كيف أثرت الحرب الأوكراتية على استراتيجية الولايات المتحدة؟ هكذ يجيب 7 مفكرين
من تقديم: (آن ماري سلوتر وكيشور مهبوباني وستيفن إم والت وتوشيهيورو ناكاياما وشانون ك أونيل وسي راجا موهان وروبن نيبليت).
***
صارت تسمية غزو روسيا لأوكرانيا بالتحول التاريخي ضربًا من ضروب الابتذال بعد مضي شهر تقريبًا على بدايتهِ، حيث كانت أول حرب بمثل هذه العدوانية على الأراضي الأوروبية منذ 1945، ويبدو أن الصين تقترب أكثر فأكثر من روسيا الجريحة، وأيضًا تعد هذه المرة الأولى التي تتحد فيها الولايات المُتحدة وحلفاؤها بهذا الشكل، حتى إن ألمانيا استيقظت على حاجتها إلى إعادة التسلح.
كما دفعت صدمة الحرب بإدارة بايدن جاهدة لإعادة كتابة مخططها للأمن القومي، وكان من المقرر أن تصدر استراتيجية الدفاع الوطني لوزارة الدفاع الأميركية، التي تحدد نهج الولايات المتحدة في التعامل مع التحديات الأمنية طويلة المدى، في شباط/ فبراير، وتأخرت الآن حتى إشعار آخر. وعند صدور النسخة المنقحة من أهم وثيقة أمنية لواشنطن، سيتعين عليها أن تعكس الحقائق الجديدة: لقد غيّر العدوان الروسي الأمن الأوروبي تغييرًا أساسيًا وبطرق لا تزال غير واضحة، خصوصًا مع استمرار الحرب، ولأسباب ليس أقلها حالة عدم اليقين حيال مدى اقتراب بكين من موسكو. وقد أعطت استجابة الغرب المفاجئة، شاملةً الحرب الاقتصادية غير المسبوقة، استراتيجيي السياسة الخارجية مجموعة أدوات هائلة تفيدهم في أثناء تخطيطهم للتحديات المستقبلية.
كيف غيرت الحرب إستراتيجية الولايات المتحدة الكبرى، والتي كانت تبدو مركزة بالكامل تقريبًا على الصين ومنطقة المحيط الهادئ الهندي؟ طلبت مجلة فورين بوليسي من سبعة من كبار مفكري السياسة الخارجية أن يدلوا بدولهم حول هذه القضية،
تسليم الأمن الأوروبي للأوروبيين
(يُقدّمها: ستيفن والت، كاتب عمود في الفورين بوليسي وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفرد).
ركزت إستراتيجية الولايات المتحدة الكبرى لأكثر من قرن على المساعدة في الحفاظ على توازنات قوى مواتية لها في أوروبا وشرق آسيا وبدرجة أقل في الخليج العربي. والواقع أن صعود الصين يشكل أعظم تحد طويل الأمد لقدرة الولايات المتحدة في الحفاظ على هذه التكوينات المواتية للقوة، ولا يغير غزو روسيا الوحشي لأوكرانيا هذه الحقيقة، وبالنظر إلى المستقبل، لا ينبغي لإدارة بايدن أن تسمح للأحداث الصادمة في أوروبا بتحويلها عن مهمتها الأعظم والمتمثلة في إعادة بناء القوة الداخلية لحلفها، وفي تحقيق التوازن مع القوة الصينية في الخارج.
ومن المفهوم أن الحرب في أوكرانيا قد أظهرت أن حمل أوروبا لمسؤولية أمنها ليس مرغوبًا فحسب، بل ومُمكنًا أيضًا، إذ دقّت هذه الحرب أجراس الإنذار عند الأوروبيين الذين اعتقدوا أن الحروب واسعة النطاق في قارتهم قد صارت في طي الماضي؛ نظرًا للقوانين ضد الغزو والمؤسسات الدولية والترابط الاقتصادي والضمانات الأمنية الأميركية، إلا أن تصرفات روسيا تشكل تذكيرا وحشيًا لها بأن القوة الصلبة لا تزال ذات أهمية حيوية، وأن الدور الذي تلعبه أوروبا باعتبارها «قوة مدنية» لا يكفي، وقد استجابت الحكومات من لندن إلى هلسنكي بقوة، مكذبة التوقعات القائلة بأن «النشاز الاستراتيجي» داخل أوروبا سيمنع القارة من الاستجابة بفعالية لتهديد مشترك، حتّى ألمانيا ما بعد الحداثة، ودعاة السلام، قد أيقظهم الإنذار، وأخذوا في الحشد.
