شريط الأخبار
الملك وبن زايد يؤكدان اهمية منع توسع الصراع بالمنطقة هكذا توفي طارق بمستشفى بسمة.. والاهل يتهمون المستشفى بالتقصير وفاة مصري عشريني انتحارا بعمان تواصل ارتفاع صادرات المملكة من الالبسة ومستحضرات الصيدلة "العمال" يفصل النائب الجراح.. ونيابته تسقط قانونا وتحل محله الحروب قرار استراتيجي".. مفاجآت الشمال السوري وصولا لأوكرانيا! كابيتال بنك يعقد لقاءاً خاصاً حول أحدث المستجدات المالية واتجاهات السوق لعملاء كابيتال الطيران الحربي السوري الروسي يستهدف محتلي حلب بقصف شديد تركيا تكمل معركة اسرائيل بسوريا وتدعم" النصرة".. وروسيا وايران تتصديان أبو صعيليك يزور غرفة تجارة عمان: الحكومة تولي أهمية كبيرة لتحسين بيئة الأعمال "الصحة" تحقق بظروف وفاة مريض بمستشفى بسمة قطاع السياحة: دعوات لاستعادة النمو وتجاوز التحديات 3.9 مليار دينار استثمارات دول الخليج العربي في بورصة عمان الجغبير يشيد بتسهيل اجراءات التسجيل والتصدير للمنتجات الغذائية والدوائية الأردنية الشواربة: إنهاء إزالة اعتداءات المحطة والتعويضات عادلة والد النائب الخشمان يدافع عن ولده رئيس مجلس النواب يرجح التصويت على الثقة بالحكومة الخميس أزعجته جيرتها.. فقتلها ونكل بجسدها تقطيعا البنك المركزي يحذر من شركات مالية غير مرخصة حريات "المحامين": إنذار الطلبة نتيجة مشاركتهم بالتظاهر السلمي يخالف الدستور

تصريحات سموتريش الواهية تنذر بتدبير جرائم حرب

تصريحات سموتريش الواهية تنذر بتدبير جرائم حرب

جودت مناع

بعد مضي أسبوعين على دعوة الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف سموتريش لمحو بلدة حوارة الفلسطينية جنوب نابلس المحتلة ، أدلى بخطاب عنصري في العاصمة الفرنسية باريس كشف جهله المصطنع في التاريخ والوثائق الدولية ذات الصلة بوجود كيان الاحتلال قبل وبعد إنشاء اسرائيل المضطربة عام ١٩٤٨.

 

ومع ذلك اشك في قدرة سموتريش على قول الحقيقة لما ينتابه من تناقض نفسي في شخصيته الخاضعة لأيديولوجية صهيونية متطرفة.

 

فانساق سموتريش وراء افكار تجتهد في تنفيذها على الأرض ولنفاءها الفعلي تتطلب نفي وجود الشعب الفلسطيني ورفع شعارات تحتوي على دول أخرى كالاردن برمته واجزاء من أراضي دول عربية تقع بين النيل والفرات.

 

لقد أثبتت تصريحاته المثيرة للجدل أن مستنقع الدعاية الصهيونية عميقا بذات الهوة التي ركنت في قاعه الدولة الصهيونية العميقة.

 

فالدعاية التي حاول توظيفها في خدمة مصالح إسرائيل السياسية بدت عند ذروتها بإصرار سموتريش على الكذب وتقديم معلومات ملفقة أثارت حفيظة الرأي العام العالمي وردود فعل غير مسبوقة دانت اقواله.

 

ولم يدرك هذا الإرهابي الفرق بين متطلبات علم الدعاية ومضمون الإقناع واستمالة الرأي العام نظرا لخلفيته ومرجعيته المتطرفة في مستوطنة " كريات أربع" التي أقيمت على  أراض سلبت من مواطني مدينة الخليل في سبعينات القرن الماضي والتجأ إليها أكثر عناصر إليهودية الصهيونية تطرفا بدءا من الإرهابي جولدشتاين منفذ مذبحة الحرم الابراهيمي في الخليل وموشي ليفنغر الذي قاد وجماعته الاستيطانية حملة كراهية ضد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الثمانينات واخيرا المهرج ايتمار بن غفير الشخصية الهوجاء وغيرهم.

 

الزوبعة التي فاحت في باريس سببها ضعف قدرة سموتريش في فهم قواعد إقناع الرأي العام  التي لا يمكن استعمالها بمضمون كاذب صيغ بآلة الحرب العسكرية وماكينة الإعلام الغربي وبمضمون كاذب لا يمت لحقيقتين: 

اولا: الحقيقة التاريخية في فلسطين ، وثانيا: الحقيقة السياسية مدعومة بالوثائق الدولية.

  

لن أعود لقراءة كتب وحقائق التاريخ منذ آلاف السنين فقد  دحضت الرواية الفلسطينية الرواية الصهيونية المختلفة التي تزعم أن اليهودية كانت موجودة على أرض فلسطين قبل ثلاثة آلاف عام ويدعي فيها أصحاب الفكر الجاهز أنهم "أصحاب" هذه الأرض وهذا شأن المؤرخين.

