شريط الأخبار
حزبا إرادة وتقدّم يعلنان اندماجهما تحت اسم حزب “مبادرة” الشبلي: 8664 شاحنة مساعدات مرسلة لقطاع غزة رغم المعيقات لأول مرة بتاريخها.. القيمه السوقية لشركة الفوسفات تسجل 9 مليارات و250 مليون دولار مصر تقترح قوة عربية مشتركة على غرار "الناتو" قبل قمة الدوحة وزير المياه يقر باحتساب عدادات المياه للهواء بالفاتورة بعد "واقعة الدوحة"...هل توفرت الفرصة لموقف عربي مغاير هذه المرة؟ "التربية" تعمم بحظر العقاب البدني وحمل "العصا" بالمدارس المؤسسة الأمنية للاحتلال تقدم خطة لتهجير فلسطينيي غزة بدءا من أكتوبر وقفة جماهيرية وسط عمان نصرةً لغزة وتنديداً بالعدوان الصهيوني وتهديداته ضد الأردن الأمم المتحدة تقر بالأغلبية قرارا يؤيد إعلان نيويورك بإقامة دولة فلسطينية عرش العالم بين نموذجين مجلس النقباء يدين العدوان على قطر ويؤكد أن أمنها من أمن الأمة عملية طعن لاسرائيليين في القدس فيما تعربد اسرائيل بسوريا..حكومتا نتنياهو والجولاني تعلنان منفردتين عن ضبط خلايا لفيلق القدس وحزب الله! استشهاد 29 فلسطينيا بيهم 14 من عائلة واحدة بغارات الاحتلال على اليوم الغارديان: التهديد الأكبر لدول الخليج لم يعد إيران بل إسرائيل غير المنضبطة الجيش يحبط محاولتي تهريب كميات كبيرة من المخدرات روسيا تعلن جاهزية أول لقاح لعلاج السرطان للاستخدام السريري الصفدي أمام مجلس الأمن: حكومة الاحتلال الإسرائيلي مارقة وكاذبة وملطخة بدماء الأبرياء (فيديو) الاستنفار قائم مع إيران وعين العدو على لبنان وفرض واقع جديد في سوريا: مؤشرات مقلقة على نوايا إسرائيل في المستقبل القريب

حل السلطة الفلسطينية اخطر السيناريوهات

حل السلطة الفلسطينية اخطر السيناريوهات


وائل المنسي

يشكّل حلّ السلطة الفلسطينية أحد أخطر السيناريوهات المطروحة اليوم على مستقبل الأردن وأمنه القومي، إذ لم يعد ما يجري في الضفة الغربية مجرد ضغوط سياسية أو أزمات عابرة، بل مسار متدرّج نحو تفكيك مقوّمات الحكم الذاتي وصولاً إلى الضمّ الفعلي

هذا التطور يعني فراغاً سياسياً وأمنياً واسعاً، يفتح الباب أمام موجات تهجير إما خشنة عبر الطرد المباشر والعمليات العسكرية، أو ناعمة عبر سياسات الخنق الاقتصادي والقيود الأمنية والقانونية التي تجعل البقاء مستحيلاً وتدفع الفلسطينيين للهجرة تدريجياً.

 

وفي السياق نفسه، يتجلّى أخطر ما تخطط له إسرائيل حالياً في تقسيم بيت لحم إلى ثلاث مناطق: الأولى مخيم الدهيشة الذي يتم التحضير لإلحاقه بالأراضي الخاضعة لسيطرة الاحتلال المباشرة، والثانية مدينة بيت لحم بما فيها كنيسة المهد التي أبلغت إسرائيل الفاتيكان أمس بنيتها تحويل الرعاية الدينية من الوصاية الهاشمية إلى رعاية الفاتيكان، في خطوة تمثل وضع يد سافر ومخالف للمواثيق والمعاهدات الدولية كافة التي يرفض الاحتلال الاعتراف بها.