كشفت الحرب أيضًا عن أوجه القصور العسكرية لروسيا، فعلى الرغم من شهور من التخطيط والإعداد، كان الغزو الروسي لأوكرانيا، الأضعف بكثير من روسيا، كارثة محرجة لفلاديمير بوتين، وبغض النظر عما قد يأمله، فمن الواضح الآن أن روسيا ببساطة ليست قوية بما يكفي لاستعادة إمبراطوريتها السابقة، وستكون أقل قوة مع إعادة التسلح في أوروبا.
وحتى لو أجبرت تكتيكات روسيا البربرية وأعدادها المتفوقة أوكرانيا في نهاية الأمر على الاستسلام، فإن قوة موسكو ستضعف باستمرار. ولن تعود المياه إلى مجاريها بين أوروبا والولايات المتحدة وروسيا طالما ظل بوتين في السلطة، وستعيق العقوبات السارية الآن الاقتصاد الروسي المنهك لسنوات قادمة. إن تعزيز النظام العميل في كييف سيجبر روسيا على الإبقاء على الكثير من الجنود التعساء على الأراضي الأوكرانية، وهو ما سيدفعهم لمواجهة التمرد العنيف نفسه الذي تواجهه عادةً جيوش الاحتلال، ولا يمكن استخدام كل جندي روسي يتم نشره لضبط الناس في أوكرانيا المتمردة لمهاجمة أي دولة أخرى.
خلاصة القول: أوروبا قادرة على التعامل مع التهديد الروسي المستقبلي وحدها. طالما كان لدى أعضاء الناتو الأوروبيين إمكانات قوة كامنة أكبر بكثير من التهديد الذي يواجه شرقهم: معًا، لديهم ما يقرب من أربعة أضعاف عدد سكان روسيا وأكثر من 10 أضعاف ناتجها المحلي الإجمالي، وحتى قبل الحرب، كان أعضاء الناتو الأوروبيون ينفقون ثلاثة إلى أربعة أضعاف ما تنفقه روسيا على الدفاع كل عام، ومع اكتشاف قدرات روسيا الحقيقية الآن، يجب أن تزداد الثقة في قدرة أوروبا على الدفاع عن نفسها ازديادًا وتيرًا.
تعد الحرب على أوكرانيا؛ نظرًا للأسباب أعلاه لحظة مثالية للتحرك نحو تقسيم جديد للجهود بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، بحيث تكرس الولايات المتحدة اهتمامها على آسيا، ويتولى شركاؤها الأوروبيون المسؤولية الأساسية في الدفاع عن أنفسهم. ويجب على الولايات المتحدة أن تتخلى عن معارضتها الطويلة الأمد للحكم الذاتي الاستراتيجي الأوروبي، وأن تساعد شركاءها بنشاط في تطوير قواتهم. يجب أن يكون القائد الأعلى لحلف الناتو القادم جنرالًا أوروبيًا، ويجب على قادة الولايات المتحدة أن ينظروا إلى دورهم في الناتو ليس كمستجيبين أوليين، ولكن كمدافعين يمثلون الملاذ الأخير.
لا بد من تسليم مسؤولية الأمن الأوروبي تدريجيًا إلى الأوروبيين. لا يزال الوضع في أوكرانيا دون حل، ولا يمكن استعادة القدرات الدفاعية الأوروبية بين عشية وضحاها. يجب أن تسعى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي أيضًا على المدى الطويل، إلى بناء نظام أمني أوروبي لا يستبعد روسيا لتعزيز الاستقرار في أوروبا ولإبعاد موسكو عن اعتمادها المتزايد على الصين، ويجب أن ينتظر هذا التطور قيادة جديدة في موسكو، ولكن يجب أن يكون هدفًا طويل المدى.
انجرفت الولايات المتحدة بعد الحادي عشر من سبتمبر إلى ما يسمى بحرب مكلفة على الإرهاب وبجهود مضللة لتحويل الشرق الأوسط الكبير، ويجب ألا ترتكب إدارة بايدن خطأ مماثلًا اليوم، إذ لا يمكن تجاهل أوكرانيا، لكنها لا تبرر التزامًا أميركيًا أعمق تجاه أوروبا بمجرد حل الأزمة الحالية، ولا تزال الصين هي المنافس الوحيد، ويجب أن يظل خوض تلك المنافسة بنجاح على رأس الأولويات الإستراتيجية للولايات المتحدة.
لقد غيرت الحرب الاقتصادية مجموعة الأدوات الإستراتيجية للأبد
(يُقدّمها: شانون أونيل، نائب الرئيس ونائب مدير الدراسات والزميل الأول في مجلس العلاقات الخارجية).
