شريط الأخبار
بين طمأنة الأرقام وإنذار الزمن: قراءة نقدية موضوعية في الدراسة الاكتوارية الحادية عشرة للضمان الاجتماعي قيادي كبير في حماس يرتقي شهيدا بصواريخ مسيرة للاحتلال الامانة تعيد 19 الف دينار القاها صاحبها بحاوية النفايات خطأ الامن العام: وفاة جديدة بتسمم غاز مدفاة "الشموسة" في عمان "المواصفات" تمتع بيع مدافيء "الشموسة" بانتظار نتائج التحقيقات الفنية انتظار الاجلاء الطبي للخارج قاتل جديد للغزيين "اليونيسف": تفشّي الأمراض يهدد أطفال غزة والحاجة ملحّة لتكثيف المساعدات الصبيحي يشكك: 53% من مشتركي الضمان اجورهم المحتسبة اقل من 500 دينار الجيش يحبط 4 محاولات تهريب مخدرات بواسطة بالونات موجهة الدراسة الاكتوارية للضمان: نقطة التعادل الأولى في 2030 والثانية في 2038 توغلات إسرائيلية متزامنة في القنيطرة ودرعا 1.237 مليار دينار صادرات تجارة عمان خلال 11 شهرا الملكة: أمنياتنا لكم بعام جديد يحمل السلام الأمن العام يحذر: ضرورة وقف استخدام مدفأة "الشموسة" بكافة أنواعها غزة على حافة الانهيار البيئي.. السيول تفجر أزمة السموم المدفونة تحت الركام فورين بوليسي: كيف تعلمت الصين مصادر القوة من الولايات المتحدة الملكة رانيا تهنيء النشامى بالفوز على العراق ولي العهد: مبارك للأردن .. النشامى لنصف نهائي كأس العرب النشامى يحلق بكاس العرب بعد هدف نظيف في العراق "استعادة الأمل" والحملة الأردنية تطلقان برنامج الصحة والتغذية في غزة

غلاء الدواء .. داء .. يضاف للداء

غلاء الدواء .. داء .. يضاف للداء


 

عوض ضيف الله الملاحمة 

 

نحن دولة مُنفتحة على كافة أسواق العالم  . ولا توجد قيود فعلية على الإستيراد ، ولا توجد حماية إغلاقية للمنتجات الوطنية . حتى بعد انضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية ( WTO ) عام ٢٠٠٠  ، التي كانت تسمح لبعض الدول بإتخاذ اجراءات حماية إغلاقيه بعدم السماح باستيراد بعض المنتجات من الخارج حفاظاً على المنتج الوطني وإنسيابية تسويقه في وطنه الأم ، لم تفرض الأردن تلك الحماية الإغلاقية لبعض المنتجات . مما أدى ببعض المنتجات التركية والسورية لإغراق السوق الأردني ، وكانت النتيجة إغلاق عشرات المصانع الأردنية أبوابها ، لعدم قدرتها على منافسة المنتجات المستوردة لا بالسعر ولا بالجودة

 

كل الشكر  الى وزير الصحة الأسبق معالي الدكتور / غازي الزبن ، الذي شكل لجنة عام ٢٠٢٢ م ، لدراسة واقع أسعار الأدوية ، ومقارنتها بدول المنطقة

 

تتكون لجنة تسعير الأدوية من سبعة أعضاء ، برئاسة مدير المؤسسة العامة للغذاء والدواء ، وعضوية كل من : مدير المشتريات في الوزارة ( نائب الرئيس ) ، رئيس قسم تسعير الأدوية ، طبيب إختصاص باطني يسميه الوزير ، صيدلي متخصص في علم الأدوية أو الصيدلة السريرية يسميه المدير العام ، وصيدليين متخصصين في الإقتصاد الدوائي

 

نشطت لجنة تسعير الأدوية ، مشكورة ، ووضعت خطة لإعادة النظر بأسس تسعيرها . حيث تم تخفيض أسعار عدد من الأدوية المسجلة في المملكة . ففي عام ٢٠٢٢ تم تخفيض أسعار ( ٨٤٨ ) صنفاً دوائياً . وفي عام ٢٠٢٣ تم تخفيض أسعار ( ٦٩٨ ) صنفاً دوائياً . وفي عام ٢٠٢٤ تم تخفيض أسعار ( ٦٢٦ ) صنفاً دوائياً . من أصل ( ٩,٠٠٠ ) صنف دوائي مسجل في الأردن . وتراوحت نسبة التخفيض في الأسعار بين ( ١٨– ٦٨٪؜ ) . 

 

أما عن صناعة الأدوية في الأردن قال رئيس اللجنة السابق : ان الدواء الأردني موجود في ( ١١٠ ) اسواق عالمية ، ولدينا ( ١١٠ ) خطوط انتاج في ( ٣٤ ) مصنعاً ، تنتج ( ٤٨٠ ) صنفاً دوائياً أردنياً

 

بلغ إجمالي عدد الأدوية المسجلة في الأردن ( ٤,٤٩٨ ) و ( ( ٤,١١٧ ) أدوية مستوردة

ويحسب سعر الدواء ، على أساس سعر المصنع المدرج في الفاتورة / الشهادة الصادرة عن الجهة المسؤولة عن اصدار الفواتير / الشهادات ، يضاف اليه الرسوم الجمركية ، ومصاريف البنك ، والتأمين ، والتخليص ، والنقل الداخلي ، وأرباح مستودع الأدوية ، والصيدلية ، والنفقات الإدارية ( اذا كانت البضاعة CIF ) . 

