ايران منفتحة على منع التصعيد مقابل وقف العدوان على غزة.. والتوقعات ان ينسف نتنياهو الجهود الجديدة
تتكثف الجهود الدبلوماسية الساعية
لإيجاد مخرج من الأزمة الراهنة بالمنطقة، في ظل تنامي المخاوف من رد انتقامي
إيراني محتمل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس، اسماعيل هنية، في طهران.
ومع انعقاد اجتماع استثنائي لوزراء
خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي، الأربعاء في الرياض، سلّط تحليل لشبكة "سي ان
ان” الضوء على الجهود الرامية إلى إقناع إيران بالعدول عن التصعيد، مشيرا إلى أن
القادة الإقليميين يأملون في أن تكون طهران مستعدة للتراجع عن هدف الانتقام، مقابل
تحقيق تقدم ملموس في محادثات السلام المتعلقة بغزة.
ووفقا للمصدر ذاته، فإن اجتماع وزير
الخارجية الإيراني بالإنابة مع نظرائه من وزراء خارجية دول منظمة التعاون
الإسلامي، الأربعاء، جاء كمحاولة لمنع تصاعد الأزمة إلى صراع إقليمي شامل.
وتحدث وزير الخارجية الأردني، أيمن
الصفدي، للشبكة خلال خروجه من الاجتماع، معتبرا أن "الخطوة الأولى نحو وقف التصعيد
هي إنهاء سببه الجذري، وهو العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة”.
وبالتوازي، تشير الشبكة إلى تجدد
المساعي لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتخفيف موقفه في
مفاوضات وقف إطلاق النار مع حماس. ورغم أن هذه الجهود ليست جديدة، تقول إن الظروف
الحالية قد تجعل نتائجها أكثر إيجابية مقارنة بالمحاولات السابقة.
وكشف وزير الخارجية الأميركي، أنتوني
بلينكن، أن الولايات المتحدة وحلفاؤها قد تواصلوا مباشرة مع كل من إسرائيل وإيران،
وأكدوا بأنه "لا ينبغي لأحد تصعيد هذا الصراع”، مضيفا أن مفاوضات وقف إطلاق النار
قد دخلت "مرحلة نهائية”، ويمكن أن تتعرض للخطر بسبب المزيد من التصعيد في أماكن
أخرى في المنطقة، وفق "الحرة”.
وزار وزير الخارجية الأردني طهران
مؤخرا، حيث التقى بوزير الخارجية الإيراني بالإنابة علي باقري، والرئيس الإيراني
الجديد مسعود بيزشكيان.
وتشير تصريحات الصفدي الأخيرة إلى تفاؤل
بأن إيران قد تكون منفتحة على إيجاد سبيل لتجنب التصعيد في المنطقة، وفقا للشبكة.
ويوضح تحليل "سي ان ان”، أن إيران قد
تحتاج إلى غطاء دبلوماسي للتراجع عن تهديداتها المتسرعة ضد إسرائيل في أعقاب
اغتيال هنية مباشرة، معتبرة أن "وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يسمح لطهران
بالادعاء بأنها تهتم بحياة الفلسطينيين في غزة أكثر من اهتمامها بالانتقام. لكن
المكافأة تحتاج إلى أن تكون كبيرة بما يكفي لإيران حيث أن شرفها وردعها على
المحك”.
وبحسب الشبكة، فإن ما حصل عليه وزير
الخارجية الإيراني بالإنابة بعد اجتماع السعودية، كان نوعا من الدعم الدبلوماسي
المقصود والذي من شأنه المساعدة على تخفيف موقف بلاده المتشدد.
وانضم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
إلى الجهود الدبلوماسية، داعيا في اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني بيزشكيان إلى
التخلي عن فكرة الانتقام من إسرائيل.
ورد بيزشكيان بحذر، مشترطا أنه لمنع
التصعيد على أميركا والدول الغربية أن تتوقف عن دعم إسرائيل بالأسلحة، وأن تضغط
عليها لوقف حربها على غزة والقبول بوقف إطلاق النار.