قد تستعيد حرب الغزو والدمار الروسية في أوكرانيا ماضي أوروبا الوحشي في القرن العشرين، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها ردّوا برد واضح من القرن الحادي والعشرين، وذلك بفرضهم عقوبات اقتصادية ومالية غير مسبوقة، مع توفير قدر من الإجراءات التقليدية وغيرها من المساعدات عسكرية. لم تكن ردة فعل الولايات المتحدة محض استجابة معايرة لتجنب التصعيد مع قوة نووية، ولكنها أيضًا تجربة جريئة في الخروج من تجربة قرون في خوض الحروب وطريقة جديدة لتحديد وضع القوة العظمى، حيث وبدلاً من الاحتلال المادي، فقد اتجهت الولايات المتحدة إلى القهر المالي والدمار الاقتصادي، وفرضت حصارًا افتراضيًا على روسيا بدلًا من الحصار الفعلي، ولكن الهدف المرجو لم يتغير: الضغط على روسيا لإخضاعها، ومن شأن هذا أن يغير مجموعة أدوات السياسة الخارجية للولايات المتحدة للأبد، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على النظرة الاستراتيجية لواشنطن.
والنتيجة بطبيعة الحال غير مؤكدة، إذ نادرًا ما أدى الاستخدام السابق للعقوبات —إن حدث— إلى تغيير في النظام أو إنهاء للحروب، وكما نرى جميعًا في أوكرانيا، حتى العقوبات الضخمة لم تحقق بعد انتصارات واضحة. وسيجد الغرب أن لعقوباته تداعيات وخسائر. سوف يدمر نقص المواد وارتفاع الأسعار الناجم عن العقوبات الاقتصادات الأميركية والأوروبية. وقد يموت المدنيون، وخاصة في البلدان الأكثر فقرًا في جميع أنحاء العالم، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير وارتفاع أسعار المنازل أو لبرودتها عند انقطاع الكهرباء.
ولكن إذا انتصرت الولايات المتحدة، وأجبرت المعركة الاقتصادية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على سحب جيشه، أو حتى تنحيه عن السلطة، فسوف تُعاد صياغة الاستراتيجية الكبرى تمامًا، وستختلف طبيعة التحالفات، وسيتغير التسلسل الهرمي للقوى العظمى في القرن الحالي، وسوف يعيد هذا كله تأكيد هيمنة الولايات المتحدة بوسيلة جديدة، وسيُردعُ المعتدون الآخرون، حين يُدركون أنه ليس لديهم سوى القليل من الطرق لحماية أنفسهم من التداعيات المدمرة للحرب الاقتصادية والمالية، وسوف ينذر كل ذلك بنوع جديد من سباق التسلح غير العسكري، حيث ستتنافس الدول على إنشاء أنظمتها الخاصة وكتلها التجارية الإقليمية، وإعادة تشكيل توازن القوى الاقتصادية. ستعيد حرب روسيا في أوكرانيا في نهاية الأمر تعريف ما يعنيه أن تكون قوة عظمى وطبيعة الصراعات القادمة.
التركيز الاستراتيجي غير المنقطع عن الصين
(يُقدّمها: توشيهيرو ناكاياما، أستاذ السياسة الأميركية والسياسة الخارجية بجامعة كيو)
ستغير حرب روسيا في أوكرانيا التصورات الجيوسياسية أكثر من الواقع الجيوسياسي بكثير، وفي حين تبدو روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين تحديًا قصير الأجل، فستظل الصين التهديد الأكبر في الأمدين المتوسط إلى الطويل، وستكون آلية تحقيق التوازن بين الاثنين أمرًا بالغ الأهمية. وعلى الرغم من أن الاهتمام يميل إلى أن يوجه إلى هنا والآن، فلا بد من الحفاظ على التركيز الاستراتيجي. يمكننا أن نتوقع تغييرات كبيرة في روسيا بعد بوتين، إذا لم يأخذ العالم إلى الجحيم قبل وفاته، ولكن التهديد الذي تشكله الصين بنيويّ، حيث لن يؤدي التغيير في القيادة إلى إحداث تغييرات كبرى. الحقيقة الساحقة هي أن الصين تعمل على تضييق فجوة القوة بينها وبين الولايات المتحدة.
ولكن يجب أن ينصب انتباه واشنطن نحو الجبهة الأوروبية في الوقت نفسه. في مواجهة محاولة روسيا لإعادة تأسيس مجال نفوذ من خلال استخدام القوة، ليس أمام الولايات المتحدة خيار سوى مواجهتها بالقوة. وحتى أوروبا، فبعد أن نأت بنفسها بشكل ملحوظ عن الولايات المتحدة، اكتشفت مرة أخرى أن لا غنى قوة الولايات المتحدة. وتستند مراجعة ألمانيا لوضعها الدفاعي، على سبيل المثال، إلى هذه الفرضية.
