تحذيرات اسرائيلية: اقتربنا من فقدان السيطرة في الحدود الشمالية
هآرتس - عاموس هرئيل
إن عدم إحراز تقدُّم في
الجبهة الجنوبية يؤدي إلى تدهور الأوضاع في الجبهة الشمالية. النار لا تزال دائرة،
والمواجهة مع حزب الله، كما يشعر بها مواطنو إسرائيل، تشمل ضرراً واسعاً وممنهجاً
يصيب معسكرات الجيش والمستوطنات الواقعة على امتداد الحدود اللبنانية نتيجة إطلاق
الصواريخ ومضادات الدروع والمسيّرات الانقضاضية. صحيح أن عدد الضحايا الإسرائيليين
ليس عالياً نظراً إلى منسوب إطلاق النار، لكن الضرر على صعيد الوعي هائل؛ ففي أنظار
كثير من الإسرائيليين، تخلت الدولة عن الحدود الشمالية لحزب الله، فالحزب لم يقم
بتهجير نحو 60,000 شخص وحسب، بل أيضاً يواصل القصف في اتجاه العمق (في الأيام
الماضية بتنا نسمع، بصورة دائمة، صفارات إنذار في منطقة عكا، إلى جانب الجليل
الأعلى، والجليل الغربي، وهضبة الجولان)، ولا يبدو أن هناك أمراً يقوم به الجيش
قادر على ردع الحزب. أمس، اشتعلت حرائق ضخمة في مستوطنة "كتسرين"، في
قلب الجولان، بعد قصْف آخر من لبنان.
إن معدل الضحايا في
الجانب اللبناني في معركة الشمال أعلى كثيراً (إذ أحصى حزب الله فعلاً نحو 330
قتيلاً من رجاله). ومن جهة أُخرى، شاهد كثير من الإسرائيليين، وهم مصدومون، صور
الدمار التي أصابت قيادة اللواء 769، بعد إصابتها بصاروخ بركان ثقيل خلال نهاية
الأسبوع. ويحاول الطرفان، بصورة عامة، عدم المساس بالمدنيين، وتركيز قوتهم النارية
على العسكريين، لكن لا يفلح الأمر دائماً، كما أن الأمور لن تبدو على هذا النحو في
الحرب الشاملة، إذ سيكون الدمار أعلى بما لا يقاس.
إن الجمهور الإسرائيلي
غير مقتنع بأن يد الجيش هي الراجحة، والضغط الإعلامي على الحكومة وهيئة الأركان لـ
"القيام بأمر ما" يتصاعد، ويمكن للمرء أن يتفهم الأمر، فالأخطر هو حال
السكان؛ بسبب فرْض التهجير عليهم لمدة 8 أشهر بلا أي أفق لعودتهم، باستثناء أمل
ضبابي فحواه أن الحل في القطاع سيؤدي إلى وقف إطلاق النار وتسوية سياسية في لبنان
أيضاً. لكن من يدعون إلى احتلال جنوب لبنان وهزيمة حزب الله عليهم أن يأخذوا بعين
الاعتبار الآثار المترتبة على ذلك: الضغط الهائل على القوات النظامية وقوات
الاحتياط، التي أُنهكت بعد القتال المتصل، والحاجة إلى كميات هائلة من الذخائر
الدقيقة من أجل تنفيذ خطط الجيش، والضرر غير المسبوق الذي سيصيب الجبهة الداخلية
الإسرائيلية، بما فيها مناطق حيفا، و"الكريوت"، و"غوش دان".
ولا يمكننا أن نتجاهل الإشارات المتراكمة التي تدل على أننا بتنا قريبين من فقدان
السيطرة على الوضع على امتداد الحدود.
وحتى من دون نشوب حرب شاملة في الشمال، فإن
مسألة العبء الواقع على وحدات الاحتياط باتت تتحول إلى قضية مصيرية في إدارة الحرب،
فالحكومة وهيئة الأركان العامة لا تدركان حجم الصعوبات بصورة كافية، وتتعاملان مع
جنود الاحتياط بصفتهم مورداً لا ينضب. أمّا من الناحية العملية، فإن الجنود الذين
يتم استدعاؤهم إلى الجبهة للمرة الثالثة مع إعطائهم مهلة قصيرة للامتثال في
مواقعهم، يشعرون بأن الصبر قد بدأ ينفد تجاههم في منازلهم وفي أماكن عملهم، ناهيك
بالأثمان النفسية المرتبطة بالخدمة العسكرية الخطِرة لأوقات طويلة.