"نيويرك تايمز": رغم ضعفها، حماس لا تزال تهيمن على غزة وتُعيد بناء قوّتها يومًا بعد يوم
قال تقرير لصحيفة "نيويرك تايمز" الأمريكية، إنه في
ظل الهدنة التي أوقفت القتال جزئيًا في قطاع غزة، تمكنت حركة حماس، رغم الخسائر
الكبيرة التي لحقت بها على مدى عامين من الحرب، من إعادة تنظيم صفوفها بسرعة وملء
الفراغ الذي خلّفه انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق. فعادت شرطة الحركة
إلى الشوارع، واستبدلت قادتها الذين قُتلوا، وأعادت تشغيل مؤسساتها المدنية
والأمنية، في الوقت الذي تؤكّد فيه تقديرات أمنية إسرائيلية وعربية أنّ حماس
"تلقت ضربة قاسية لكنها لم تُهزَم". والحركة تستعيد نفوذًا جزئيًا
وتستثمر فترة الهدنة لتثبيت حضورها الأمني والمالي في القطاع.
ووفق
التقرير، منذ انسحاب قوات الاحتلال من أجزاء من غزة في أكتوبر بموجب اتفاق لوقف
إطلاق النار، تحرّكت حركة حماس بسرعة لملء الفراغ. "عادت قوات الشرطة التابعة
لها إلى الشوارع. ونفّذ مقاتلوها عمليات إعدام لخصوم. كما فرض مسؤولوها رسوماً على
بعض السلع مرتفعة التكلفة التي يجري إدخالها إلى غزة، وفقًا لما قاله رجال أعمال
محليون".
ووفق
التقرير، "على مدى عامين من الحرب، اشتهد كبار قادة حماس وآلاف من مقاتليها،
وأنهكت ترسانتها العسكرية بشدة. ولم تعد تسيطر سوى على أقل من نصف مساحة القطاع،
بينما تحتل إسرائيل الجزء المتبقي. ومع ذلك، فقد نجحت حماس في استعادة نفوذها في
غزة، بحسب مسؤولين أمنيين إسرائيليين ومسؤول استخبارات عربي، تكلّموا شريطة عدم
الكشف عن هويتهم".
وقال
شالوم بن حنان، المسؤول البارز السابق في جهاز الشاباك للصحيفة:
"تعرّضت حماس لضربات قاسية، لكنها لم تُهزَم. ما زالت واقفة".
ووفق
التقرير، "هذا التعافي السريع يشكّل عقبة كبيرة أمام خطة إدارة ترامب لإعادة
إعمار غزة خالية من حماس. فهذه الخطة تتصوّر تجريد القطاع من السلاح بالكامل
وتدمير جميع البنى التحتية العسكرية، بما في ذلك الأنفاق ومرافق تصنيع السلاح".
ووفق
التقرير، "رغم خسائرها، خرجت حماس من الحرب بأساس تستطيع البناء عليه".
ويقول
بن حنان، الذي يطّلع على إحاطات الشاباك: إن التقديرات الرسمية تشير إلى بقاء نحو
20 ألف مقاتل في صفوف حماس، رغم تقلّص أعدادها.
وقال
العميد إيريز وينر، الذي شغل منصبًا رفيعًا في الجيش الإسرائيلي حتى مارس، إن
الحركة سارعت إلى استبدال القادة الذين قُتلوا في الحرب.
وبحسب
المسؤولين الإسرائيليين والعرب، فإن لدى الحركة العديد من المواقع للاختباء وتخزين
السلاح، نظرًا لأن أكثر من نصف شبكة الأنفاق لا تزال سليمة.
كما لا
تزال حماس تدير الأجهزة المركزية للحكم في غزة، بما في ذلك الأجهزة الأمنية. وعلى
الرغم من تراجع مخزونها من الصواريخ، إلا أنّ مقاتليها ما زالوا يمتلكون أسلحة
خفيفة مثل البنادق الآلية وقاذفات الار بي جي والهاونات.
ونقل
التقرير عن "شهود من غزة"، أن مسلّحي حماس يقيموم نقاط تفتيش في بعض
المناطق، ويستجوبون ويحتجزون بعض الأشخاص. وقال السكان إن شرطة الحركة منعت عمليات
نهب لشاحنات مساعدات ومنازل متروكة.