 

فالرواية الفلسطينية تستشهد بالتوراة وفق النص الوارد بها أن الرب طلب من اليهود أن يتجهوا إلى أرض كنعان والكنعانيون هم جدود الفلسطينيون وهذا دليل قاطع أن الفلسطينيين كانوا على هذه الأرض قبل أن يطلب الرب من اليهود الذهاب إلى هذه الأرض.

 

ويعتبر النص المشار إليه في التوراة دليلا قاطعا على أن الفلسطينيين كانوا في هذه الأرض قبل أن يتجه اليهود إليها. 

 

وفي الجانب الآخر لا يمكن الحديث عن الوجود الفلسطيني بمعزل عن الوثائق السياسية والأمنية المتعلقة بفلسطين وهي الحكم في الأعراف السياسية والإنسانية والديموغرافية.

 

إن قراءة واضحة في نص وعد بلفور الذي صدر  عام ١٩٢٧ إبان الانتداب البريطاني بنيت على الحقيقة التاريخية هذه فجاء نص الوعد اليهود امتدادا لها.

 

لقد ورد في نص وعد بلفور الذي قطعته بريطانيا على نفسها: " تنظر صاحبة الجلالة بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية ، على أن لا يجري أي شيء يؤدي إلى الانتقاص من الحقوق المدنية والدينية للجماعات الأخرى المقيمة في فلسطين أو من الحقوق التي يتمتع يها اليهود في البلدان الأخرى أو يؤثر على وضعهم السياسي.".

 

ويؤكد هذا الإقرار البريطاني على حقيقة الوجود الفلسطيني وأن هذه الأرض كانت تسمى فلسطين ولا زالت تسمى فلسطين وكان عليها شعب فلسطيني عندما كانت إقامة إسرائيل مجرد فكرة.

 

وثيقة أخرى تجاوزت قيمتها وهي ليست من دولة وإنما من عصبة الأمم المتحدة التي تأسست عام 1921 وتغير إسمها إلى هيئة الأمم المتحدة الحالية.

 

لقد طلبت الوثيقة من بريطانيا كسلطة انتداب إدارة شؤون فلسطين كما يسميها وهي مرة أخرى إقرار بوجود فلسطين قبل إنشاء إسرائيل.

 

وتنص الوثيقة على أن : "تتولى إدارة فلسطين مسؤولية سن قانون يتعلق بالجنسية، سيتضمن هذا القانون فقرات تهدف إلى التسهيل ليهود الذين سيستقرون بشكل دائم في فلسطين الحصول على الجنسية الفلسطينية".

 

وهذا اعتراف صريح بالهوية الفلسطينية ممثل بهذه الجنسية فقط ووضع قانوني ممثل بهذه الجنسية يمنح "الشرعية" لليهود الذين ينتقلون إلى فلسطين الذين لن يكون لهم وضعا قانونيا إلا بحصولهم على الجنسية الفلسطينية.

 

ولعل تصريحات رئيسة وزراء سلطة الاحتلال جولدا مائير أكدت بها أنها لا تنكر وجود الشعب الفلسطيني وكررت في تصريحها أنها حقيقة مطلقة وأنها استفادت من هذا الوضع وحصلت على جواز سفر فلسطيني. 

 

وتابعت: " منذ 1921 وحتى 1948 كنت فلسطينية".  وهذا اثبات آخر على وجود الوطن الفلسطيني وأيضا الشعب الفلسطيني خلافا لمقولة بن غوريون "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".

 

ثمة حقائق قانونية منها مبايعة شخصيات فلسطينية للأردن بضم الضفة الغربية تلك الواقعة خلف خط الهدنة بعد احتلال ٧٥ بالمئة من فلسطين التاريخية وهي وثيقة موثقة في خزائن الأمم المتحدة واستندت عليها قرارات دولية صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومؤسسات وهيئات دولية ذات صلة.

 

واقرب الوثائق تلك التي اعترف بها اسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل الراحل حين اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني في فلسطين وخارجها وذلك قبل توقيع اتفاق أوسلو.

 

لقد كان  الأجدر بالإرهابي سموتريش أن ينظر إلى حقيقة التاريخ أولا ثم إلى الوثائق ذات الصلة التي تنفي وجود إسرائيل على أرض فلسطين ، لا أن يبرر وجود اليهود عليها  بالكذب والرياء.

 

ولكي يرى سموتريش وكل من يحمل الفكر الصهيوني المتطرف أن ينظر إلى فلسطينيي أرض فلسطين المحتلة عام 1948 وهم أحفاد الفلسطينيين الذين يمثلون 20% من أبناء الشعب الفلسطيني الذي تعرض لجريمة النكبة. وهم كانوا على هذه الأرض قبل قيام ما يسمى "دولة إسرائيل".

