شريط الأخبار
الفن السابع الصيني يبهر الجماهير الاردنية بمهرجان بكين السينمائي بعمان طلبة جامعات يعتصمون رفضاً للعقوبات بسبب التضامن مع غزة الأردن يسير سربًا من المروحيات المحملة بالمساعدات لغزة المستشفى التخصصي يستقبل مراسل الجزيرة واطفال غزيين مصابين للعلاج فيتو امريكي ضد وقف العدوان في غزة تركيا وإسرائيل و"حلف الأقليات" بينهما الملك وآل نهيان يؤكدان ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان الخارجية :تنفيذ إخلاء طبي لصحفي قناة الجزيرة من غزة مراقب الشركات : تحقيق التنمية المستدامة يتطلب استثمارا بالموارد البشرية مقتل جندي احتلال واصابة قائد كتيبة بعمليات المقاومة شمالي غزة الملك: دور مهم للاتحاد الأوروبي في تحقيق السلام بالمنطقة الملك يغادر أرض الوطن متوجها إلى الإمارات 10 سنوات سجنا للنائب السابق العدوان بتهمة تهريب اسلحة للضفة الحكم بحبس مدانة بالاختلاس في "الاثار" ومحاكمة آخر في "المياه" شفطا مليوني دينار انتهاء مباراة الأردن والكويت بالتعادل الحد الأدنى للأجور: الفناطسة يطالب برفعه الى 300 وعوض يقدره بين 340 - 480 دينارا الملك يمنح أعلى وسام ملكي بريطاني من تشارلز الثالث الملكة تزور جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا الملك والرئيس البولندي يؤكدان على تطوير العلاقات الثنائية الحكومة تبشر بكميات ضخمة من الغاز الطبيعي.. لكنها تحتاج لملياري دولار وعشر سنوات

"الأونروا".. من كرت المؤن إلى "دائرة الاتهام"

الأونروا.. من كرت المؤن إلى دائرة الاتهام

علي سعادة 

تحولت من وكالة أممية لحماية اللاجئين الفلسطينيين والدفاع عن حقوقهم وتمثليهم في العالم من ناحية إنسانية، إلى أداة تسعى أمريكا والغرب إلى توظيفها باتجاه عقاب اللاجئين على مواقفهم السياسية ومطالبتهم بالعدالة.

اعتمادها على التمويل الذي يأتي غالبيته من أمريكا والغرب يضعها في موقع "الابتزاز" وتلقي الضربات بصمت وبردود فعل مرتبكة ومشوشة أقرب إلى "التواطؤ الإجباري"، والرضا بواقع الحال، لضمان مواصلة خدماتها.

المجتمع الدولي نفسه الذي تأمر على الفلسطينيين ومنح أرضهم للصهاينة وخلق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، يضيق الخناق على هذه المنظمة الأممية ويمنع عنها أوكسجين الحياة عبر قطع التمويل، والتحريض عليها للتخلص من رمزية وجودها كشاهد دولي وأممي على أن هناك لاجئين لا يزالون ينتظرون العودة إلى وطنهم الأم، ويطرقون جدران الخزان دون كلل أو ملل بوصفهم ضحايا العجز العربي والدولي.

في المفاصل الكبرى المتعلقة باللاجئين أو الشؤون الإنسانية التي شهدتها القضية الفلسطينية على مدى 75 عاما كان يطفو اسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي تعرف اختصارا بـ" الأونروا" أو "الوكالة" أو "وكالة الغوث" كما تعرف عند غالبية الفلسطينيين.

ومع أن تأسيس "الأونروا" في عام 1949 بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان بشكل مؤقت لفترة قصيرة ومحدودة إلا أنها لا تزال تواصل عملها منذ نحو 75 عاما، هو عمر التراجيديا واللجوء الفلسطيني.

وبدت "الأونروا" المؤقتة، وكأنها حالة دائمة، تواجه خطر الاندثار في السنوات الأخيرة رغم أنها عملت على تعديل برامجها للإيفاء بالاحتياجات المتغيرة للاجئين الذين باتت مشكلتهم مستعصية على الحل مع انغلاق أي أمل بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم سياسيا أو عبر التفاوض أو عسكريا.

