستثارتها هي تأليب الساحات الداخلية على قوى المقاومة، ان كان ذلك في لبنان أو فلسطين أو اليمن أو حتى إيران ذاتها، من خلال محاولة إذكاء حركات الاحتجاج الداخلية في الجمهورية الإيرانية لإنهاك النظام الإيراني من الداخل حتى لا يتفرغ لدعم حلفائه خارجيا. هذا في حين ان الساحة اللبنانية تعتبر ساحة اختبار حساسة حيث إن حزب الله بحاجة للحفاظ على تحالفاته العابرة للطوائف، وكذلك إعادة تقييم العلاقة مع حركة أمل، وهما الأمران اللذان سيشكلان أساسًا لاستقرار الحزب داخليًا.

·         تموضع حماس بعد الحرب:

ان التغيير الاستراتيجي الذي حصل في سوريا بسقوط النظام البعثي في سوريا والذي كان أحد أركان المحور، بالإضافة الى وصول قوى إسلامية متماهية مع حركة الإخوان المسلمين الى السلطة في دمشق، هي تغييرات لها تداعيات أيضا على الصراع داخل التيارات المختلفة في حركة حماس، بين التيار الذي يفضل التماهي مع الإخوان المسلمين والنظام الجديد في سوريا وقطر وتركيا وبالتالي الابتعاد عن إيران وهو تيار يمثله بالأساس خالد مشعل، وبين التيار الأكثر جذرية والذي يفضل الإبقاء على التموضع الحالي الى جانب حزب الله وإيران وقوى "محور المقاومة" وهو التيار الذي كان يقوده يحيى السنوار وقيادات القسام (الذراع العسكري في حركة حماس). كل تغيير في تموضع حماس سوف يؤثر على مكانة المحور ككل. ففقدان حماس ليس مجرد فقدان لاعب أساسي ضمن تشكيلة المحور، بل هو فقدان لموطئ القدم الاستراتيجي في فلسطين التاريخية وبالتالي الإضرار بشكل كبير بإحدى أهم القيم الرمزية للمحور.

في النهاية، محور المقاومة، ورغم كونه محورا واحدا، الا أن هناك استقلالية وخصوصية لكل لاعب من لاعبيه، ويبدو أن مستقبل محور المقاومة مرتبط بشكل وثيق بقدرته على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وإيجاد توازن بين طموحاته الاستراتيجية ومتطلبات الواقع الجديد في كل ساحة من ساحات لاعبي هذا المحور. فرغم التحديات الكبيرة التي يواجهها، يظل المحور قوة إقليمية مؤثرة لا يمكن تجاهلها في معادلات المنطقة، وسيظل دوره محورياً في تشكيل مستقبل المنطقة على الأقل على المدى القريب والمتوسط.

جريدة الاتحاد الفلسطينية