شريط الأخبار
ولي العهد يهنيء بعيد الفطر شكوى جرائم الكترونية بحق الفنانة جولييت عواد 43 شهيدا بينهم اطفال بغزة بغارات اسرايلية الرأي العام الغزي والتنظيمات الفلسطينية: 52% يؤيدون المقاومة مدعوما من ترامب.. نتنياهو يصر على المفاوضات تحت النار والابادة القصف الامريكي الوحشي لليمن لم يحم ملايين االاسرائيليين من الرعب اليومي حماس توافق على عرض تهدئة مصري قطري جديد.. ونتنياهو يرد ببديل "مجهول" الإيكونوميست تتنبأ بالأسوأ للكيان الاسرائيلي: يتجه نحو كارثة غير مسبوقة عشرات الالاف يتظاهرون ضد اردوغان.. وقلق امريكي حول استقرار حكمه الملك وولي العهد يتلقيان التهنئة بالعيد الملك يتبادل التهاني مع قادة عرب بحلول العيد الملك يهنيء بعيد الفطر السعيد الاثنين اول ايام عيد الفطر بالاردن قائد فتحاوي: انسحاب المقاومة من غزة ونزع سلاحها سيجلب المزيد من المعاناة للفلسطينيين جنبلاط: ضغوط أميركية على لبنان للتطبيع مع إسرائيل ونزع سلاح حزب الله الأرض والكرامة: عنوان الصمود والمقاومة؟.. مهرجان بحزب الوحدة مطلق النار المتسبب بمقتل أحد المواطنين بمشاجرة في القويسمة يسلم نفسه رسالة ترامب إلى خامنئي: نريد المفاوضات لكن لن نقف مكتوفي الايدي امام تهديداتكم رئيس الجمعية الفلكية: من يدعي استطاعته رصد الهلال فليتقدم بدليله مسيرات شعبية اردنية تدعم المقاومة وتحذر من اخطار المخططات الصهيونية

الانتماء للوطن بين الحقيقة والتزييف

الانتماء للوطن بين الحقيقة والتزييف

 

 


طارق سامي خوري

 

في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي يشهدها العالم العربي، برزت ظاهرة خطيرة تمثلت في محاولة البعض احتكار مفهوم الانتماء للوطن، وربطه بمعايير ضيقة تخدم مصالحهم وأجنداتهم الخاصة. باتت الوطنية تُختزل في المواقف الشكلية، بينما يُتهم كل مخالف أو صاحب رأي مستقل بعدم الانتماء، بل وصل الأمر إلى المطالبة بسحب الجنسية من كل من يعبّر عن رأي مختلف.

 

الانتماء للوطن لا يكون بتكرار الشعارات الرنانة أو ادعاء الوطنية، بل يظهر في الأفعال الصادقة والتضحيات الحقيقية. فالوطن ليس بطاقة هوية أو جواز سفر، بل هو إحساس داخلي متجذر يدفع الإنسان للعمل من أجل مصلحته، والدفاع عن حقوق أبنائه، وحمايته من أي تهديدات داخلية أو خارجية.

 

الانتماء لا يكون في التخوين والإقصاء، بل في القدرة على تقبل التنوع والاختلاف. إن اختزال الوطنية في موقف واحد أو توجه معين لا يخدم الوطن، بل يعزز الانقسامات ويخلق حالة من الفوضى الفكرية التي يستغلها أعداء الأمة.

 

على مدار التاريخ، أثبتت شخصيات عديدة انتماءها للوطن من خلال أفعالها وتضحياتها، وليس عبر أوراق رسمية أو أرقام وطنية. فهل يحتاج مشهور حديثة الجازي إلى جواز سفر لإثبات وطنيته؟ وهل كان البطل فراس العجلوني بحاجة إلى أوراق رسمية لنشهد على إخلاصه للأرض التي دافع عنها بروحه؟

 

إن الوطنية الحقيقية تظهر في المواقف، في اتقان العمل، في الشعور بالمسؤولية تجاه الفقراء والمحتاجين، في الدفاع عن قضايا الوطن، وفي الالتزام بمصالح الشعب بعيدًا عن المصالح الشخصية.

 

الانتماء ليس مجرد هوية تُمنح أو تُسحب، بل هو التزام أخلاقي ووجداني. من ينتمي لوطنه لا يكون تابعًا بلا رأي، ولا يرضى بأن يكون مجرد صدى لما يمليه عليه الآخرون. الانتماء الصحيح يكون بالوفاء والعطاء، بالوقوف في وجه الظلم، وبحماية الوطن من المتربصين به، سواء كانوا من الخارج أو من الداخل.

 

أما من يحاولون قياس الوطنية بالمواقف الشكلية أو المظاهر السطحية، فهم في الواقع يفرغون مفهوم الانتماء من مضمونه الحقيقي، ويحولونه إلى أداة للترهيب السياسي والإقصاء الاجتماعي.

 

الأهم في ممارسة المسؤولية الوطنية هو وضع مصلحة الوطن والمواطن على حد سواء، وليس استخدام الانتماء كأداة لفرض الهيمنة أو إسكات الأصوات الحرة. يجب أن نفهم أن الوطن ليس ملكًا لفئة معينة، وأن الانتماء ليس امتيازًا يُمنح للبعض ويُحرم منه الآخرون، بل هو حق ومسؤولية يتحملها الجميع.

 

الوطن بحاجة إلى من يعمل لأجله بصدق، لا إلى من يزايد في الوطنية بينما يسعى لتحقيق مكاسبه الخاصة. الانتماء يجب أن يكون انتماء الأسود، الذين يدافعون عن أرضهم بكرامة وإباء، وليس انتماء النعاج الذين يسيرون بلا وعي خلف من يقودهم.

 

الوطنية الحقيقية ليست شعارًا يُرفع في المناسبات، وليست شهادة تُوزع بناءً على مواقف معينة، بل هي إحساس داخلي يُترجم إلى فعل، إلى تضحية، إلى غيرة على الوطن وأبنائه. إن محاولة ربط الانتماء برأي سياسي أو موقف معين هو خطر يهدد وحدة المجتمعات، ويخلق مناخًا من التفرقة والاستبداد.

 

الوطن يحتاج إلى مَن ينتمي إليه حقًا، بالعمل والتفاني والإخلاص، لا إلى مَن يدّعي الانتماء بينما يساهم في إضعافه وإفراغه من معناه الحقيقي.

 

*اللازمة: الوطن يكبر بالمحبة ويفنى بالبغضاء.*