وستحاول الصين أن تتصرف كدولة أكثر مسؤولية حتى في الوقت الذي تتودد فيه إلى روسيا. بعد رؤية وحدة الغرب وشركائه ردًّا على حرب روسيا، ربما تتعلم بكين الآن مدى خطورة محاولة تغيير الوضع الراهن بالقوة، وسوف يصبح من الصعب على نحو متزايد على الصين أن تبرر الشراكة الصينية الروسية «بلا حدود»، كما وصفها بوتن والرئيس الصيني شي جين بينغ معًا قبل فترة وجيزة من الغزو. وقد تؤكد الصين أنها ليست دولة خارجة عن القانون مثل روسيا، بينما تضاعف جهودها لإنشاء مجال نفوذ من خلال الإكراه غير العسكري، كما تفعل بالفعل. يبدو الأمر في واشنطن كما لو أن المعركة بين دعاة المنافسة الاستراتيجية ودعاة الاشتباك قد حسمت لصالح الأولى، لكننا قد نرى مقاومة من قبل أولئك الذين يفضلون الاشتباك بناء على الحجة القائلة إن الصين تتصرف بمسؤولية أكثر من روسيا.
ولا تملك الولايات المتحدة القدرة التشغيلية أو الاهتمام المستمر بالتزام كامل طويل الأجل في المنطقتين، ولكن الواقع الجيوسياسي يحتّم عليها الالتزام بكليهما، وإذا كان هذا هو الحال، فلن يكون أمام حلفاء الولايات المتحدة وشركائها على كل من الجبهتين الأوروبية والمحيطين الهندي والهادئ خيار سوى الالتزام بالأمر بشكل أكثر نشاطًا، والمثير للسرور أن الأمر صار الآن واقعًا.
ومن المؤكد أن الرسالة تأتي من خلال أن الولايات المتحدة لن تتدخل في أوكرانيا مباشرة، وهذا أمر مفهوم، لوجودٍ خطٍ واضحٍ بين دول الحلف والدول خارجه، وفي حين أن هذا المنطق لا يمكن تطبيقه مباشرة على آسيا، فلا شك في أن الطريقة التي ننظر بها إلى مصداقية الولايات المتحدة ستتأثر بشكل كبير بكيفية تصرفها في أوكرانيا.
بناء العالم عبر المحيط الأطلسي
(تُقدّمها: آن ماري سلوتر، الرئيس التنفيذي لمجلة الأميركي الجديد)
ولَّد غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لأوكرانيا إجماعًا في الرأي يتلخص في أننا نمر في نقطة انعطاف في الشؤون العالمية، وأن حقبة ما بعد الحرب الباردة قد انتهت الآن، وأنه إذا فاز بوتين، فسيكون قد أعاد كتابة قواعد النظام الدولي الليبرالي. إن غزو بوتن لأوكرانيا مروع ووحشي وانتهاك صارخ للقانون الدولي، وينبغي للغرب أن يفعل كل شيء باستثناء الاشتباك مع روسيا مباشرة، لمساعدة الأوكرانيين في محاربة القوات الروسية لإيصالها للجم حركتها. لكن ما المختلف في هذا الغزو؟
لقد انتهك بوتين بالفعل القانون الدولي بالطريقة نفسها بالضبط في عام 2014، عندما غزا أوكرانيا، وضم شبه جزيرة القرم، وانتهكت الولايات المتحدة نفس ركيزة النظام الدولي عندما غزت العراق دون موافقة رسمية من مجلس الأمن الدولي، كما غزا كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة دولًا اعتبروها ضمن مناطق نفوذهم خلال الحرب الباردة.
إن الفرق الجوهري اليوم ليس في حرب بوتين، بل في رفض الصين إدانتها. وكما كتب فريد زكريا من شبكة سي إن إن، فإن دفع موسكو وبكين إلى التقارب معًا هو نتيجة ثانوية لاستراتيجية مكلفة لسياسة إدارة بايدن المتمثلة في تحدي الصين واحتوائها. إن العالم الذي تدعم فيه الصين وروسيا بعضهما البعض في إعادة رسم الخرائط الإقليمية وإعادة كتابة قواعد النظام الدولي، بدلا من العمل على اكتساب النفوذ داخل المؤسسات القائمة هو عالم أكثر خطورة بكثير.
