من يزرع الشر يحصد في عواقبه


هيثم مناع
في 12/03/2025 ، أعلن أحمد الشرع عن تشكيل "مجلس الأمن القومي"، بعضوية من أثقلت السنوات الماضية ملفاتهم الشخصية بالقتل والإجرام، ليتنصب فوق أي تشكيل حكومي أو سياسي أو أمني. ويكون الآمر الناهي في مصير البلاد والعباد. كانت أولى "مهمات" هذا المجلس، تنظيم التطهير الطائفي في الساحل ووسط البلاد، والتعبئة العسكرية والأمنية الشاملة للقيام بهذه الجريمة بحق أهلنا وإخوتنا من العلويين، قتلا وتهجيرا واعتقالا وتنكيلا.
كان الهدف العملي من هذا القرار واضحا: هذا المجلس هو الراسم والآمر والناهي والمقرر في سياسات الحكم وتوجهات والتعبئة الظلامية الطائفية. قدم الشرع للرأي العام الخارجي شبه حكومة "انتقالية" من أشباه وزراء، في حين تابع المجلس سياساته في الشحن الطائفي والتعبئة التكفيرية لتحويل الأنظار عن الفشل الكبير في إدارة الأزمات العميقة التي تعيشها البلاد. بتجييش السوري ضد السوري والسني ضد الأقليات و"الجهادي" لمواجهة أهل الكفر... وخرج علينا بموضوعات خارجة عن العقل والمنطق تتحدث في "الحق" الخاص و"الحق" في السرقة والنهب والقتل والخطف...
في مجتمع التصحر السياسي والثقافي، يعود من انتزعت منهم إنسانيتهم خلال سنوات، إلى أكثر الغرائز توحشا ودناءة. ويمتلك هؤلاء الضحايا الشعور بالتفوق عبر خطاب استقواء الضحية على الضحية وعمى التطرف على حكمة الخلاص الجماعي. عندما يجرم وزير الخارجية أقلية طائفية بأكملها بأعمال سلطة دكتاتورية، عندما يرسل وزير الدفاع أقرباء له للتأكد من أن غزوة الساحل تسير على ما يرام! عندما يتسلم أحد المهوسين بالتكفير والتفجير والمختص في العمليات الخاصة لتصفية من يخالف "هيئة تحرير الشام" يتسلم هذا المجرم المخابرات العامة ووزارة الداخلية... هل يمكن تفادي التعبئة الشعبوية القائمة على شيطنة الآخر المختلف باعتباره سببا لكل المشكلات والأزمات؟
علمنا صباح اليوم ارتقاء خمسة من شباب سوريا، إثر هجوم مجموعة من الدهماء حَمَلَة تاءات التكفير والتحريم والتفجير على جرمانا هم: الشاب رياض بعكر، الشاب شادي الأطرش، الشاب وسيم زهر الدين، الشاب ضياء الشيخ، الشاب لجين عزوز... ماذا يعرف هؤلاء القتلة عن من هاجموا بشكل أهوج من أهلنا في جرمانا؟ وهل في دين هؤلاء الشبيحة الجدد: "تزر وازرة وزر أخرى" و"من قتل نفسا بغير حق فقد انتصر لرسول الله"؟
إننا نعتبر هذا الاعتداء الوحشي على أهلنا في جرمانا جريمة ضد الإنسانية. وهو يعطي المثل الساطع، على أن سلطة الأمر الواقع في دمشق ما زالت أسيرة أيديولوجيتها الظلامية وتعتمد توظيف الغرائز الأولية عند أنصارها كوسيلة للترهيب والسيطرة.
لا يمكن وقف هذه الجرائم المغطاة بشعارات دينية وتكفيرية مع من بنى رصيده وسلطته وأجهزته القمعية على الحقد المذهبي وخطاب الكراهية. ولا يمكن مع هؤلاء، بناء سوريا جديدة، لجميع أبنائها.