شريط الأخبار
حسان يدشن مشروع "مرسى زايد" في العقبة المخبز الاردني يوزع 3500 رغيفا بالساعة في غزة بالصور - زين تحتفل بالذكرى 63 لميلاد جلالة الملك بمسيرة دراجات ضخمة العيسوي: الملك عوَدنا أن العمل والإنجاز أجمل هدية تقدم إليه (فيديو) رفع اسعار البنزين والسولار فتح باب الترشح لانتخابات فروع نقابة المهندسين بالمحافظات المشهد السوري بين الطائفة والدولة والتنظيم السياسي طيران الاحتلال يقصف معابر بين لبنان وسورية.. وتضييق على تهريب السلاح للمقاومة معاريف: أين تجد مصر نفسها في ظل التحديات والتغيرات الإقليمية المتسارعة؟ مركز دراسات إسرائيلي : هذه خيارات إدارة غزة أمام العدو العدو يضغط لتهجير الغزاويين بتشديد الحصار بمنع دخول المعدات والجرافات بنك صفوة الإسلامي يوصي برفع رأسماله إلى 150 مليون دينار المعشر: الاردن لديه اغلبية اصدقاء بالكونغرس لن تسمح بقطع مساعداته واوروبا ردت على ترامب بـ3 مليارات اكتمال تبادل الاسرى بالدفعة الثالثة: 110 فلسطينيين مقابل 3 اسرائيليين كتائب القسام تنعى استشهاد قائدها العسكري محمد الضيف رئيس الديوان الملكي يتفقد مشاريع مبادرات ملكية في الكرك والعقبة الملك يهنيء الشرع بتولي رئاسة الجمهورية السورية الملك يبحث ورئيس وزراء اسبانيا تكثيف المساعدات لغزة مقتل العراقي سلوان موميكا حارق القرآن بالرصاص مقتل العراقي سلوان موميكا حارق القرآن بالرصاص

المشهد السوري بين الطائفة والدولة والتنظيم السياسي

المشهد السوري بين الطائفة والدولة والتنظيم السياسي


وليد عبد الحي

لعل المراجعة التاريخية لأول انشطار كبير في التاريخ الاسلامي يعيدنا الى دمشق الاموية وبغداد العباسية، أما التاريخ المعاصر فقد تجشأ المشهد ذاته انقساما في  حزب البعث الى بعث "عباسي" وبعث "أموي" ، لكن الاحقاد بينهما ما ذوت يوما، بل انها كانت الاشد سوداوية بين مشاهد الضغينة في التاريخ العربي القديم والمعاصر.

 لكن إدارة الضغينة هذه تباينت بين نموذج الحجاج بن يوسف ( استبداد البداوة  ) وبين نموذج "معاوية بن ابي سفيان"(استبداد التاجر)، وبينما عاشت الدولة العباسية اكثر من ثمانية قرون( في عصورها الأربعة-العربي، والتركي، والسلجوقي والمملوكي)،  فقد عاشت الدولة الاموية قرابة 90 عاما، وفي العصر الحديث حكم البعث في العراق 35 عاما بينما بقي في سوريا حوالي 60 عاما(1963-2024) من بينها 53 عاما لعائلة الاسد،  وهكذا كان الاسلام هو قاعدة الامويين والعباسيين لكنه لم يوحدهما ، وكانت القومية بمفهومها البعثي قاعدة  للحزب في سوريا والعراق لكنها لم توحدهما ، بل يمكن القول كما لو أن البعث بجناحية ليس الا إعادة انتاج لثنائية عباسية أموية ، فكيف نفسر ذلك؟

لا ريب في ان الموضوع اشكالي ويحتمل تأويلات عديدة، لكني أميل الى التفسير الجيواستراتيجي القائم على اساس أن تقارب مؤشرات القوة بين دولتين في اقليم جيوسياسي معين يجعلهما اكثر تنافسا وتنازعا على من يكون "مركز الاقليم"، فلو نظرنا في اقاليم العالم سنجد مثلا ان التاريخ الاوروبي في معظمه كان تنافسا  بين القوى الاوروبية المركزية على من يقود اوروبا ليسخرها للدوران في فلكه، وفي المشرق العربي فان التنافس المصري العراقي السوري السعودي هو مركز التفاعلات ، وفي المغرب العربي التنافس الجزائري المغربي هو قاعدة التفاعل في النظام الاقليمي الفرعي المغاربي، ويمكن ملاحظة ذلك في تاريخ شرق آسيا بشكل واضح، بل ان فترة الشيوعية تركز التنافس فيها داخل الكتلة الشيوعية  بين قطبي الشيوعية في ذلك الحين وهما الاتحاد السوفييتي والصين...الخ.

والملاحظ ان التنافس على مركز الاقليم استند في فترة العباسيين على المساندة الفارسية(خلافا للفترة المعاصرة في فترة البعث)، بينما كان الامويون الاكثر تحسسا للدور الفارسي خلافا لما هو عليه الحال في فترة البعث السوري بعد الثورة الايرانية، والملاحظ ان النظام الجديد في سوريا يتكئ  حاليا على مساندة لا لبس فيها من تركيا وكأن التاريخ يعيد نفسه وكأننا في عهد الوالي التركي "اشناس" مرة أخرى.

ان التقلب في الاستنجاد مرة بايران ومرة بتركيا ليس إلا مشهدا من مشاهد التنافس على من يكون مركز"المشرق العربي بما فيه مصر"، واكاد أن اجزم أن المفكر الهندي "كوتيليا" تنبه لهذا الامر –اي التنازع على مركز الاقليم-  منذ (375 قبل الميلاد) وقبل كل علماء الجغرافيا السياسية الحديثة والمعاصرة.