وفي هذا السياق، فإن حماقة تصعيد إدارة بايدن للتنافس بين الولايات المتحدة والصين كنقطة محورية في سياستها الأمنية كان واضحًا جدًا. وكان ينبغي لواشنطن أن تركز على أوروبا أولًا من خلال بناء أجندة اقتصادية وسياسية وأمنية واجتماعية عبر المحيط الأطلسي وتوسيعها إلى أقصى حد ممكن ليغطي الجهة الثانية من الأطلسي كاملةً، شمالاً وجنوبًا. إن أفضل طريقة للتنافس مع الصين تتلخص في إدراك أن القارات التي تعاملت معها كل من أوروبا والولايات المتحدة براحة باعتبارها ساحاتها الخلفية تستحق التعامل معها الآن بأولوية وكأنها في عقر دارها.
يؤكد غزو بوتن لأوكرانيا على مدى أهمية أوروبا بوصفها حليفًا عسكريًا، ولكن أكثر من ذلك كشريك اقتصادي وأخلاقي وقانوني، ولكن يبقى لأوروبا منظورها المختلف: فعلى الرغم من أن الغزو أقنع الدول الأوروبية الرئيسة، وعلى رأسها ألمانيا، بزيادة إنفاقها الدفاعي، إلا أنها لا تفعل ذلك للتقرب من الولايات المتحدة. بل لأنهم يستعدون لمستقبل قد لا تتمكن فيه أوروبا من الاعتماد على الدعم الأميركي. تحدث المستشار الألماني أولاف شولتز عن شراء جيل جديد من الطائرات المقاتلة والدبابات، لكنه أصر على أنه يجب بناؤها في أوروبا مع شركاء أوروبيين. هز عداء الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لحلف شمال الأطلسي والخلل المستمر في النظام السياسي الأميركي القادة الأوروبيين حتى في الوقت الذي يقدرون فيه دبلوماسية إدارة بايدن الدؤوبة ودعمها القوي.
يجب على الولايات المتحدة أن تشجع جميع الجهود الأوروبية لتطوير دفاع أوروبي أقوى وأكثر تماسكًا لأسباب ليس أقلها في أن القوة العسكرية الأوروبية ستجعل واشنطن أقل احتمالًا لاعتبار أوروبا تابعة لها. وفي الوقت نفسه، يجب على إدارة بايدن المضي قدما في معاهدة جديدة للتجارة والاستثمار عبر المحيط الأطلسي وإنشاء سوق رقمية مشتركة، ويجب على الولايات المتحدة أيضًا تشجيع العلاقات الأوروبية مع دول الجنوب العالمي مع الاعتراف بأنهم محمّلون بإرث ما بعد الاستعمار. يجب على واشنطن بعد رحيل بوتين أن تدعم أوروبا في بناء هيكل أمني جديد من المحيط الأطلسي إلى جبال الأورال، ربما مع دوائر متقاطعة ومتداخلة للتعاون الدفاعي بين مجموعات الدول. لن يتمكن الناتو أبدًا من الامتداد إلى المحيط الهادئ، لذا يجب اتباع أطر أخرى.
والواقع أن هذه الاستراتيجية الكبرى الأميركية المعاد هندستها ستضع الديمقراطيات في مركزها، ولكن ليس من خلال تأطيرها على أنها صراع ملحمي بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، بدلاً من ذلك، يجب أن يركز الغرب على الأشياء الجيدة العديدة التي يمكن أن تحققها الديمقراطية وسيادة القانون: الإرادة الفردية، والحكم الذاتي، والشفافية، والمساءلة، وتوزيع أكثر عدلاً للثروة، وسبل الانتصاف عند انتهاك حقوق الإنسان، وبطبيعة الحال، فإن وضع هذه القيم في قلب السياسة الخارجية للولايات المتحدة من شأنه أن يجعل من الضروري تحقيقها في الداخل الأميركي أولًا.
تمكين التحالفات وتقاسم الأعباء
(يُقدّمها: سي راجا موهان، كاتب عمود في الفورين بوليسي وزميل أول في معهد سياسة المجتمع الآسيوي).
على عكس استراتيجية الأمن القومي لإدارة ترامب لعام 2017، والتي نظرت إلى كل من روسيا والصين على قدم المساواة كتهديدات، ركزت إدارة بايدن بشكل أساسي على الصين في توجيهاتها المؤقتة لعام 2021، حتى إن الرئيس الأميركي جو بايدن تواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سعيا وراء علاقة مستقرة، ويمكن التنبؤ بها، وتسمح لواشنطن بالتركيز على أولوياتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وليس من المستغرب أن يثير غزو روسيا لأوكرانيا تساؤلات حول استدامة ميل بايدن نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ. هل لدى الولايات المتحدة ما يكفي من النطاق الترددي السياسي والموارد العسكرية للتعامل مع التحديات المتزامنة في كل من أوروبا وآسيا؟ ويشعر البعض في آسيا بالقلق الآن من أن التهديد الذي تشكله روسيا في أوروبا قد يجبر بايدن على تخفيف المواجهة مع الصين وأن يتخلى عن استراتيجية الصين أولاً في المنطقة.
