“ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر”


د. طارق سامي خوري
ولكن، كم ليلة قدر
نحتاج كي تُغفر ذنوبنا التي نرتكبها يوميًا بحق غزة؟
كم ليلة قدر تُكفّر عن
صمتنا، عن عجزنا، عن تواطئنا المغلّف بورعٍ مزعوم؟
كم ليلة قدر تُنقذنا من
لعنة التاريخ، ومن خزي الأجيال القادمة التي ستسألنا: أين كنتم عندما كانت غزة
تُحاصر وتُباد؟!
نُصلي، ونبكي في
السجود، ونرفع أيدينا بالدعاء، ثم نعود إلى أسرّتنا المريحة، إلى هواتفنا المضيئة،
إلى حياتنا الطبيعية، وكأن شيئًا لم يكن.
نُحيي ليلة القدر،
ونتباهى بأننا من "العارفين”، من "الطائعين”، بينما أطفال غزة يُحيونها تحت القصف،
بين الأنقاض، أو في قوائم الشهداء.
هل تُغفر ذنوب من صلّى
وأبكى عينيه، لكنه لم يُحرّك ساكنًا؟
هل تُكفّر الركعات عن
تخاذل من يملك القدرة على الفعل، لكنه آثر الصمت؟
هل يقبل الله دعاءً لا
يتبعه عمل؟ هل يسمع أنين قلوب لم ترجف لأوجاع أهلها؟
غزة لا تنتظر ليلة قدر
واحدة…
غزة تصرخ في وجوهنا كل
ليلة: أن تكونوا لنا قدرًا، لا علينا عبئًا.
أن تكونوا عملًا لا
دعاءً، موقفًا لا تذلّلاً، غضبًا لا خنوعًا.
فاسألوا أنفسكم، قبل أن
ترفعوها في الدعاء:
هل نحن حقًا أهلٌ لليلة
القدر، أم أننا بحاجة لألف ليلة أخرى فقط كي نصبح بشرًا؟
كما قال أنطون سعاده:
"إنّ الدماء التي تجري في عروقنا ليست ملكًا لنا…
بل هي وديعة الأمة فينا، متى طلبتها وجدتها”