 أما المنطقة الثالثة فهي بيت جالا التي ستبقى تحت السيطرة الاحتلالية

هذا المخطط لا ينفصل عن المشروع الأوسع القاضي بإنهاء الوصاية الهاشمية على القدس نفسها، بما يمهّد لإعادة "فك وتركيب” جغرافيا وديموغرافيا المنطقة على مقاس الرؤية الإسرائيلية لـ"إسرائيل الكبرى”.

 

بالنسبة للأردن، يترتّب على هذه التطورات جملة من المخاطر المتشابكة

فالمعبر الحدودي الذي ظلّ محكوماً بترتيبات أمنية مع السلطة الفلسطينية سيتحوّل إلى تماس مباشر مع المستوطنين والجيش الإسرائيلي، بما يعرّض السيادة الأردنية لاختبارات صعبة ويزيد احتمالات الاحتكاك العسكري

وفي حال حدوث أي تدفّق بشري قسري، فإن الضغوط الديموغرافية والخدماتية ستكون هائلة على بلد يعاني أصلاً من أعباء اقتصادية وبنى تحتية مثقلة باستضافة ملايين اللاجئين من موجات سابقة

وإلى جانب ذلك، فإن تعطيل حركة الأفراد والتجارة عبر جسر الملك حسين سيضرب قطاعات حيوية تدرّ مئات الملايين سنوياً على الاقتصاد الأردني.

 

غير أن الخطر لا يقتصر على التهجير وحده، فالمساس بمدينة بيت لحم وكنيسة المهد يشكّل سابقة خطيرة تُضعف الوصاية الهاشمية ليس فقط في القدس، بل في مجمل الأراضي المقدسة، وتفتح الباب أمام محاولات انتزاع الدور الأردني التاريخي لصالح ترتيبات بديلة تخدم الاحتلال.

 هذا الأمر يمسّ مباشرة بشرعية سياسية ودينية للأردن ويهدد بتفجّر الشارع الداخلي. كذلك فإن الضمّ التدريجي لمناطق الضفة يحوّل الأردن إلى جار مباشر لـ"إسرائيل الكبرى” حتى نهر الأردن، مع ترتيبات أمنية واقتصادية تُضيّق هوامش المناورة السياسية الأردنية. يضاف إلى ذلك انتشار الفوضى الأمنية العابرة للحدود، من تهريب أسلحة ومخدرات إلى نشاط خلايا صغيرة على امتداد الأغوار، وهو ما يشكّل عبئاً مضاعفاً على الأجهزة الأمنية

وفي البعد الدولي، غالباً ما تُترجم مثل هذه الأزمات بضغط على الدول المضيفة لقبول توطين اللاجئين بشكل طويل الأمد، عبر تمويل استضافة بدل السعي إلى حل سياسي، ما يضع الأردن في مواجهة معادلة خطيرة بين الحاجة إلى الدعم المالي ورفض أي مشروع للوطن البديل.

 

الخلاصة أن ما يجري في بيت لحم ليس تفصيلاً محلياً، بل حلقة في مشروع إسرائيلي أوسع يستهدف إعادة تشكيل الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية بشكل يقوّض أي أفق للدولة الفلسطينية المستقلة، ويهدّد الأردن مباشرة في أمنه وحدوده وشرعيته الدينية والسياسية. فالخطر الأكبر لا يتمثل فقط في احتمال الطرد الجماعي، بل في التهجير الناعم والتغييرات التدريجية التي تستنزف الأردن ببطء وتضعه أمام اختبار تاريخي يتجاوز إدارة أزمة آنية إلى صياغة استراتيجية شاملة تحمي كيانه وسيادته

ومن هنا يصبح لزاماً على الأردن أن يتحرك بفاعلية مضاعفة، عبر تعزيز الردع الحدودي لمنع أي عبور قسري، وبناء تحالفات إقليمية ودولية ترفض بوضوح خيار التوطين، وتسريع مشاريع الاستقلال المائي والطاقي، وتحصين الجبهة الداخلية، وتفعيل الدبلوماسية النشطة للدفاع عن الوصاية الهاشمية في القدس وبيت لحم معاً. فالمعركة اليوم لم تعد حول حدود 1967 فقط، بل حول وجود الأردن نفسه كفاعل سيادي في قلب المنطقة.