وعلى الرغم من محاولات واشنطن الدبلوماسية للحصول على مساعدة بكين في وقف حرب بوتين، فإن الإعلان المشترك في 4 شباط/فبراير عن شراكة صينية روسية «بلا حدود» من بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ يمنع بايدن من الاختيار بين المسرحين الأوروبي والآسيوي. ولا يفوتنا أن المسارات الجيوسياسية لروسيا بوتين والصين قد تأسست في عهد شي جين بينغ في ظل عدم ثقة عميق مشترك ضد الولايات المتحدة، ويبدو أن مساحة أي من الزعيمين للتفاوض على سلام منفصل مع واشنطن صغيرة للغاية، وإذا حصل أي شيء، فإن احتمال ضعف روسيا قد يقربهم من بعضهم أكثر.
وإذا كانت واشنطن تواجه الآن تحديات صينية وروسية، فيتعين عليها بالضرورة تمكين حلفائها وتحديث ترتيبات تقاسم الأعباء في آسيا وأوروبا، ولحسن الحظ، فإن لدى الاستراتيجية الكبرى لإدارة بايدن مساحة للقيام بالأمرين، وقد اكتسب تركيزها الخاص على بناء ما يسميه مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان «العمل الشبكي للشراكات والمؤسسات والتحالفات ومجموعات البلدان المرنة» بالفعل زخمًا كبيرا في آسيا.
وكما قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي مؤخرا، طورت الولايات المتحدة تشكيلًا «خمسة - أربعة - ثلاثة - اثنين» في آسيا، بمعنى «تعزيز العيون الخمس إلى الترويج للرباعية، ومن تجميعة أوكوس الثلاثية إلى تشديد التحالفات العسكرية الثنائية» ولا يمكن أن نجد تأييدًا أفضل من هذا للعمل الشبكي لإدارة بايدن في آسيا. وبفضل حرب بوتين في أوكرانيا، انتهت إجازة أوروبا الطويلة من الجغرافيا السياسية، وصارت مستعدة أخيرا لبذل المزيد من الجهد للدفاع عن نفسها، بما في ذلك القرار الألماني التاريخي بإعادة التسلح.
إذا تحمل الحلفاء الأوروبيون للولايات المتحدة مسؤولية أكبر لتأمين أوطانهم من التهديد الروسي، فلا يوجد سبب كبير يدفع واشنطن لنقل أنظارها عن المخاوف الآسيوية من أجل الاستقرار الأوروبي، وعلى عكس قرار الأوروبيين الأخير، كان حلفاء الولايات المتحدة وشركاؤها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ – وخاصة أستراليا والهند واليابان – على استعداد لتحمل مسؤوليات أكبر عن الأمن الآسيوي.
فلا آسيا ولا أوروبا قادرتان على تحقيق التوازن بين الصين وروسيا بمفردهما في المستقبل المنظور، ولكن من خلال بذل المزيد من الجهد من أجل أمنهم، فإنهم يساعدون على تعزيز الدعم السياسي الداخلي للولايات المتحدة من أجل الالتزام العسكري المستدام تجاه المنطقتين. ويمكن لواشنطن من خلال تعزيز دور أكبر وزيادة الكلمة السياسية لحلفائها أن تبني توازنات إقليمية دائمة للقوى في آسيا وأوروبا بدعم من القوة العسكرية الأميركية، وهذا بدوره قد يجبر بكين وموسكو على تبني نهج أكثر منطقية تجاه جيرانهما والتخلي عن الاعتقاد بأنهما يستطيعان إبرام صفقات مع واشنطن مع تجاوز آسيا وأوروبا. سيسهل تقاسم الأعباء الأمنية والتحالفات القوية مع الولايات المتحدة على آسيا وأوروبا استكشاف التوازن بين الاحتواء على المدى القريب والمصالحة طويلة الأجل مع الصين وروسيا. تعزز هذه النتيجة الهدف الدائم لاستراتيجية الولايات المتحدة الكبرى لمنع هيمنة أي قوة عظمى مفردة على أي من المنطقتين.
تحدي واشنطن في إبقاء روسيا معزولة
(يُقدّمها: روبن نيبليت، المدير والرئيس التنفيذي لشركة تشاتام هاوس).
