مناظرات الأحزاب" نموذج يخلو من الاستعراضات
د.زهير أبو فارس
لفتني أحد المنشورات الترويجية على مواقع التواصل الاجتماعي لبرنامج
جديد لقناة المملكة تحت عنوان "مناظرات المملكة" استهوتني الفكرة
والمضمون وقررت المتابعه، ولم أندم! فقد وجدتُ طرحاً ونموذجاً إعلامياً افتقدناه
ليس فقط بالمشهد الاعلامي المحلي بل لربما العربي.
وجدت
في "مناظرات المملكة"بين الأحزاب ،خطوة لافتة، وغير تقليدية، في أسلوب
الحوار وطرح الأفكار والرؤى الحزبية لاهم القضايا والتحديات التي تواجه مجتمعنا
الأردني في المرحلة الراهنة ، خاصة وان مجتمعنا ،بكافة فئاته وقواه ومكوناته
المجتمعية ، يعيش حالة استنهاض جماهيري ، عمادها الأحزاب السياسية، التي تخوض
تجربتها الأولى لتحويل مخرجات المشروع الوطني للتحديث السياسي والاقتصادي
والاداري، إلى واقع عملي معاش ، وفق الرؤى الملكية للأردن الجديد في مئويته
الثانية.
لقد
جاءت فكرة البرنامج في محاكاة موفقة لبرامج عالمية شبيهة ، تعتمد اسلوب الحوار
المباشر والاحاطات المكثفة ، التي تغطي الموضوع المطروح ، من خلال أفكار محددة
واضحة ، بعيدا عن السرد الإنشائي والاستعراض الذي يضيع الأفكار ويشتتها في خضم
المقدمات الطويلة، والاستعراضات السياسية ذات الأسلوب التنظيري، ضمن القوالب التقليدية
المملة بالنسبة للجمهور، وبخاصة لفئات الشباب ، الذين يعرضون عن الأساليب القديمة،
ويبحثون عن وسائل استثنائية جديدة،تعرض الأفكار بصورة سريعة ومباشرة ، بل ان ما
يستهويهم هو الخبر السريع والمعلومة القصيرةالمباشرة ، أو ما يمكن ان نطلق عليها
"الساندويشة الاعلامية"، كبديل عن الأساليب القديمة للإعلام الجماهيري.
وهنا
،يمكن القول، بأن مقدم البرنامج الإعلامي المتميز محمد الخمايسة، قد نجح في إدارة
الحوار بأسلوبه الجاد ، السهل الممتنع، وحياديته بعيداً عن الاستعراض ، والتي
تحتاجها مثل هذه البرامج، فأدار الحوار متنقلا بين ثلاثة أحزاب وبدبلوماسية
إعلامية كشف مواطن الضعف ونقاط القوة لبرامج الأحزاب وخطتها في استقطاب قواعد
شبابية ولعله كان محترفا في إعداد محاور حلقته الأولى من حيث مضمونها وشخوص
المشاركين فيها، الذين يمثلون احزاب سياسية ناشئة ومتحمسة للوصول إلى الجماهير واستقطابها
والتي يعقد عليها الرهان لتكون الروافع الحقيقية لتنمية الحياة السياسية،
والمشاركة الفاعلة في صياغة القرارات والحلول لاهم القضايا والتحديات.
لقد
نجح البرنامج في التأسيس لنمط جديد في إدارة الحوار ، وطرح الرؤى والأفكار التي
تمثلها الأحزاب السياسية البرامجية ، واستطاع ان يجذب فئات واسعة من الجمهور
والنخب ،ويثير تفاعلا واضحا حول المواضيع المطروحة ، وبخاصة ان حلقته الأولى ناقشت
قضية حيوية(البطالة) ، وتشكل تحديا وطنيا يشغل بال مجتمعنا شبابا وشابات، والذين
تمثل مشاركتهم في الحياة السياسية الوسيلة الفعالة في إحداث التغيير المنشود ،
وإيجاد الحلول المناسبة للتحديات التي تواجه مجتمعنا في المرحلة القادمة.
وأخيرا،
فإن إعلامنا بحاجة ماسة إلى مثل هذه البرامج الحوارية النوعية باسلوبها المباشر
والجذاب ، التي تمثل وسيلة فعالة لاستقطاب الجمهور ، وبخاصة الشباب،وتشكل منصة
مهمة للتواصل بينها وبين الأحزاب السياسية المتنافسة في طرح منطلقاتها ورؤاها
بطريقة مباشرة وبعدالة ، أسوة بالديموقراطيات العريقة في العالم . فبلدنا بقيادته
الحكيمة والواعية ، قد حسم أمره باتجاه الديموقراطية الحقيقية والإصلاح السياسي
المتدرج والمدروس ، الذي لا رجعة عنه ، يستحق أن نكون على مستوى المسؤولية الوطنية
، في المشاركة النشطة لبناء الوطن الاعز ، دولة القانون والمؤسسات الراسخة. ويقينا
ان للإعلام الوطني الجاد والملتزم ،دوره الهام في خدمة المصالح والقضايا الوطنية
الحقيقية. وبرنامج المملكة الذي نحن بصدده "مناظرات حزبية"،، يمثل خطوة
نوعية في هذا الاتجاه
*عضو مجلس الاعيان