 

أنا شخصياً ، أستخدم دواء ( Doxium 500 ) لعلاج العيون ، حيث انه ينظم وظائف الأوعية الدموية الشعرية ، وهو منتج أجنبي  . كان يباع في السوق الأردني بسعر ( ٢٨,٥ ) دينار ، لكل ( ٣٠ ) كبسولة . نفس هذا الدواء يباع في تركيا بسعر ( ٣ ) دنانير لكل ( ٣٠ ) حبة . كيف هذا !؟ وأين المنطق في هذا الفارق الكبير !؟ طبعاً هذا لا يعتبر فارقاً في السعر ، مطلقاً هذا جشع من تاجر لا يتقِ الله ، في غياب رقابة مطلقة للدولة الأردنية

 

كما استخدم دواءاً آخر للعيون إسمه ( preserVision )، صناعة يونانية ، موجود في السوق الأردني ، تُباع العلبة التي تحتوي على ( ٦٠ ) حبة ، بسعر ( ٢٧,٥ ) دينار . هذا الدواء يباع في تركيا بسعر ( ٦ ) دنانير للعلبة التي تحتوي ( ٦٠ ) حبة ، كيف ؟ ولماذا !؟ وهل هناك تفسير غير جشع المستورد ، وغياب الرقابة !؟ 

 

وأستخدم شخصياً دواء ( Crestor 10mg )لمعالجة إرتفاع الكوليسترول ، وكان يباع قبل سنوات في السوق الأردني بسعر ( ٢٣ ) ديناراً تقريباً للعلبة التي تحتوي ( ٣٠ ) حبة ، وهو دواء مستورد . وبجهود لجنة تسعير الأدوية تم تخفيض السعر الى ( ١١ ) ديناراً تقريباً .

 

لا أود ان أسرد الكثير من الأمثلة ، حتى أتمكن من التركيز على إنفلات أسعار الأدوية في الأردن . وهنا علينا ان ندرك تماماً بأن مشكلة إنفلات الأسعار  تكمن في أسعار الأدوية المستوردة ، وليس في الأدوية المُنتجة محلياً

 

وهنا ، فأنني أرى انه من الضروري ان أوضح ما يلي :— 

١ )) غياب الرقابة عن تسعير الأدوية لعقود طويلة من الزمن ، سمح للجشعين من المستوردين باللعب بالسوق ، وتحديد نسب أرباح تشبع جشعهم ونهمهم دون رقيب او حسيب

٢ )) إقتداءاً ، ببعض الدول ، أرى ان يتم تحديد سعر البيع للأدوية المستوردة ، والأدوية المنتجة محلياً من قبل لجنة التسعير الحكومية ، بعد التحقق من صحة الوثائق المقدمة المتعلقة بسعر الاستيراد والتكاليف الأخرى ، وبعد ان تضاف لها نسبة ربح المستورد او المُنتِج المحلي ، وتحديد نسبة ارباح الصيدليات التي اعتقد انها محددة ومعروفة

٣ )) أرى انه على لجنة تسعير الأدوية التحقق والتأكد من نِسب الكميات المجانية التي تُمنح للمستورد وللصيدليات ، لمعالجة اي خلل يشوب هذه الآلية التي تدعو للتشكك أحياناً

٤ )) برر رئيس لجنة التسعير السابق سبب إنخفاض أسعار الأدوية في تركيا ومصر  ، حيث قال نصاً : (( ان تلك الدول لديها تنافسية عالية في التصنيع نظراً للحجم السكاني الكبير فيها )) . ومن خبرتي ، أرى انه تبرير غير منطقي ، وغير صحيح ، لأسباب عديدة منها :— ان الدواء الذي نستورده يُنتج في بلده بما يسمى ( Mass Production ) ، اي الانتاج بطاقة إنتاجية كبيرة جداً او هائلة ، أكبر من الطاقة الإنتاجية في تركيا ومصر . كما ان الدول المُنتجة للأدوية ونستورد منها عدا عن حجم سكان تلك الدول ، فانها تصدر منتجاتها الى أغلب دول العالم

٥ )) وما جاء اعلاه ، ينطبق الى حدٍّ ما على الدواء المنتج محلياً ، حيث تعوّض محدودية عدد سكان الأردن بالتصدير الى ( ١١٠ ) أسواق عالمية ، وفق ما ذكره رئيس لجنة تسعير الأدوية نصاً

٦ )) يتبين من عدد الأدوية التي تم تخفيض أسعارها انها في تناقص مستمر سنوياً . ففي عام ٢٠٢٢ وهو العام الذي تشكلت به اللجنة تم تخفيض أسعار ( ٨٤٨ ) دواءاً ، إنخفض الى ( ٦٩٨ ) دواءاً عام ٢٠٢٣ ، ثم حدث إنخفاضاً آخر عام ٢٠٢٤ حيث تم تخفيض أسعار ( ٦٢٦ ) دواءاً . وهو تراجع غير مبرر ، وغير منطقي ، خاصة بعد مرور ( ٣ ) سنوات على تشكيل اللجنة ، حيث يفترض ان اللجنة قد أصبحت متمرسة ولديها خبرة ، مما يفترض ان يؤدي ذلك الى زيادة في عدد الأدوية التي يتم إعادة تسعيرها وتخفيض السعر بناءاً على ذلك

٧ )) لمعالجة البطء في إعادة تسعير الأدوية ، أقترح تشكيل لجنة مساندة او أكثر لتقوم بدور المساعدة للجنة الرئيسية ، بتجهيز البيانات والمعلومات اللازمة للجنة الرئيسية . إلا اذا كان التأخير مُتعمداً ، لإفساح المجال للمستوردين الجشعين لتحصيل المزيد من الأرباح الفاحشة من جيب المواطن الغلبان

 

تشكر لجنة التسعير، على جهودها الطبية التي تصب في مصلحة المواطن الغلبان ، ونرجو الإسراع في إعادة التسعير للتخفيف عن كاهل المواطن .