لقد كشف غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لأوكرانيا عن الحالة الضعيفة للنظام الأمني الأوروبي بقدر ما غيّرته. طالما أعلن بوتين عن رفضه لتوسيع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي شرقًا وبالمخاطر التي يعتقد أن هذه الموجة الديمقراطية الليبرالية تشكلها على المصالح الروسية. لقد سعى مرتين لكبح التوسع: أولاً في جورجيا عام 2008 ثم مرة أخرى بهجومه الأول على أوكرانيا في عام 2014، بعد الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش.
اعتاد صانعو السياسة في واشنطن والعواصم الأوروبية على الغموض الاستراتيجي. لقد بدا الوضع الراهن مستداما -وإن كان غير مرض- لإبقاء روسيا تحت عقوبات خفيفة مستمرة؛ بسبب ضمها لشبه جزيرة القرم والحرب بالوكالة في شرق أوكرانيا مع تعزيز الاستثمار الأوروبي والأميركي ببطء في الناتو والدفاع الوطني، على الأقل حتى خروج بوتين من الكرملين، وبشكل عام، بدت روسيا لاعبا حرجًا في البنية الأمنية العالمية، حيث تتدخل في الانتخابات، وتواصل هجماتها الإلكترونية العرضية واغتيالاتها المستهدفة، وتعيد إقحام نفسها في البلدان غير المستقرة في جميع أنحاء العالم.
وقد خلق ذلك مساحة لإدارة بايدن للقيام بمحور جيوسياسي جاد نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ في أعقاب الجهود المتوقفة خلال إدارتي أوباما وترامب، وقد عزز هذا المحور العلاقات الأمنية للولايات المتحدة مع حلفائها الرئيسيين في المنطقة، وإضفاء الطابع الرسمي عليها بمستويات مختلفة من ناحية الكثافة، من الشراكة الرباعية الأكثر ليونة مع أستراليا والهند واليابان إلى الاتفاق الأصعب بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، والمعروف باسم أوكوس، مع أبعاده الأمنية العلنية.
استلزمت استراتيجية الولايات المتحدة في المحيطين الهندي والهادئ أيضًا اتخاذ موقف أكثر تشددًا تجاه الصين. فرضت واشنطن قيودًا على نقل التكنولوجيا وفرضت عقوبات على بكين لانتهاكها حقوق الإنسان في شينجيانغ والقمع المناهض للديمقراطية في هونغ كونغ، وبالنسبة لإدارة بايدن، هذه هي اللحظة المناسبة للاعتراف بأن العالم لم ينتقل إلى ثنائية القطب الصينية الأمريكية. إنها مواجهة ولكنها منافسة عالمية بين العالم الديمقراطي والنظامين الاستبداديين الأساسيين، روسيا والصين.
سيؤدي ربط الصين بمدار العقوبات الغربية إلى جانب روسيا، حتى لو لأسباب غير ذات صلة إلى تقريب هاتين القوتين العظميين من بعضهما البعض، كما أظهر إعلان بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ المشترك في فبراير أن دعم بلديهما لبعضهما البعض «بلا حدود». ومع دعمها الخطابي لحرب روسيا، يبدو أن الصين تقف إلى جانب هذا الاتفاق.
إن محاولة فصل الصين عن روسيا وسط هذه الأزمة سيكون صعبًا للغاية. إن التهديدات بفرض عقوبات ثانوية على الصين إذا قدمت دعمًا اقتصاديًا علنيًا لروسيا سيحمل مخاطر كبيرة على الاستراتيجية الأميركية الأوسع، وستظل السوق الصينية مهمة للدول الأوروبية والآسيوية بطرق لا يتمتع بها الاقتصاد الروسي، وسيكون عقد التحالفات عبر المحيط الأطلسي وعبر المحيط الهادئ معًا أكثر صعوبة إذا لم يكن الصراع بين الغرب وبوتين فحسب، بل بين الغرب وروسيا والصين الحليفتين.
ولن يرغب سوى عدد قليل من البلدان في أن تحذو حذو الولايات المتحدة مرة أخرى في مثل هذا العالم المنقسم بشكل صارخ، ولا يزال التحدي قائمًا لإبقاء روسيا معزولة ومكشوفة لغزوها الصارخ والوحشي لجارة ذات سيادة. وأيضًا يكمن التحدي في تجنب عبء الاستراتيجية الأميركية المتمثل في الاضطرار إلى إدارة أخطار صراع ذي مسارين مع حلفاء قد يكونون أكثر تناقضًا بشأن هذا السيناريو من التهديد الذي تشكله روسيا وحدها في أوروبا.
سياسة واشنطن تجاه روسيا لن تنجح في آسيا
(يُقدّمها: كيشور مهبوباني، زميل متميز في معهد أبحاث آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية).