 

وعلى الإرهابي سموتريش أن ينظر إلى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر وعلى إدارة "الأنروا"التي تدير شؤون 58 مخيما فلسطينيا كان أجداده من قبله هم من تسببوا بنكبة ملايين الفلسطينيين.

 

الفلسطينيون موجودون قبل قيام "دولة إسرائيل" ولا زالوا وقد ينزعج سموتريش وأمثاله الذين يرون في إسرائيل دولة من النيل إلى الفرات وهذا يزعج مشروعه السياسي ومن هنا يحاول إنكار وجودهم.

 

تصريحات سموتريش بهذا المضمون العنصري من باريس أثارت جدلا واسعا على المستوى العالمي ويحاول بكذبته إفهام دولا عظمى مثل الولايات المتحدة وفرنسا بقوله: " على الأليزية أن يعرف هذه الحقيقة وعلى البيت الأبيض أن يعرف هو أيضا هذه الحقيقة". 

 

وإذا نفى سموتريش علاقة من يعيشون على هذه الأرض بهذه الأرض فهو ينفي وجود اليهود عليها بعد وعد بلفور لكنه  يريد أن يقول أن هذه الأرض تعود لنا قبل ثلاثة آلاف عام وهؤلاء الفلسطينييون ليس لهم علاقة بها ويعني قيام الدولة اليهودية كما يراها هو ولا مكان للآخرين عليها وبذلك ينسى حل الدولتين لأنهم ليسوا فلسطينيين حسب روايته هو.

 

لقد حاول الوزير سموتريش بأكاذببه ووهمه أن يجسد فكرة سياسية داخل حكومة تعمل على تنفيذ هذه السياسة على الأرض لأنه هو من دعا لمحو حوارة من على هذه الأرض

ولو كان أي وزير في دولة ديموقراطية يدعو إلى محو قرية فيها بشر بهذا الشكل هذا يرقى بحسب القانون الأساسي إلى دعوة إلى ارتكاب جريمة حرب ويساق إلى أمام القضاء ليحاكم لكن سموتريش لم يحاكم ولم يتعرض له أحد.

 

وفي النهاية هو لديه مشروع عندما يدعو إلى محو حوارة وعندما ينفي وجود الشعب الفلسطيني وعندما يظهر في الصور التي شاهدها العالم كله وعلى المنصة خريطة إسرائيل وفيها خريطتي فلسطين والأردن. إذا هو ليس فقط الضفة الغربية التي يسميها "يهودا والسامرة" وقطاع غزة وإنما الأردن هي جزء من إسرائيل حسب زعمه.

 

ليس سموتريش فحسب هو من وضع هذه الخارطة التي تمثل منظمة أرغون الإرهابية التي ارتكبت جرائم حرب في فلسطين وعام ١٩٤٨ لكنه تحدث وهو يرى أن هذه الخارطة موجودة على المنصة أي أنه يوافق عليها وبالتالي هو مسؤول عن وجوده في هذه المناسبة ومن هنا مبعث القلق والغضب الفلسطيني الأردني.

 

نحن نتحدث عن وزير موجود لا يكتفي بالكلمات والتصريحات والأفكار التي لا يحاسبها عليها أحد وإنما يعمل على تنفيذ هذه السياسة على هذه الأرض وهو من يتحمل وأعضاء حكومة نتنياهو جريمة المستوطنين والجيش الإسرائيلي في حوارة وكل ما ارتكبته اسرائيل في فلسطين.

 

دليل قاطع يضع سموتريش والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تولي سلطة الاحتلال لأنه من ضمن الوزراء المؤثرين والقادرين على إبقاء نتنياهو في الحكم أو فض الائتلاف وبالتالي سقوط نتنياهو وخروجه من الحكم.

 

لقد أعطت الحكومة الإسرائيلية الأربعاء شرعية لأربع مستوطنات في الضفة الغربية غداة قمة شرم الشيخ الأمنية وضرت بعرض الحائط وساطة الولايات المتحدة بمشاركة كل من الأردن ومصر.

 

بقي شيء أخير..

 

الأراض المحتلة بحسب قرارات مجلس الأمن وحتى الولايات المتحدة تعترض على الاستمرار في بناء هذه المستوطنات لكن القانون الإسرائيلي الجديد يعطي شرعية لبقاء هذه المستوطنات رغم أنه كان هناك قانونا إسرائيليا سابق يدعو إلى إزالة هذه المستوطنات.

 

وفي الخلاصة ما يطرحه سموتريش ليس مجرد أفكارا بل هو يعمل على تنفيذ هذه الأفكار على هذه الأرض وعلى هذه الأفعال يترتب قيامه بجرائم حرب واسعة في الضفة الغربية وتنفيذ عدوان مفترض على المملكة الأردنية الهاشمية.

 

لعل هذه الصورة الحقيقية التي تعكس حقيقة الفكر الصهيوني تحفز القيادة الفلسطينية ومن أراد من العرب على إعادة تدوير الاستراتيجية السياسية والأمنية والدبلوماسية إزاء العلاقات بسلطة الاحتلال.

 

* خبير الشؤون الفلسطينية والدولية