لغز بشار الأسد ودولة رامي مخلوف


نبيه البرجي
لم يعرف عن رامي مخلوف انه الفيلد ماريشال
مونتغمري , باعداد الخطط العسكرية , ولا انه تشي غيفارا بادارة حرب العصابات , ولا
الأم تيريزا باغاثة المعذبين , ليقول بتشكيل 15 فرقة تضم 150000 مقاتل لوقف
مطحنة الدم في الساحل السوري . رجل أعمال , ويتهم بأنه من أركان كونسورتيوم مصاصي
الدماء بالاثراء الخرافي , فقط لكونه قريباً للرئيس السابق بشار الأسد .
بحسب قول بعض المثقفين العلوييين , مخلوف ليس
بالرجل المؤهل لقيادة طائفة يعامل أبناؤها الآن كما الجثث مع وقف التنفيذ , أو مع
التنفيذ . وهذه حال الأقليات الطائفية الأخرى التي وجدت من يؤمن لها الحماية
الدولية أو الاقليمية والا كان رجالها وأطفالها قضوا بالسواطير . لا أحد يحمي
العلويين الذين لا يتجرأون على القول ان الله قد خذلهم . يكتفون باتهام الأسد ...
ابان الحرب في سوريا , أحصى ديفيد شيلد , نائب
مدير الاستخبارات في البنتاغون , وجود 1200 فصيل مسلح في سوريا ينتمون الى عشرات
الدول , وصولاً الى آسيا الوسطى والقوقاز . لنتصور ان عدد الفصائل قد تدنّى , على
مر السنوات , الى العشرات التي لا تجمعها لا منظومة سياسية , ولا منظومة
ايديولوجية , وان خرجوا جميعاً من كهوف تورا بورا , وعليهم أن يحكموا بلداً أعطى
روما 7 أباطرة (وقد دقت زنوبيا , ملكة تدمر , أبواب روما) , وأنتجت مبدعين مثل عمر
أبو ريشة وأدونيس ونزار قباني ومحمد الماغوط وحنا مينا وممدوح
حمادة وحيدر حيدر وكوليت خوري وغادة السمان , كما أنتجت دريد لحام , وسلاف
فواخرجي وباسم ياخور وسامر برقاوي وغيرهم , وغيرهم من نجوم الدراما .
اذ نسأل أصالة التي هللت للادارة الجديدة ما اذا
كان باستطاعتها أن تغني على أحد مسارح دمشق , دون أن ينتظرها عند الباب من يذبحها
من الوريد الى الوريد , نتوقف عند ذلك النوع من الاسلام الذي صلب الحلاج , القائل
"ركعتان في العشق لا يصح وضوءهما الا بالدم" , على بوابة خراسان المطلة
على دجلة , ليكون عبرة لكل الصوفيين , وقطع اليد اليمنى لابن القفع , صاحب
"كليلة ودمنة" , ثم شويها , وأرغامه على أن يأكل منها قبل أن يلقى في
التنور , بتهمة الزندقة , وسجن جابر بن حيان حتى الوفاة , وهو مكتشف الهيدروكليك
والنيتريك , بعدما وصفه ابن تيمية بـ"الساحر , من كبار السحرة , اشتغل
بالكيمياء والسيمياء والطلمسات"
.
هناك , ايضااً , الفارابي الذي لقب
بـ"المعلم الثاني" بعد اريسطو , وابن رشد , أبو الفلسفة , والذي كان من
بين الذين أطلقوا "عصر الأنوار" في أوروبا . التهمة التي وجهها اليه ابن
تيمية "الفيلسوف الضال والملحد الذي يقول ان الأنبياء يخيّلون للناس خلاف
الواقع" , وابن سينا , الفيلسوف والعالم الفذ الذي وصفه ابن القيّم الجوزية
بـ"امام الملاحدة الكافرين بالله وبملائكته وبكتبه وبرسله واليوم الآخر"
, وابن الهيثم الذي وضع أكثر من 200 كتاب في الفلسفة , والرياضيات , والفلك ,
والفيزياء , بـكونه من "الملاحدة الخارجين عن دين الاسلام" .
نتوقف عن لغز بشار الأسد . معلومات موثوقة بأن
القيادة الايرانية اتصلت به , وطلبت اعداد مطار دمشق لاستقبال طائرات تقل مقاتلين
ايرانيين لمؤازرته في وقف زحف الفصائل . أجاب باعداد مطار اللاذقية . قالت له
القيادة الايرانية بأن يتصل بالروس , فكان جوابه "اتصلوا أنتم" . ما
يعني أن شيئاً ما حصل في العلاقات الروسية ـ السورية . علناً يتردد أن الاستخبارات
الروسية لا حظت أن الأسد قد استنفد كل قواه , وعليه أن يغادر , دون أن ندري , أهو
خوف بوتين من الانفجار أم أن ما حصل جاء في سياق صفقة ما ؟
المخيلة العثمانية العرجاء راهنت على دخول رجب
طيب أردوغان , الى دمشق على حصان السلطان , وبطربوش السلطان , وعلى استقبال
الاسرائليين له بالورود , لا بالدبابات وبالتهديدات "ممنوع أن يقترب أي جندي
تركي من المدينة" , كما أن الفصائل التي كانت تحت الاشراف المباشر في منطقة
ادلب خرج الكثير منها عن ادارته , وعن ارادته , بعدما تم شراء البعض منها , أو
أكثرها , بالمال الذي حل محل الاسلام .
ما حدث في الساحل , وفي حمص , وحيث المجزرة لا
تزال مستمرة , ولكن بعيداً عن الكاميرات , أبقظ الأكراد الذين كانوا يتوجسون من
تداعيات الخروج الأميركي , ما حمل مظلوم عبدي على توقيع الاتفاق المعروف مع أحمد
الشرع , قبل أن تشير المعلومات الى تدخل اليد الاسرائيلية الغليظة لفك الاتفاق
والتعهد لعبدي باقامة الدولة الكردية على الأرض السورية .
ضربة على رأس الرئيس التركي الذي كان
يراهن على احتواء الحالة الكردية . هل كان يتخيل أن المؤسسة اليهودية يمكن أن تقبل
بتواجد دولة كبرى , واسلامية , على حدودها ؟
لا نعتقد أن رامي مخلوف قال ما قاله دون أن يكون
قد حصل على ضوء أخضر من قوة خارجية (هي حتماً غير ايران) , ليوحي باقامة الدولة
العلوية التي تشاطئ حقول الغاز , وهي السبب في الكثير مما حدث , ويحدث , في سوريا .
أيام كبرى , وصراعات كبرى , حول سوريا , وداخل
سوريا . قيادة عائمة وقاعدة تغرق . استاذة سورية (مسيحية) جامعية في دولة أميركية
, وهي صديقة , كتبت على صفحتها "كنا خايفين نصير متل أفغانستان . هلأ
أفغانستان خايفة تصير متلنا" . كم "طالبان" على الأرض السورية ؟