وعند النظر في تحالفات سوريا والعراق اقليميا في العصر الحالي ، نجد ان الصفة الغالبة (لا المطلقة) هي ان الموضوع الفلسطيني كان يتم توظيفه لدعم النزعة المركزية الاقليمية لكل منهما ، ولكنه  يتراجع في اولوياتهما الاستراتيجية إذا اقتضى الامر من اي من النظامين تغييرا في بنيته او نظامه السياسي، فدرجة التزام العراق بالموضوع الفلسطيني متباين بين من تركهم بريمر في السلطة وبين من يستندون لدعم ايراني  ، وفي الوقت الحالي تتوارى تماما ادبيات الصراع العربي الصهيوني عن "ادبيات تنظيمات الجهاد " في سوريا الجديدة رغم ان حركة حماس ساندت التغيير في سوريا في بداياته وعانت من نتائج ذلك كثيرا، ومن جانب آخر فان المرحلة الانتقالية التي تم الاعلان عنها مؤخرا  لبناء النظام السياسي غير محددة بشكل رسمي بل مجرد تقدير أولي (4 سنوات) كما هو حال تحديد المدة  لصياغة الدستور أو موعد المؤتمر الوطني للحوار  ،( فهادي البحرة رئيس الائتلاف السوري قدر الفترات المطلوبة بسنة ونصف لتهيئة الظروف لانتخابات حرة ، وقدر ستة شهور لوضع دستور جديد) بل ان نائبه عبد المجيد بركات اكد ان الحكومة القائمة حاليا تم تشكيلها دون اي تشاور مع الائتلاف) ، فهل هذا دلالات "، من جانب آخر  لماذا تغيب قضية الجولان- من باب اعلان المبادئ- تحت ذريعة ان النظام في مرحلة التاسيس، فالجبهة الحاكمة في سوريا حاليا حاربت الجيش السوري والايراني والروسي وحزب الله  بل والتنظيمات الكردية وانتصرت في نهاية المطاف ، لكنها لا تنبس ببنت شفة لا حول الجولان ولا الاقصى ولا غزة ولا حتى التوسع المتتالي لاسرائيل الى  الحد الذي اصبحت القوات الاسرائيلية تُطل على دمشق  ؟ ثم لماذا هذا التسامح المفرط من الامريكان لرفع اسم الرئيس من قوائم الارهاب والاسراع في بحث رفع العقوبات بينما حركة الجهاد الاسلامي –على سبيل المثال- والتي لم تقم باي عمل عسكري خارج فلسطين يزداد الضغط عليها وتوضع ضمن الاسماء الاولى في قوائم الارهاب في الخارجية الامريكي ؟، وبينما يتثاءب الحكام العرب لنجدة غزة تقاطروا الى دمشق لنجدتها؟...انها اسئلة لا للاتهام او التشكيك بل هي اسئلة لفهم واقع ملتبس غاية ،  فلماذا مثلا  يسارع الاتحاد الاوروبي للاعلان عن دعم قادم لسوريا ؟ فالسياسة لا تقوم على الاعمال الخيرية بل كل دولار او يورو يجب ان يعود بنفع سياسي او اقتصادي لمقدمه، فلماذا هذا السخاء مع طرف والشح مع طرف آخر، فكيف نفهم تقديم الدعم لنظام سياسي بينما يوقف الدعم عن وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين او عن بعض الدول العربية كما فعل ترامب مؤخرا؟

 ثم من ناحية اخرى يبدو لي ان تركيا مسكونة من خلال اردوغان بعثمانية جديدة ، وهو يسعى لذلك بشكل واضح ، ولا يوجه له اي لوم من الاخوان المسلمين العرب رغم انه الشريك التجاري الاول لاسرائيل وعضو في حلف الناتو ناهيك عن اتفاقيات امنية مع اسرائيل تفوق العشر.، فهل فتح اذاعة او السماح بقناة تلفزيونية اخوانية  يكفي لبلع توجهاته ؟ ام أن قاعدة الضرورات تبيح المحظورات تكفي حتى لو كان المحظور هو ضم المسجد الاقصى لاسرائيل ؟ انها اسئلة للفهم .

اعود لموضوع التنافس على المركز الاقليمي، فالشرق الاوسط تتنافس فيه ثلاث قوى هي: اسرائيل وايران وتركيا، وتسعى كل منهما لبناء تكتل يعزز من مركزيتها امام القوى الدولية لتصبح هي عاصمة الاقليم ،ويصبح اي قرار خاص  بالاقليم يمر من هذه العاصمة، ويبدو ان العباسيين والامويين الجدد  في دمشق وبغداد قبلوا بدور التابع ، أما مصر فتعيش انفصاما في الشخصية  بين " مركزية حضارية تاريخية وبين تخلف حضاري معاصر" وتشتعل النيران حولها شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، فلا مكان لدولة عربية في التنافس على عاصمة الاقليم.

بوضوح اقول: لا تقل لي ولكني دعني ارى، فمواعيد عرقوب تكاد ان تكون قاعدة عربية قارة في العقل والوجدان العربي، ومن لا يصدق عليه مراجعة قرارات القمة العربية ، فمنذ 1945 الى 2025 تم عقد اربعة وخمسين مؤتمر قمة عربي، وكانت نسبة تنفيذ قرارات هذه القمم 9% فقط حسب اطروحة دكتوراة جامعية...