شريط الأخبار
بدء قمة ولي العهد السعودي وترامب بالرياض: ملفات سياسية واقتصادية واستثمارية وأمنية نتنياهو بعد صفعة ترامب: قد نوافق على هدنة مؤقتة، لكن لا يوجد سيناريو تتوقف فيه الحرب الأمن يقبض على 10 اشخاص اعتدوا على مركبات في العقبة الجيش يقبض على 5 أشخاص حاولوا اجتياز الحدود الشمالية عودة 17 طفلاً إلى قطاع غزة بعد تلقيهم العلاج في المستشفيات الأردنية قرار قضائي بالغاء احالة امين سلطة المياه للتقاعد المبكر زين تقدم حلول اتصالات متكاملة لمشروع "أبراج بوابة الأردن" العيسوي: الملك يقود تحديثًا يعزز منعة الدولة ويوازن بين الأمن والعدالة ورقة موقف لـ"الديمقراطي الاجتماعي" حول المناهج: التحرر من إرث التلقين والحشو والذهاب لتفاعلية حديثة وتفكير ناقد الضمان : خمسة دنانير وثمانون قرشاً مقدار الزيادة السنوية للمتقاعدين الأردن يدين إقتحامات الاقصى ومحاولة تدنيسه بالقرابين: سابقة خطيرة الملك وولي العهد يحضران عقد قران الأميرة عائشة بنت فيصل محافظة العاصمة وغرفة تجارة عمان يبحثان آليات التعاون والتنسيق المشترك الحباشنة تحاضر حول مشروع قانون الضريبة على الأبنية والعقارات لعام ٢٠٢٥ بالاردنية للعلوم والثقافة حماس تسلم الاسير الامريكي الاسرائيلي وتدعو لمفاوضات شاملة هل تتراجع نذر الحرب التجارية: امريكا والصين يعلقان جزئيًا الرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا اسعار الذهب تنخفض بقوة بقيمة 2.3 دينار خلال ساعتين الجيش والامن العام يؤجلان أقساط السلف والقروض لشهر أيار بلاغ حكومي بعطلة رسمية بعيد الاستقلال 25 الجاري الاحتلال يباشر بوضع يده ونهب اراضي منطقة c بالضفة المحتلة

شبكات التواصل الاجتماعي وزعامات الظل

شبكات التواصل الاجتماعي وزعامات الظل


تمارا خزوز

شبكات التواصل لا تعمل في الفراغ، بل هي انعكاس حقيقي للواقع الاجتماعي الذي تعمل فيه. وهي ليست مجرد أدوات تقنية، بل محركات لتشكيل الرأي العام وتأطير القضايا المجتمعية، بشكل يفوق الأثر الذي تملكه أي وسيلة إعلامية أخرى، بما فيها تلك التابعة للدولة.


اليوم، وعلى هذه الشبكات، تتوارى زعامات إلكترونية خلف الشاشات، بعضها يعتمد في خطابه على إثارة العواطف، وتأجيج المشاعر، وبث خطاب الكراهية. وهذه ظاهرة عالمية مستفحلة، لكنها في الأردن تحمل بعض الخصوصية، حيث تعتمد بعض هذه الحسابات في قوة محتواها وسرعة انتشارها وازدياد عدد متابعيها على معلومات مسرّبة من داخل أجهزة الدولة وأروقة المكاتب الحكومية، ومحاضر الاجتماعات، والكتب المصنفة بأنها سرية. قد يكون مصدر ذلك موظفين غاضبين، أو من يظنون أن ما يقومون به هو شكل من أشكال مكافحة الفساد. ولكنه، في حقيقة الأمر، تقويض لمؤسسات الدولة، وانتهاك لقدسية الوظيفة العامة، وتعريض الأمن المجتمعي للخطر. فمكافحة الفساد في كل دول العالم تُعالج بسرية بهدف التوثيق، والاستقصاء، وجمع الأدلة، وتقديمها للقضاء والجهات المختصة. بعكس ما يحدث حاليًا، حيث إن المستفيد الحقيقي من هذا التأجيج هي الحسابات الإلكترونية التي تتضخم شعبيتها وقوتها على حساب أمن الدولة واستقرارها.


يشير الباحث التونسي جوهر الجمّوسي في كتابه «الافتراضي والثورة - مكانة الإنترنت في نشأة مجتمع مدني عربي» لهذه الظاهرة التي تغير فيها مفهوم الزعامة في المجتمعات العربية فيقول «فقد تلاشى مفهوم الزعيم القوي الذي يعتمد على حضوره وتأثيره المباشر، واستُبدل بمفهوم جديد قائم على التواصل الشبكي. القيادة أصبحت تستند إلى تأثير غير مرئي عبر الإنترنت، يعتمد على الفكر والمشاعر بدلًا من الحضور الفيزيائي». 
الإشكالية في نموذج هذه الزعامات الجديدة أنها لم، ولن، تُفضي إلى تحول سياسي واجتماعي حقيقي. لأنها ببساطة تعجز عن إعادة صياغة مفاهيم العدالة الاجتماعية وتداول السلطة وإدارة الدولة، لعدم تملكها لأي جذور أو أبعاد معرفية. كما أنها لا تسهم في تعزيز نفوذ القوى المدنية داخل المجتمع، ولا تساعد على إنتاج كيانات اجتماعية جديدة قادرة على التآلف لبناء مجتمع مدني يتمتع بسلطة التعبير، يدعم العملية الديمقراطية، ويمكّن المواطنين من المساهمة الفاعلة في صناعة القرار. على العكس، هذه الزعامات تكرّس الهويات الفردية الفرعية – سواء كانت إقليمية، عائلية، عقائدية، أو دينية – مما يدفع الأفراد إلى الاحتماء بجماعاتهم الخاصة. ونتيجة لذلك، يتحول خطابهم إلى خطاب كراهية وتحريض، وهو إشكالية بحد ذاتها، خاصة في اللحظات الحرجة التي تمر بها الأمة، وهي لحظات تتطلب التماسك والترابط الاجتماعي لحماية الدولة في مواجهة المخاطر الخارجية.
الأخطر هو قدرة هذه الشبكات على تأطير العلاقات الإلكترونية بين مستخدميها، وتحويلها، في كثير من الأحيان، إلى علاقات اجتماعية حقيقية. وعندما تغلب على هذه الشبكات أنماط التأثير العاطفية المعتمدة على أساليب الإثارة وبث الإشاعات وخطاب الكراهية، فإنها تُصبح وصفة جاهزة لمشاكل سياسية واجتماعية أعمق وأخطر. في مثل هذه الحالات، تتحول الشبكات إلى أداة لاستقطاب الجماهير وتجييشها ضد مؤسسات الدولة، بل ومكونات المجتمع نفسه.
والسؤال المطروح هنا: هل تستطيع الدولة تحمل الكلف الباهظة لهذه الظاهرة إذا ما استفحلت وامتد أثرها؟ وماذا تحتاج الدولة من مؤشرات أخرى لإعلان حالة الاستنفار لمواجهة هذه الآفة؟ المواجهة تتطلب تدخلًا عاجلًا وإستراتيجيات شاملة، تعتمد على سياسات عامة تعزز البنى التحتية الاجتماعية كحواضن لمحاربة خطاب الكراهية بشكل علمي ومدروس، بعيدًا عن النهج الأمني، وتمنح القوى المدنية أدوات للتأثير الإيجابي في الفضاء العام. وإلا، فإن المجتمع الأردني كاملًا سيكون مجددًا رهنًا لتجاذبات «البندورة» وزعامات الظل.

 الغد