لقد ارتبط وجود "الوكالة" في ذاكرة أجيال من الفلسطينيين بمدارس الوكالة وبالمراكز الصحية وبـ"كرت المؤن" تلك البطاقة التي تمنح لكل لاجئ ويتمكن بموجبها من الحصول على مواد تموينية ومعلبات وحليب وطحين وغيرها.

ووفق تعريف "الأونروا"، فإن لاجئي فلسطين هم أولئك الأشخاص الذين كانت فلسطين مكان إقامتهم الطبيعي خلال الفترة الواقعة بين حزيران/ يونيو عام 1946- وأيار/ مايو عام 1948، والذين فقدوا منازلهم ومورد رزقهم نتيجة الصراع العربي الإسرائيلي عام 1948.

وتقدم "الأونروا" خدماتها، التي أصبحت شحيحة ومهددة بالتوقف الكامل بسبب الحصار الأمريكي والإسرائيلي، لكافة أولئك الذين يعيشون في مناطق عملياتها والذين ينطبق عليهم تعريف "لاجئ" والمسجلين لدى "الوكالة" وبحاجة للمساعدة.

وكان أخطر ما واجهته "الوكالة" حين قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وقف مساهمة بلاده في ميزانيتها بهدف وقف عملها وإلغاء صفة اللاجئ، وتقليص عدد اللاجئين الفلسطينيين إلى 45 ألف فقط، وهم، حسب زعمه، الذي خرجوا من فلسطين عام 1948 ولا يزالون على قد الحياة.

قرار ترامب كان ينطوي على نية هدم ما تبنته الأمم المتحدة لسنوات طويلة وهو إن أبناء لاجئي فلسطين الأصليين والمنحدرين من أصلابهم مؤهلون أيضا للتسجيل لدى "الأونروا"، وعندما بدأت الوكالة عملها عام 1950، كانت تستجيب لاحتياجات ما يقرب من 750 ألف لاجئ فلسطيني، واليوم، فإن نحو 5 ملايين لاجئ يحق لهم الحصول على خدمات "الأونروا".

ويعيش ثلث المسجلون لدى "الأونروا" أو ما يزيد عن 1,4 مليون لاجئ، في 58 مخيم معترف به للاجئين في كل من الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.

وتمتاز الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية في المخيمات عموما بالفقر وبالكثافة السكانية وبظروف الحياة المكبلة، وبنية تحتية غير ملائمة كالشوارع والصرف الصحي، وبنسب بطالة عالية.

وتقتصر مسؤولية "الأونروا" في المخيمات على توفير الخدمات وعلى إدارة منشآتها.

وتشمل الخدمات التي تقدمها " الأونروا" التعليم الأساسي والمهني والرعاية الصحية الأولية، وشبكة الأمان الاجتماعي والدعم والبنية التحتية وتحسين المخيمات المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة، بما في ذلك في حالات النزاع المسلح.

ويذهب أكثر من نصف ميزانية "الأونروا" التي تقارب المليار، لبرامج التعليم حيث ارتبط اسم "الوكالة" في ذاكرة أربعة أجيال من اللاجئين الفلسطينيين بمقاعد الدراسة (الدرج) الخشبية الذي يتسع لثلاثة طلاب في غرفة صفية ضيقة أو غرفة من "الزينكو" وهو عبارة عن صفائح من الحديد، أو في خيمة نصبت مؤقتا، وفي جميع الأحوال كانت مصدرا إضافيا لمعاناة اللاجئين، حرارة لاهبة في الصيف، ودلف مياه في الشتاء، وبرك الطين التي تحول طرقات المخيم إلى برك موحلة.