وقال
نضال كحيل (31 عاماً) من غزة للصحيفة: "يحاولون إظهار أنهم ما زالوا
مسيطرين ويوفّرون الأمن. تشعر بوجودهم، لكنهم أضعف مما كانوا عليه سابقًا".
وقال
حسام بدران، قيادي بارز في حماس، إن الحركة مستعدة للسماح للجنة من التكنوقراط
الفلسطينيين بإدارة غزة، محذرًا من ترك فراغ يؤدي إلى الفوضى.
وأضاف:
"ذلك سيكون أخطر قرار". وأوضح أن الشرطة تسعى إلى
"الحفاظ على الأمن والاستقرار".
ووفق
التقرير، رغم استعادتها جزءًا من نفوذها، فإن حماس لا تملك القوة التي كانت لديها
قبل 7 أكتوبر 2023 حين كانت تدير غزة بشكل كامل. فالجزء الذي تسيطر عليه الآن مدمر
بفعل الحرب. وترفض إدارة ترامب النظر في إعادة إعمار أي منطقة ما تزال خاضعة لسلطة
حماس. كما يقول المسؤولون الإسرائيليون إن جزءًا كبيرًا من مصادر تمويل الحركة قد
قُطِع.
والأهم،
تواجه حماس ضغطًا غير مسبوق من إسرائيل والمجتمع الدولي للتخلي عن ما تبقى من
أسلحتها. إذ تعتمد خطة ترامب لغزة على نزع سلاح حماس وإقامة حكومة جديدة تدير
القطاع بدعم من قوة استقرار دولية.
وقال
بدران إن الحركة مستعدة لبحث قضية السلاح، لكن فقط ضمن مفاوضات "جدّية"
تشمل انسحابًا إسرائيليًا كاملًا من غزة، ووقفًا تامًا للعمليات العسكرية، وإقامة
دولة فلسطينية في الضفة وغزة والقدس الشرقية.
وأضاف:
"من دون ذلك، الحديث عن هذه المسائل سيكون بلا معنى… بلا قيمة."
وأشار أيضًا إلى أن حماس منفتحة على هدنة طويلة الأمد.
ووفق
التقرير، بالنسبة لحماس، فإن التخلي عن كل سلاحها يُعد تخليًا عن جوهر هويتها:
المقاومة المسلحة ضد إسرائيل. ويرى أعضاء في الحركة أن السلاح ضرورة للدفاع عن
النفس، بحسب وسام عفيفة، المحلل الفلسطيني والمدير السابق لقناة الأقصى التابعة
للحركة.
ويعتقد
محللون فلسطينيون أن حماس قد تتخذ موقفًا براغماتيًا للحفاظ على دور ما في مستقبل
غزة والتوصل إلى هدنة طويلة. وقال عفيفة: إن هدنة طويلة الأمد ممكنة، لكن
الاستسلام الكامل غير وارد.
ويقول
وسطاء عرب إنهم يعتقدون أنهم قد يقنعون حماس بالتخلي عن بعض أسلحتها إذا قدّم
الرئيس ترامب ضمانات بعدم استئناف الحرب.
وقد
لمح مسؤولون كبار في الحكومة الإسرائيلية إلى أنهم لن يقبلوا بنزع جزئي لسلاح
الحركة، مؤكدين أنه لا يتماشى مع الرؤية الأميركية.
وقال رئيس
الحكومة نتنياهو في منتصف نوفمبر: "سيُجرَّد هذا القطاع من السلاح،
وستُنزَع أسلحة حماس… سواء بالطريقة السهلة أو الصعبة."
وأكد
مسؤولون سياسيون وعسكريون إسرائيليون أن كل يوم يمرّ من الهدنة يتيح لحماس تعميق
سيطرتها وإعادة تنظيم قواتها، ما يجعل إيجاد بديل لها أكثر صعوبة.
وقال
بن حنان "حماس محاصرة… لكنها إذا استمرت في السيطرة على أجزاء من غزة وأرادت
إعادة بناء قدراتها، فستجد طريقة للقيام بذلك".













