ثورة شعبية تخلع رئيسة وزراء بنغلادش وتمهد لحكومة انتقالية.. وانفراج مع المعارضة


فرّت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة من
بنغلادش الإثنين لينتهي حكمها الذي استمر 15 عاما بعد أكثر من شهر على تظاهرات
أوقعت مئات القتلى، فيما أعلن الجيش أنه يعمل على تشكيل حكومة مؤقتة.
جاء ذلك بينما قتل 56 شخصا على الاقل
خلال الاحتجاجات الاثنين في حصيلة جديدة اوردتها الشرطة وأطباء.
سعت حسينة منذ أوائل تموز/يوليو لإخماد
تظاهرات واسعة نددت بحكومتها، لكنها فرت غداة يوم سجل أكبر عدد من الضحايا مع مقتل
نحو 100 شخص.
وأعلن قائد الجيش الجنرال وقر الزمان في
خطاب على التلفزيون الحكومي الإثنين أن حسينة استقالت مؤكدا أن الجيش سيشكل حكومة
تصريف أعمال.
وقال بعد وقت قصير من اقتحام الحشود مقر
إقامة حسينة ونهبه إن "البلد عانى كثيرا وتضرر الاقتصاد وقُتل عدد كبير من الناس،
حان الوقت لوقف العنف”.
وخرج ملايين البنغلادشيين إلى الشوارع
في أنحاء الدولة جنوب الآسيوية للاحتفال الاثنين.
ولوّحت الحشود بالأعلام ورقص بعضهم فوق
دبابة في الشارع قبل أن يقتحم الآلاف بوابات مقر إقامة حسينة الرسمي.
وبثّت "القناة 24” المحلية صورا للحشود
وهم يركضون نحو المجمع حيث لوحوا للكاميرات فيما نُهبت المفروشات والكتب بينما
استلقى آخرون على الأسرّة.
– "سيتم التعامل مع المظالم” –
لكن الحشود هاجمت أيضا منازل حلفاء
مقرّبين من حسينة، وفق ما أفاد شهود فرانس برس.
وأضرم آخرون النار في محطات تلفزيونية
أيّدت حكمها وأحرقوا مكاتب حزبها "رابطة عوامي” وحطّموا تماثيل لوالدها الشيخ مجيب
الرحمن، بطل الاستقلال.
وقال المتظاهر كازا أحمد "حان الوقت
لمحاسبتهم على التعذيب.. الشيخة حسينة مسؤولة عن القتل”.
من جانبه، دعا قائد الجيش إلى وقف
الاحتجاجات، متعهّدا "النظر في جميع المظالم”.
وأفاد الضابط في قوة المشاة بأنه
سيتحدّث إلى الرئيس لتشكيل حكومة تصريف أعمال في الدولة التي تعد 170 مليون نسمة.
ولم يتضح بعد إن كان سيرأسها.
دعمت قوات الأمن حكومة حسينة أثناء فترة
الاضطرابات التي بدأت الشهر الماضي احتجاجا على توزيع الوظائف الحكومية بناء على
نظام حصص لصالح فئات اجتماعية وعائلات معينة، قبل أن تتحوّل لمطالبات أوسع
باستقالتها.
وأفاد وقر الزمان بأنه أجرى محادثات مع
أحزاب المعارضة الرئيسية وشخصيات من المجتمع المدني، ولكن ليس مع رابطة عوامي.
فرت حسينة (76 عاما) من بنغلادش على متن
مروحية حسبما قال مصدر مقرب منها لوكالة فرانس برس.
وأفاد مصدر عالي المستوى في الهند أن
حسينة "تمر في البلاد ولكنها متوجّهة إلى لندن”.
وأكد الجيش البنغلادشي أنه أغلق مطار
دكا الدولي مساء الاثنين، من دون الكشف عن السبب.
لكن المحتجين دعوا على نطاق واسع إلى
ضمان بقاء حلفاء حسينة المقرّبين في البلاد.
– "فراغ كبير” –
وحذر مايكل كوغلمان، مدير معهد جنوب
آسيا في مركز ويلسون في واشنطن، من أن رحيل حسينة "سيترك فراغا كبيرا” مشيرا إلى
أن البلاد دخلت في "المجهول”.
وقال إن "الأيام المقبلة حاسمة، مع
تحرّك البلاد باتّجاه ما يؤمل بأن تكون فترة انتقال سلمي. الأساس الآن هو المضي
قدما بالعملية لتأسيس هيئة مؤقتة وتخفيف الضبابية وخفض خطر حدوث مزيد من
التقلبات”.
وفي عدة حالات، لم تتدخل قوات الجيش
والشرطة لوقف احتجاجات الأحد، بخلاف ما كان عليه الحال خلال الشهر الماضي عندما
كانت المسيرات تنتهي مرة تلو الأخرى بقمع دموي.
والاثنين، أقام جنود وعناصر شرطة
بمركبات مدرعة في دكا تحصينات على الطرق المؤدية إلى مكتب حسينة مستخدمين الأسلاك
الشائكة. لكن حشودا ضخمة ملأت الشوارع وحطمت الحواجز.
ويعرف عن بنغلادش تاريخها الطويل في
الانقلابات.
أعلن الجيش حالة طوارئ في كانون
الثاني/يناير 2007 عقب اضطرابات سياسية واسعة وشكل حكومة تصريف أعمال مدعومة من
الجيش استمرت عامين.
ثم حكمت حسينة بنغلادش منذ 2009 وفازت
بولاية رابعة في انتخابات كانون الثاني/يناير التي لم تشهد منافسة حقيقية.
واتهمت منظمات حقوق الإنسان حكومتها
بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ إمساكها بالسلطة والقضاء على المعارضة، بما في
ذلك عبر القتل خارج نطاق القضاء.
وأمر رئيس بنغلادش محمد شهاب الدين
الاثنين بالإفراج عن رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة خالدة ضياء، وكذلك عن
الأشخاص الذين اعتقلوا خلال التظاهرات، وذلك بعد بضع ساعات من فرار رئيسة الوزراء
الشيخة حسينة.
وأورد بيان أصدره مكتب الرئيس أن
اجتماعا برئاسة شهاب الدين "قرر بالإجماع الإفراج فورا عن رئيسة الحزب الوطني
البنغلادشي خالدة ضياء” وعن "جميع الأشخاص الذين اعتقلوا خلال تظاهرات الطلاب”.
وأضاف البيان أن "الاجتماع قرر تشكيل
حكومة انتقالية على الفور”.
وشارك في الاجتماع قائد الجيش الجنرال
وقر الزمان وقادة القوات البحرية والجوية وقادة عدة أحزاب معارضة بينها الحزب
الوطني البنغلادشي وحزب الجماعة الاسلامية.
من جانب آخر، أعلن الجيش أنه سيرفع فجر
الثلاثاء حظر التجول الذي فرضه لاحتواء الاحتجاجات، بعد ساعات من إمساكه بمقاليد
السلطة عقب الإطاحة برئيسة الوزراء الشيخة حسينة.
وقال الجيش في بيان إن "المكاتب
والمصانع والمدارس والكليات… ستكون مفتوحة” اعتبارا من الساعة السادسة صباح
الثلاثاء (00,00 بتوقيت غرينتش).