ومع ذلك فقد تمرد آلاف الفلسطينيين على "ثقافة المخيم" و"ثقافة الوكالة" و"كرت المؤن" التي لازمت الكثيرين لسنوات، فانطلقوا نحو عالم التعليم والتعلم، فخرج من رحم الزقاق الضيقة والبيوت الطينية وبيوت الزينكو، أطباء ومهندسين وعلماء وشعراء وأدباء عرفوا على نطاق عربي وعالمي أيضا.

وكانت "الأونروا" هدفا للتصفية في أوقات عدة، وعادت إلى دائرة الحدث بعد الحرب المتوحشة التي يشنها الاحتلال ضد قطاع غزة، فهي، كما يقال مثل "خبز الشعير مأكول ومذموم"، الفلسطينيون يشككون في نوايا قياداتها في تصفية "الوكالة"، فيما الصهاينة يرون فيها في وجودها خطرا وجوديا على دولتهم بإبقاء قضية اللاجئين متوقدة.

وبينما كان العالم يتابع قرارات محكمة العدل الدولية التي أكدت أن النظر في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد دولة الاحتلال بارتكاب أفعال إبادة جماعية يقع ضمن اختصاصها، كان الاحتلال يطلق مزاعم بأن عددا من موظفي "الأونروا" شاركوا في أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وهي مزاعم هدفها التشويش على الأمم المتحدة ومحكمة العدل بالدرجة الأولى.

ورغم أنها مزاعم من طرف واحد، ولم يتم التحقق من صحتها فقد بادر المفوض العام لـ "الأونروا" فيليب لازريني إلى إنهاء عقود عدد من موظفيها في غزة بناء على "معلومات إسرائيلية" بدت كيدية وكاذبة مثل جميع روايات الاحتلال الهشة والزائفة.

الخوض في السياسة وظروف الصراع في المنطقة ليس من أهداف هذه المنظمة الأممية، وكان على إدارتها أن لا تلتفت لتلك المزاعم وأن تتبنى، حسب التفويض الممنوح لها، الدفاع عن حقوق اللاجئين الذين تمثلهم.

لقد تعرض اللاجئون، في قطاع غزة لهجمات إسرائيلية ارتقت إلى الإبادة الجماعية حسب تقدير محكمة العدل الدولية، وقتل فيها أكثر من ١٥٠ من موظفي "الأونروا"، كما تعرضت مقراتها ومراكز النزوح وآخرها مركز الصناعة في خانيونس للقصف من جيش الاحتلال، وتعرضت 65 مدرسة تابعة لها للتدمير الكلي والجزئي، ومع كل ذلك لم تصدر بيانات أو مواقف صريحة تتهم العدو بالإرهاب والهجمات واستهداف المدنيين.

"الأونروا" ارتمت في حضن السرد الإسرائيلي والأمريكي وخضعت للابتزاز من قبل الدول الداعمة لجرائم الإبادة بحجة استمرار الدعم المالي، كما يوضح بيان المفوض، بعد إعلان عدة دول من بينها: الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا واستراليا وإيطاليا وفنلندا تعليق مساهماتها في ميزانيتها.

وقال المفوض لازاريني في بيان "من أجل حماية قدرة الوكالة على تقديم المساعدات الإنسانية، قررت إنهاء عقود هؤلاء الموظفين على الفور وفتح تحقيق حتى إثبات الحقيقة بدون تأخير".

وتابع "كل موظف تورط يجب أن يحاسب، بما في ذلك من خلال ملاحقات قضائية".

وذكر بأن "أكثر من مليوني شخص في غزة يعتمدون على المساعدات الحيوية التي تقدمها الوكالة منذ بداية الحرب" وأن "كل من يخون القيم الأساسية للأمم المتحدة يخون أيضا أولئك الذين نخدمهم في غزة وفي المنطقة وفي أماكن أخرى من العالم".

وستبقى "الأونروا" رهينة الغرب طالما أن ميزانيتها تأتي منهم في ظل تقاعس عربي وإسلامي عن مداد ميزانية هذه الوكالة الدولية الحيوية في خدمة الفلسطينيين من ناحية التعليم والصحة والإغاثة والتوظيف والخدمات والبنية التحتية بجميع مقومات الحياة والبقاء.

قدس برس