واعتبر تحليل الشبكة، بأن "المشكلة في
خطة وقف التصعيد في غزة هي أنها تعتمد بشكل كبير على الأمل والتفاؤل، بينما تفتقر
إلى آليات عملية ملموسة”، مشيرا إلى أنها لكي تنجح، يجب على نتنياهو أن يوافق
عليها أيضا.
والتغيير، إذا كان سيأتي، وفقا لأعضاء
منظمة التعاون الإسلامي، يجب أن يأتي من الخارج، أي من الشخص الوحيد الذي لديه
النفوذ لتهدئة نتنياهو، وهو الرئيس الأميركي جو بايدن.
لكن بعد ما يقرب من عام على النزاع،
يرفض بايدن المواجهة مع الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفا ويمينية في تاريخها، مما
يزيد أيضا من الإحباطات في جدة، وفقا للشبكة.
ووافقت إسرائيل على استئناف المحادثات
حول هدنة في قطاع غزة في 15 أغسطس، بناء على طلب دول الوساطة قطر ومصر والولايات
المتحدة، بحسب ما أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، الخميس.
ودعا قادة الولايات المتحدة وقطر ومصر،
الخميس، إسرائيل وحماس إلى استئناف المفاوضات إما في الدوحة أو القاهرة الأسبوع
المقبل لتجاوز الخلافات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار.
وجاء في النص الذي وقعه أمير قطر ورئيسا
الولايات المتحدة ومصر أن الاتفاق الإطاري "مطروح الآن على الطاولة ولا ينقصه سوى
الانتهاء من التفاصيل الخاصة بالتنفيذ”.
وأضاف الزعماء الثلاثة "نحن كوسطاء
مستعدون -إذا اقتضت الضرورة، لأن نطرح مقترحا نهائيا لتسوية الأمور المتبقية
المتعلقة بالتنفيذ وعلى النحو الذي يلبي توقعات كافة الأطراف”.
ومع عودته إلى طهران عقب الاجتماع
الطارئ الذي استمر أربع ساعات، تقول الشبكة إن التركيز "تحول "قليلا إلى حزب الله،
الذي يعتزم أيضا الانتقام لاغتيال قائده العسكري الأعلى فؤاد شكر في بيروت قبل
ساعات من مقتل هنية”.
وكشف مسؤول أميركي ومسؤول استخباراتي
غربي شبكة "سي ان ان”، بأن المخاوف أصبحت الآن أكبر بشأن تصرف الجماعة المسلحة
المتمركزة في لبنان بمفردها.
وبالنسبة لنتنياهو، قد تبدو الجهود
الجارية مجرد مناورات لغوية تهدف إلى كبح رغبة إسرائيل في رد ساحق ضد أي من
المعتدين، إذ أنه يرى إيران وحزب الله كأيد مختلفة لنفس الرأس، وفقا للشبكة.
وباستثناء الهجوم المباشر على إسرائيل
في أبريل، كان حزب الله دائما يوجه الضربات التي تتردد إيران في توجيهها، وقد يوجه
هذه المرة ضربة مزدوجة، واحدة لشكر وأخرى لهنية من حماس.
وإذا كان هذا هو الحال، فإن انتقام
إسرائيل ضد حزب الله قد يتحول بسرعة إلى التصعيد الإقليمي الذي يجر إيران والذي
يخشاه الجميع.
ووفقا للتحليل، "لقاء جدة والدبلوماسية
عبر القنوات الخلفية يشتريان مساحة دبلوماسية ووقتا لتطوير مخرج له على الأقل بعض
الجاذبية في الوقت الحالي”.
وتبدي كل من إيران والولايات المتحدة،
بدرجات متفاوتة، انفتاحا على هذا المسعى. غير أن نجاح هذه المبادرة في تحقيق نتائج
ملموسة، أو تحولها إلى مجرد أمل زائف، يتوقف بشكل كبير على قرارات القيادة العليا
في طهران.