إن الدرس المستفاد من استراتيجية الولايات المتحدة من حرب روسيا في أوكرانيا بسيط: البراغماتية الجيوسياسية أفضل في الحفاظ على السلام من وجهة النظر المطلقة أخلاقيًا بأن كل بلد يجب أن يكون حرًا في اختيار مصيره، بغض النظر عن العواقب الجيوسياسية.
بطبيعة الحال، يجب إدانة الغزو الروسي، ولكن أولئك الذين دافعوا بتهور عن عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي ولتسريع شحنات الأسلحة الغربية إلى البلاد يجب أن يتحملوا أيضًا بعض المسؤولية الأخلاقية عن قيادة الحَمَل الجيوسياسي الأوكراني إلى المذبحة ولخلق حالة هائلة من عدم الاستقرار العالمي. كان من الممكن تجنب كل هذا الألم والمعاناة لو تم الاستماع إلى أولئك الذين نصحوا بالبراغماتية الجيوسياسية، بما في ذلك المفكريْن الاستراتيجييْن العظماء مثل جورج كينان وهنري كيسنجر، والذين حذروا من هذه القضية بالذات.
ومن الخطورة بالقدر نفسه في آسيا أن نتبنى وجهة النظر المطلقة أخلاقيًا والقائلة إن شعب تايوان ينبغي أن يكون حرًا في اختيار مصيره، وقد دعا وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو إلى ذلك في زيارة قام بها مؤخرا إلى تايوان عندما قال «يجب على الحكومة الأميركية أن تتخذ على الفور الخطوات الضرورية التي طال انتظارها» وأن تعرض على تايوان «الاعتراف الدبلوماسي كدولة حرة وذات سيادة».
عند التفكير في القضايا الجيوسياسية، فلا يقين فيها، ولكن إذا أعلنت تايوان الاستقلال من جانب واحد، فإن الصين ستعلن الحرب عليها، دون أدنى شك، ولهذا السبب توجد قلة من الناس في آسيا يدعون إلى استقلال تايوان.
وعلى القدر نفسه من الأهمية، وعلى عكس الرد الغربي القوي على الغزو الروسي لأوكرانيا، لن يكون هناك رد فعل آسيوي موحد مماثل على الغزو الصيني لتايوان. لن يثبت الافتقار إلى استجابة قوية أن الدول الآسيوية غير أخلاقية، بل إنها فقط غير متفقة على التهور الجيوسياسي.
إن أكبر تغيير في العقلية المطلوبة من صناع السياسة الأميركيين المشاركين في سياسة المحيطين الهندي والهادئ هو التخلي عن العدسة السياسية ذات اللونين (عدوي/صديقي) والتي تقودهم إلى العمل فقط مع الحلفاء والشركاء، على سبيل المثال، أولئك الموجودين في اتفاقية أوكوس، بما في ذلك أستراليا والمملكة المتحدة، أو الحوار الأمني الرباعي، بما في ذلك أستراليا والهند واليابان. وبدلاً من ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تعلم أن تكون براغماتية جيوسياسيًا وأن تعمل مع مجموعات في آسيا تشمل الصين.
يوجد فرق جوهري واحد بين أوروبا وآسيا قد يفكر فيه صانعو السياسة الأميركيون في أثناء تشكيلهم لاستراتيجيتهم المستقبلية. وفي حين أن الاقتصاد الروسي، على الرغم من دوره كمورد للطاقة، لا يندمج إلا بشكل طفيف في الفضاء الجيو اقتصادي الأوروبي، فإن اقتصاد الصين مندمج تماما في آسيا. على سبيل المثال، بلغت تجارة رابطة دول جنوب شرق آسيا مع الصين ضعف تجارتها مع الولايات المتحدة تقريبا في عام 2020.
إن منتقدي استراتيجية واشنطن في المحيطين الهندي والهادئ محقون في الإشارة إلى الفجوة الكبيرة في هذه الاستراتيجية حيث يجب أن تكون السياسة الاقتصادية طويلة الأجل، لكن الفجوة أكبر من ذلك: تفتقر الولايات المتحدة إلى القدرة على صياغة استراتيجيات براغماتية جيوسياسية تتماشى مع استراتيجيات معظم الدول الآسيوية، التي ليس لديها مشكلة بما في ذلك الصين في تجمعاتها الإقليمية. والواقع أنهم يدركون أن إلزام الصين داخل تجمعات متعددة الأطراف هو أفضل نهج. إذا كان هذا النوع من البراغماتية الجيوسياسية يمنع اندلاع الحرب في آسيا – سواء بسبب تايوان أو قضية أخرى – فستكون قيمته أعلى بكثير من الحكم المطلق الأخلاقي للغرب على أوكرانيا.