. عندما تصبح المعلومة مسؤولية وطنية
دور الإذاعة والناطقين
الرسميين بعدم تضليل الرأي العام
المهندس نبيل إبراهيم
حداد
مستشار الهندسة
والصناعة وإدارة المشاريع
في القضايا السيادية
والحساسة، وخصوصًا تلك المرتبطة بالمياه والطاقة والحدود والاتفاقيات الدولية، لا
تكون المعلومة مجرد خبر عابر، بل مسؤولية وطنية. فالكلمة التي تُقال على الهواء قد
تُطمئن مجتمعًا أو تُربكه، وقد تُصحح فهمًا عامًا أو تزرع شكًا لا داعي له.
من هنا، تبرز أهمية
الدور المزدوج لكلٍّ من:
• الإعلامي أو المذيع الذي يقدّم المنصة،
• والناطق الرسمي أو المسؤول الذي يقدّم المعلومة.
أولًا: مسؤولية
الإعلامي
المذيع ليس ناقل صوت
فحسب، بل شريك في صياغة الوعي العام. وعليه فإن من واجبه:
• التحقق المسبق من خلفية الموضوع المطروح،
• توجيه الحوار نحو التوضيح لا الإثارة،
• تجنّب إطلاق الاتهامات أو تبنّي روايات غير
مكتملة،
• وعدم السماح بتحويل المنبر الإعلامي إلى مساحة
للتشكيك غير المستند إلى وثائق أو نصوص قانونية.
الإعلام المهني لا يبحث
عن الإثارة السريعة، بل عن الدقة والاستمرارية في بناء الثقة مع الجمهور.
ثانيًا: مسؤولية الناطقين
الرسميين
الناطق الرسمي لا يمثل
رأيًا شخصيًا، بل يمثل مؤسسة ودولة. لذلك فإن أي تصريح يجب أن يكون:
• مبنيًا على معرفة دقيقة بالاتفاقيات والنصوص
الرسمية،
• منسجمًا مع السجل التاريخي للقرارات الوطنية،
• خاليًا من التقديرات الشخصية أو الانطباعات غير
المدعومة،
• واضحًا في الفصل بين الحقائق والآراء.
وفي حال عدم الإحاطة
الكاملة بالملف، فإن الاعتراف بالحاجة إلى مراجعة أو تدقيق هو سلوك مهني أرفع من
تقديم معلومة ناقصة أو مضللة.
ثالثًا: خطورة تضليل
الرأي العام
تضليل الجمهور ولو دون
قصد في ملفات حساسة:
• يُضعف ثقة المواطن بالمؤسسات،
• يفتح المجال للتأويل والشائعات،
• ويظلم الكفاءات الوطنية التي عملت لسنوات في
صمت، وتحملت مسؤوليات جسيمة في ظروف تفاوضية صعبة.
النقد حق، والمساءلة
واجبة، لكن التشهير أو التبسيط المخلّ يسيء للقضية أكثر مما يخدمها.
رابعًا: ما المطلوب؟
• إعلاميون أكثر استعدادًا ومعرفة قبل طرح الملفات
الحساسة،
• ناطقون رسميون أكثر اطلاعًا على التفاصيل
التاريخية والقانونية،
• احترام الخبرات الوطنية وعدم القفز فوقها بخطاب
إعلامي متعجل،
• والعودة دائمًا إلى الوثيقة والنص والرقم، لا
إلى الانطباع.
خاتمة
في زمن تتسارع فيه
الأخبار وتتنافس المنصات، تبقى المصداقية هي رأس المال الحقيقي للإعلام والمسؤول
معًا. فالكلمة الصادقة، الدقيقة، والمتوازنة ليست ترفًا مهنيًا، بل واجب وطني،
خصوصًا حين يتعلق الأمر بحقوق الناس وموارد الدولة ومستقبلها.













